في اللقاء الذي أجرته معه الإعلامية راندا أبو العزم لقناة «العربية» قال السيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري وأمين عام الحزب الوطني «مبارك بحجمه لا يوجد له بديل، ولكن يوجد من تنطبق عليه شروط الترشح ومبارك أسطورة لن تتكرر» وهو قول يعد إضافة جديدة لسلسلة أقوال انفرد بها السيد صفوت الشريف علي مدي تاريخه المديد كصاحب أطول مدة قضاها وزير إعلام منذ إنشاء وزارة للإعلام في مصر، أقوال وتصريحات أضفت صفة الأنبياء والآلهة المنزهة عن الخطأ علي الرئيس وساعده علي ذلك طلاقة لسانه، فالسيد صفوت الشريف - كما عرف عنه - مكلمة يفيض ويستفيض في تحليل الأوضاع القائمة من منطلق واحد يلتزم به التزاما حديديا وهو الحريات غير المسبوقة التي يمنحها الحاكم والفرص المتاحة للشباب والنقد البناء والآخر الهدام، ناهيك عن الريادة الإعلامية والسماوات المفتوحة وأزهي عصور الديمقراطية! وغيرها مما يحفظها عن ظهر قلب كل من لديه قوة التحكم في أعصابه وهو يستمع إليها! فالبلد بخير، مستقر، ينمو ويزدهر مهما حاول المغرضون القلائل المندسة التشكيك في ذلك! والحقيقة أن السيد صفوت الشريف هو الذي يستحق أن ينعت بالأسطورة ويتصدر قائمة وزراء إعلام النظم الديكتاتورية في العالم، حيث تلعب هذه النوعية من الوزراء دورا فاعلا في الترويج لسياسات الحاكم الفرد وإقناع العامة بعظمة النظام الذي يحميها ممن يتربص بها وبأنه لولاه ما كان الأمان والاستقرار، تنقلب الدنيا وتزول أنظمة وتنشب الحروب هنا وهناك ولا يتزعزع الخبر الأول والثاني والثالث في نشرات أخبار الريادة الإعلامية عن تغطية يوميات الرئيس، مَن استقبله مَن أبدي إعجابه به ومَن استنار بحكمته التي تختال علينا! وفي لحظات الشدة يتحول الإعلام والإعلاميون إلي فرع أصيل من وزارة الداخلية وتجد بين نجومهم ماسح الأحذية وخدمة السيد الوزير ومن ينعم عليه ببدله القديمة ويصلي الجمعة خلفه وكاتب التقارير والرقابة التي تنكل بالحرف والكلمة وقائلها! ويا سلام لو كان وجه الآنسة أو السيدة المذيعة بشوشا، لفت انتباه الكبار، تفتح لها الأبواب الموصدة وتكون من أصحاب الحظوة وتتحول بقدرة قادر إلي شخصية مثقفة عالمة ببواطن الأمور، تجلس مع كبار المسئولين وتسافر علي طائراتهم وتحتكر السبق الأول والخبر غير القابل للتكذيب، تتحدث في السياسة وتحفظ الإنجازات ،تمشي مختالة بجوار رؤسائها ومن عداهم يصبحون مرؤوسيها! وحينما يأتي أوان الانتخابات والاستفتاءات يتحول المصريون في كل ربوع مصر إلي كلمة نعم وينبري هؤلاء الإعلاميون المحظوظون بالهتاف للروح الإيجابية للشعب المصري التي تدحض كل الأكاذيب التي تدعي انتشار السلبية وضعف المشاركة الشعبية، وآه يا سيدي عندما تحين المناسبات التي يراها الوزير تستوجب إجراء حوار مع الرئيس شخصيا، هنا تعقد اجتماعات علي درجة مرعبة من الخطورة والسرية، حيث يلتزم المحاور أو القيادة الإعلامية التي يقع عليها الاختيار لنيل هذا الشرف (وهو بالمناسبة اختيار محسوب ولا يتغير كثيرا) التزاما صارما بتعليمات السيد الوزير بكل ما يتعلق بتفاصيل هذا الحوار، الموضوعات التي يفضل السيد الرئيس الحديث عنها، مع الانضباط الصارم بكل التفاصيل التي تنصب كلها علي مبدأ أساسي هو ألا نزعج الرئيس بأي موضوع يزعج أو يعكر مزاجه، لم تكن هناك تعليمات مباشرة من الوزير بالتطبيل والتهليل للقيادة السياسية عمال علي بطال كما قد يتصور البعض، بل كانت الحظوة دائما للبيب الذي بالإشارة يفهم، يعرف الحدود والخطوط والعلامات من تلقاء نفسه، بل يتبرع بالتصرف فيها! سنوات طويلة سادت فيها مدرسة إعلامية في خداع العامة واحتقار مطالبهم، لعبت الدور الأهم في التراجع الإعلامي المصري، لم ينقذه سوي ثورة الإعلام في العالم وتقنياته المذهلة، أجبرت هذا النوع الرديء من الإعلام علي الاستجابة المتحفظة المرتبكة لتتجاوزها القنوات الخاصة المصرية وغيرها التي أفرجت بدورها عن كفاءات كانت مهملة في طرقات وأروقة ماسبيرو تعاني الإهمال وسوء المعاملة والتقدير، فلم تكن بشوشة ولا لبيبة بالقدر المطلوب وقانون هذا الإعلام لا يحميهم، يا سيادة الوزير أنتم الأسطورة.