بما أنه كان مصاباً بحالة من القصور العقلي والفكري.. وبما أنه كان علي الرغم من ذلك مغامراً ومقداماً والفكرة اللي تطق في دماغه يقوم بطرشها في وجه الحياة مباشرة بدون أدني تردد أو إعمال للعقل أو المنطق .. إذن.. لماذا لم يُرشح «فورست جامب» نفسه في انتخابات مجلس الشوري؟! أقولكم .. أولاً.. شاءت تصاريف القدر لفورست جامب أن يشترك في واحدة من أكبر المعارك القذرة والخادعة في تاريخ العالم.. حرب فيتنام.. فتعلم منها أن الحياة لم تخلق في الأساس لخوض المعارك الخادعة.. ومن المؤكد أنه عرف وقتها أنه كما أن الحرب خدعة فإن انتخابات مجلس الشوري أيضاً.. خدعة! ثانياً.. أنه كان حراً وطليقاً وماحدش له حاجة عنده.. يجد نفسه زهقاناً في عصرية أحد الأيام.. فيبدأ في الجري بدون حتي أن يغلق باب منزله وراءه.. ويستمر في الجري لأكثر من 3 سنوات متصلة.. حتي يزهق تاني أثناء الجري.. فيتوقف فجأة ويقرر.. «أنا راجع البيت».. إذن.. لم يكن فورست جامب علي إستعداد لأن يدخل في أي حسبة من أي نوع قد يجد نفسه فجأة فيها وقد تحول من إنسان حر تٌملي عليه فطرته وطبيعته وروحه أفعاله إلي إنسان آخر مش حر تٌملي عليه حاجات تانية خالص غير فطرته وطبيعته وروحه أفعاله! ثالثاً.. خاض فورست جامب تجربة أن يكون له عملاً خاصاً واشتري مركب متواضع لصيد الجمبري والكابوريا وإزدهرت تجارته حتي أصبح رجل أعمال ناجح في مجاله.. ولكنه ظل علي الرغم من نجاحه شريفاً وناصعاً وطاهراً.. إذن.. إيه اللي يخليه ييجي علي كبر ويخيب.. ويتخلي عن نصاعته وبراءته وطهره؟! رابعاً.. رأي «فورست جامب» الموت بأعينه في أكثر من موقف وفي أكثر من وضع.. رآه في حرب فيتنام القذرة.. ورآه عندما ماتت أمه أمامه علي السرير.. ثم عندما لفظت حبيبته ووأم إبنه «جيني» أنفاسها الأخيرة أمامه علي نفس السرير.. وعندها.. أيقن وتأكد أن الدنيا بالفعل فونيا والزمن كَبَّاس.. وأننا لسنا أكثر من أغراب جايين في زيارة خاطفة وماشيين.. وأنه كل من عليها فان.. ولا يبقي إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام.. وحدوه .. إذن.. وبناءاً علي ما تقدم ذكره.. كان من المنطقي جداً ألا يرشح فورست جامب نفسه في انتخابات مجلس الشوري.. بس!