المشهد أصبح مملًا من تكراره. فلان مرشح، وفلان آخر يعتذر، وفلان أخير معترض عليه. أغلب الوزراء مستمرون، فى مناصبهم، مع دمج وزارات أخرى، وكأن أزمة الحكومة السابقة كانت فى رئيس مجلس الوزراء المستقيل حازم الببلاوى فقط، ولم تكن فى مجلسه بالكامل، الذى أثبت فشله فى التعامل مع كل أغلب الملفات الحياتية للمواطن. المؤكد أن رئيس الوزراء المكلف، إبراهيم محلب، كان يعلم عن تكليفه بالوزارة قبل أن يتقدم الببلاوى باستقالته ورغم ذلك ظهرت العشوائية فى الاختيار، وتكررت الاعتذارات، بل وبدا رئيس الوزارة وكأنه يبحث عن «إبرة وسط كومة من القش» حسبما أكد عدد من السياسيين، مؤكدين أن ما حدث لا يمكن وصفه بالتعديل الوزارى، فرئيس الوزراء نفسه كان عضوًا فى الحكومة السابقة، وسيتم الإبقاء تقريبًا على أغلب وزراء حكومة الببلاوى، فى حكومة محلب.
حيث أبقى محلب على وزير الداخلية محمد إبراهيم ووزير الاتصالات عاطف حلمى، ووزير التربية والتعليم محمود أبو النصر، ووزير السياحة هشام زعزوع، ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة، ووزيرة الإعلام درية شرف الدين، وكذلك تم الإبقاء على المستشار أمين المهدى وزيرًا للعدالة الانتقالية، والمهندس أيمن فريد أبو حديد وزيرًا للزراعة واستصلاح الأراضى، وإبراهيم الدميرى وزيرًا للنقل، والسفير نبيل فهمى وزيرًا للخارجية، والمشير عبد الفتاح السيسى وزيرًا للدفاع.
إضافة إلى الوزراء الذين تم الإبقاء عليهم ودمج وزاراتهم مع وزارات أخرى كما حدث مع أشرف العربى وزيرا للتخطيط ودمج وزارته مع وزارة التعاون الدولى، واللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية ودمجت وزارته مع وزارة التنمية الإدارية، والمهندس خالد عبد العزيز وزير الشباب مع دمجها مع وزارة الرياضة، وأيضًا منير فخرى عبد النور وزيرا للاستثمار والتجارة الخارجية. وفى إطار تلك العشوائية تم التراجع عن إقالة وزير الرى محمد عبد المطب بعد اعتصامه فى مجلس الوزراء رفضًا لإقالته من منصبه، وتردد أمس كذلك الإبقاء على وزير الثقافة فى حكومة الببلاوى صابر عرب.
ويعلق على التشكيل الجديد للحكومة، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام وحيد عبد المجيد، بأنه يندرج تحت المثل الشعبى الذى يقول «أحمد زى الحج أحمد»، منتقدًا الطريقة التى يختار بها رئيس الحكومة المكلف أعضاء حكومته، مشددًا على أنه لم يقدم أى جديد، وتم اختيار الوزراء بنفس الطريقة القديمة، مضيفًا «طالما لا يملك رئيس الوزراء الجديد رؤية تساعده على تشكيل حكومته فلا ينتظر أحد أى أداء متميز من حكومته فى أى ملف».
عبد المجيد أضاف أن العملية التى يتم من خلالها تشكيل الحكومة تتسم بالعشوائية، ولا توجد خطة لاختيار الوزراء، معتبرًا أن «مصر هى الدولة الوحيدة التى تضع العربة أمام الحصان»، أما فى الدول المتقدمة تضع فى البداية رؤيتها قبل العمل ثم بعد ذلك تنظر إلى الأشخاص الذين من المفترض أن ينفذوا تلك الرؤية، ويكون من ضمن أسباب الاختيار هل لدى هؤلاء الأشخاص القدرة على تنفيذ الخطة الموضوعة أم لا؟ وتابع عبد المجيد، أنه حتى الآن يتم اختيار رئيس الوزراء على أساس المعرفة الشخصية، ويقوم هو بعد ذلك بدوره بالبحث عن شخصيات لملء الفراغات، وأضاف كنا ننتظر خطة عمل واضحة للحكومة، وأن يتم الاختيار على أساس معرفة ماهية مهام المرشح للوزارة، لكن للأسف منهج اختيار الوزراء فى مصر «مقلوب».
بدوره يرى مصطفى كامل السيد، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الاختيارات التى تم إعلانها فى تشكيل الحكومة الجديد تعنى أنه لن يحدث تغيير فى السياسات، لافتًا إلى أن الهدف من الحكومة الحالية هو الارتقاء فى مستوى الأداء فقط، ولن تقدم جديدًا، «فلن يكون هناك تغيير فى قانون الحد الأدنى، لكن الحكومة ستسعى إلى محاولة تنفيذه، ولن يكون هناك تغير فى الاقتصاد، لكن ستعمل الحكومة على زيادة الإنتاج، ولن يتغير أيضًا أسلوب التعامل مع الإخوان»، وشدد على أن الحكومة الجديدة ستكون «ضعيفة» والمشكلات التى تواجه البلاد أقوى منها، ولفت إلى أن الاختيارات الجديدة لم تعتمد على الرؤية، إنما المعارف الشخصية ولا يوجد معايير واضحة فى الاختيار، مشيرًا إلى أن جميع الوزراء الذين تم اختيارهم لا نعرف شيئًا عن رؤيتهم، وكان على رئيس الوزراء أن يقوم بإعداد استطلاع للرأى فى الجهات التى اختار منها الوزراء كى تتجنب الوقوع فى الحرج مثلما حدث مع الدكتور أشرف منصور، وما حدث فى القوى العاملة والآثار.
ومن جانبه قال عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، إن عملية دمج وزارات ليست مشكلة، لكن الأمر الذى يجب أن نقف ضده هو استبعاد الوزراء الحزبيين واستبدالهم بوزراء تكنوقراط، وأننى لا أبالغ عندما أصف حكومة محلب بأنها «حكومة موظفين ليس لها رؤية»، ولفت إلى أنه توجد تحفظات عديدة على الاختيار، لكنه أكد أن هذه الحكومة فى النهاية هى حكومة تسيير أعمال مدتها 5 أشهر وظيفتها الوحيدة هى الإشراف على الانتخابات، لكن مشكلات البلد أكبر منها.
مارجريت عازر، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الوفد، قالت إنه لا يوجد ما يسمى بال«الخطأ المطلق» فى تشكيل الحكومة الحالية، وبالتأكيد هناك علامات استفهام على وجود بعض الوزراء فى الحكومة الجديدة، وللأسف نحن ننظر فقط إلى تغيير الوجوه، لكن المطلوب هو تغيير السياسات، متابعة «للأسف رئيس الوزراء قام باختيار العديد من الوزراء رغم التحفظات عليهم، ولم يقدموا أداءً جيدًا خلال فترة عملهم فى الحكومة السابقة، وعلى الرغم من ذلك تم الإبقاء عليهم»، مشيرة إلى أنها تريد أن تحقق حكومة محلب 50% فقط فى ملف واحد هو «الأمن»، لافتة إلى أنها لا تريد توجيه الانتقادات للحكومة من البداية، ويجب النظر إليها على أنها حكومة مؤقتة.