من بين كل ثلاثة أنواع من الأسماك هناك نوع مهدد بالانقراض، ومن بين كل ثمانية أنواع من الطيور هناك نوع مهدد بالانقراض، هذا فضلا عن أكثر من نصف أنواع الحشرات والنباتات علي كوكب الأرض، كل هذه الكائنات مهددة بالانقراض بسبب رعونة الإنسان وغروره وجهله، أما الثدييات التي ننتمي إليها نحن البشر فنوع من كل أربعة أنواع منها مهدد بالانقراض، أي أن ربع الثدييات باتت مهددة بالاختفاء. لهذا اختارت الأممالمتحدة شعاراً ليوم البيئة العالمي هذا العام يعكس الرغبة في الحفاظ علي التنوع البيولوجي علي كوكبنا، هذا التنوع الذي يعد صمام أمان لاستمرار الحياة علي الأرض، هذا التنوع الذي أصبح مهدداً أكثر من أي وقت مضي بصورة تهدد مستقبلنا جميعا، ليس فقط مستقبل الكائنات المهددة بالانقراض، بل أيضا مستقبل الكائنات المرشحة للبقاء، وفي مقدمتها الإنسان، إننا نواجه خطراً غير مسبوق منذ العصر الذي انقرضت فيه الديناصورات، فالتغيرات المناخية والنمو الاقتصادي الجائر علي البيئة والموارد يهددان التنوع الحيواني والنباتي علي سطح الأرض وفي أعماق البحار، والأمر ليس مجرد انقراض نوع من الطيور أو الحشرات أو الحيوانات، وليس مجرد اختفاء أنواع من النباتات، إن الانقراض الجماعي للأنواع يهدد التوازن في دورة الحياة علي الأرض، ويهدد بقاء الإنسان. لقد اختارت الأممالمتحدة «أنواع كثيرة... كوكب واحد... مستقبل واحد...» شعاراً لليوم العالمي للبيئة لعام 2010، ويوم البيئة العالمي يصادف يوم 5 يونيو من كل عام، إنه اليوم الذي تحتفل به دول العالم منذ عام 1972 وتتخذه ناقوس خطر ينبه الغافلين عن المخاطر التي تحيط بنا. وقد بدأ الاحتفال عندما انطلقت أول صيحة تحذير دولية تنبه للمخاطر التي يتعرض لها كوكبنا بسبب التلوث الذي نتج عن الثورة الصناعية. ففي عام 1972، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 5 يونيو يوماً عالمياً للبيئة وذلك في ذكري افتتاح مؤتمر استكهولم حول البيئة الإنسانية، كما صدقت الجمعية العامة في اليوم ذاته علي قرار تأسيس برنامج الأممالمتحدة للبيئة. وفي كل عام يتم اختيار شعار ليكون شعاراً لليوم العالمي للبيئة، يعمل جميع الناشطين من أجل إنقاذ الكوكب تحت هذا الشعار ويترجمونه إلي فعاليات وأنشطة متنوعة تهدف إلي زيادة أعداد من يتبنون قضايا الدفاع عن البيئة، في العام الماضي رفعت الأممالمتحدة شعار: «كوكبنا يستغيث بنا، فلنكن أمماً متحدة في مكافحة تغير المناخ»، وفي عام 2008 كان الشعار: «فلنكسر العادة». وهذا العام ومع تزايد المخاطر التي تهدد التنوع البيولوجي علي كوكبنا، خاصة بعد فشل قمة كوبنهاجن الأخيرة في نهاية العام الماضي في تبني موقف عالمي حازم في مواجهة التغيرات المناخية، رفعت الأممالمتحدة شعاراً يعكس أهمية التنوع لمستقبل كوكبنا، إن الشعار كما تقول نشرة منتدي البيئة التي تصدرها الشبكة العربية للبيئة والتنمية، «عبارة عن رسالة تركز علي الأهمية المحورية للثروة الإيكولوجية عبر العالم من الأنواع الحية وأيضا النظم البيئية، إن يوم البيئة العالمي هذا العام يقدم الدعم العالمي للتنوع الحيوي». وفي كل عام يتم اختيار دولة من الدول لاستضافة الاحتفالية العالمية، بالطبع تشارك جميع دول العالم من خلال مؤسساتها الحكومية والأهلية ومن خلال مبادرة الناشطين فيها في قضايا البيئة في هذا الاحتفال، لكن تكون هناك دولة تعد بمثابة المضيف للاحتفال الرسمي الرئيسي. وفي هذا العام وقع الاختيار علي رواندا تلك الدولة الأفريقية صغيرة المساحة واسعة الثراء في تنوعها البيولوجي، إن رواندا دولة من دول منابع النيل تعاني من مشكلات عديدة، لكنها أخذت في السنوات الأخيرة تتبني سياسة بيئية رشيدة، وأصبحت معايير السلامة البيئية تحكم كل سياسات التنمية في هذا البلد الأفريقي الذي أضحي رائداً في المجال البيئي، وقد حكي لنا الدكتور عماد الدين عدلي رئيس مجلس إدارة المكتب العربي للشباب والبيئة، وأحد أبرز الناشطين في مجال البيئة في مصر منذ أكثر من ثلاثة عقود، أثناء احتفال لجنة ثقافة البيئة بالمجلس الأعلي للثقافة والمكتب العربي باليوم العالمي للبيئة، كيف اتخذت رواندا قراراً بمنع استخدام البلاستيك أو حتي دخوله إلي البلد، حماية للبيئة من هذا العدو الخطير. لقد راهنت الأممالمتحدة علي أن يأتي احتفال هذا العام باليوم العالمي للبيئة احتفالاً غير مسبوق، فكل عام يزداد عدد المشاركين علي نطاق كوكبنا، اليوم انطلق الاحتفال الرسمي في كيجالي العاصمة الرواندية، وبالتوازي انطلقت آلاف الاحتفاليات في آلاف المواقع علي سطح الأرض. لنعمل معا جميعاً من أجل الحفاظ علي التنوع في الحياة علي كوكبنا الواحد الذي يجمع الإنسان مع غيره من الكائنات، لأن الدفاع عن هذا التنوع دفاع عن وجودنا، فالمستقبل واحد لنا ولغيرنا من الكائنات.