«الخارجية الأمريكية»: من الواضح أن دولاً عديدة لها مصالح فى مصر.. وتريد أن تبنى علاقات معها مسؤول ب«الخارجية الأمريكية» ل«الدستور الأصلي»: نتطلع إلى استمرار علاقاتنا القوية مع مصر فى المستقبل
آن باترسون أمام «الكونجرس»: ما يقال عن نجاحات روسيا داخل مصر مبالَغ فيه للغاية.. وموسكو لن تستطيع منافسة علاقاتنا مع العسكرية المصرية
واشنطن فى ردة فعلها الأولى على زيارة المشير عبد الفتاح السيسى لموسكو حرصت على توخى الحذر وعدم الاندفاع فى التعليق عليها من جهة، ومن جهة أخرى حرصت أيضا على تأكيد وجود علاقة وطيدة وطويلة الأمد مع مصر والمؤسسة العسكرية فيها.
نائبة المتحدثة باسم الخارجية مارى هارف فى ردها على سؤال حول هذا الأمر قالت فى البداية إنها اطلعت على التقارير الواردة بشأن زيارة السيسى ونبيل فهمى وزير الخارجية لروسيا مضيفة: «ليس لدىّ أى تحليل لما يقومان به». ثم قالت فى رد على سؤال مماثل: «من الواضح أن دولا عديدة لها مصالح فى مصر، وتريد أن تبنى علاقات مع مصر وهى تسير قُدمًا».
وفى السياق ذاته قال مسؤول بالخارجية ل«الدستور الأصلي» إن الولاياتالمتحدة تظل ملتزمة بدعمها لمصر، بينما يمضى شعبها وحكومتها قُدمًا من خلال الانتقال الديمقراطى فى مصر. وأضاف المسؤول الأمريكى (الذى فضل عدم الإفصاح عن اسمه): «كما أننا نستمر فى العمل عن كثب مع مصر فى مجالات عدة، ومنها مكافحة الإرهاب وأمن المنطقة ونتطلع إلى استمرار علاقتنا القوية مع مصر فى المستقبل».
واختتم المسؤول كلامه ل«التحرير» حول زيارة السيسى لموسكو ذاكرًا أن «عليك بالرجوع إلى حكومتى مصر وروسيا للحصول على معلومات أكثر حول علاقتهما».
وكان أمر التقارب الروسى المصرى قد طُرح على آن باترسون مساعدة وزير الخارجية الأمريكى لشؤون الشرق الأدنى فى جلسة بالكونجرس منذ أيام قليلة فردت قائلة: «من وجهة نظرى ما يقال عن، أو ما يسمى بنجاحات روسيا داخل مصر لهو أمر مبالَغ فيه للغاية. وأنا أعنى أن لدينا علاقة قوية جدًّا وطويلة الأمد مع مصر على الصعيد العسكرى. هناك بعض الأسلحة الروسية المتبقية، وكانت هناك بعض الزيارات من جانب مسؤولين روس. ولكن مرة أخرى لا أعتقد أنها (روسيا) تستطيع أن تتنافس مع علاقتنا مع العسكرية المصرية». وكانت باترسون (سفيرة أمريكا السابقة لدى مصر) أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب لمناقشة سياسة الولاياتالمتحدة الأمنية والدفاعية فى الشرق الأوسط. باترسون وصفت فى شهادتها الوضع فى مصر بأنه «مقلق للغاية» وذكرت أن فى الأشهر القادمة ستكون لدى المصريين فرصة لاختيار رئيس جديد وبرلمان جديد كما تم التحديد فى خارطة الطريق التى وضعتها الحكومة المؤقتة. وقالت باترسون: على الرغم من أن الاستفتاء على الدستور فى يناير كان «خطوة هامة فى مرحلة الانتقال بمصر فإنه لم يجلب حلًّا للاستقطاب السياسى العميق جدًّا فى مصر». مضيفة: «ونحن نأمل أن الانتخابات القادمة سوف تأتى بحكومة تحظى بالاحترام وبقبول قطاع عريض من الشعب المصرى. وأيضا سوف تقوم بتحسين الاستقرار والآفاق الاقتصادية للبلاد».
من جهة أخرى قال ريتشارد كلابر، مدير الاستخبارت الوطنية الأمريكية فى شهادة له بالكونجرس يوم الثلاثاء الماضى: «إن مستوى المظاهرات والعنف المسلح فى الغالب لن يؤخر تقدم مصر نحو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية» كما قال أيضا: «إن مصر تواجه تهديدًا مستمرًّا من العنف المسلح، والذى هو موجّه فى المقام الأول تجاه الدولة، وهذا يستغل عدم قدرة الحكومة الانتقالية فى التحكم على شبه جزيرة سيناء. منذ عام 2011 بدأ نشوء سيناء كأرض عمليات متنامية للمسلحين ومنهم الإرهابيون لتخطيط وتسهيل وشن الهجمات».
وشهد الكونجرس أيضا مناقشة للإرهاب الذى يستهدف مصر. ففى جلسة استماع بمجلس النواب وأمام اللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب والاستخبارات بلجنة الأمن الوطنى تمت مناقشة أمن سيناء وتنامى وجود ونفوذ الجهاديين المسلحين و«القاعدة» فيها.
وقال بيتر كينج (جمهورى من ولاية نيويورك) رئيس اللجنة الفرعية المنظمة للجلسة: «إن جلسة الاستماع اليوم تركز على التزايد الخطير للنشاط الإرهابى فى مصر. وتوجد تقارير هامة فى السنوات القليلة الماضية عن الشبكات الجهادية التى تنتشر وتحتل مساحات فى شرق شبه جزيرة سيناء. وهذه الجماعات شنت هجمات ضد الجيش المصرى وإسرائيل والسفن المدنية فى قناة السويس وأهداف أخرى. ومثلما هو الحال بالنسبة إلى مناطق (ملاذ آمن) مشابهة هناك فجوات عديدة فى فهمنا لتلك الجماعات. كما أن حجمهم وعلاقتهم بعضهم ببعض وقدراتهم على التحرك ليست واضحة».
وتطرق رئيس اللجنة أيضا فى تقديمه لجلسة الاستماع إلى ما حدث داخل مصر قائلا: «خلال الشهر الماضى وحده قام الإرهابيون باغتيال مسؤول مصرى كبير وتفجير مديرية الأمن بالقاهرة وإسقاط طائرة هليكوبتر حربية وإطلاق صواريخ داخل إسرائيل. إن السرعة التى قامت بها تلك الجماعات فى تجميع قواها وتنفيذ عمليات شديدة التعقيد ليس فقط فى سيناء، بل فى وسط القاهرة جديرة بالاهتمام».
وحرص كينج على تأكيد أن «العمل مع الحكومة المصرية من أجل محاربة فعالة للشبكات الجهادية فى سيناء يجب أن يكون هدفًا أوليًّا فى علاقتنا مع القاهرة». ذاكرًا أيضا: «وللأسف فإن قرار الإدارة بقطع المساعدات العسكرية فى سبتمبر أعاق فقط هذا الجهد وأظهر لا مبالاة خطيرة تجاه مصالحنا المشتركة مع مصر، ومنها القضاء على الشبكات الجهادية التى تعمل فى سيناء وعلى امتداد البلاد. وإن تلك الجماعات تهدد المصريين الأبرياء والمصالح الأمريكية وحليفنا إسرائيل».
وعن ضرورة التعاون مع السلطات المصرية لمواجهة خطر الإرهاب قال ستيفن كوك الخبير بمجلس العلاقات الخارجية وأحد المشاركين فى الجلسة: «إن سحب الدعم الأمريكى لمصر لن يجعل مصر أقل اضطرابا» وذكر أيضا: «إن صناع القرار الأمريكيين فى حاجة إلى إعادة تأكيد للضباط المصريين بأن واشنطن تقف معهم فى الحرب ضد الإرهاب والتطرف. وبالتحديد فإن الإدارة والكونجرس يجب أن يقوما بإمداد الجيش المصرى بالأدوات والتكنولوجيا التى يحتاج إليها لمواجهة العنف المتطرف، والإفراج عن الأسلحة المعلقة وتحديدًا طائرات الهليكوبتر أباتشى، وتكوين مجموعة مكونة من ضباط أمريكيين ومصريين لتنسيق المساعدات بشكل متكامل وإقامة آلية أمن واستخبارات ومكافحة ثلاثية الأطراف أمريكية مصرية إسرائيلية التى تيسر تدفق المعلومات بين المؤسسات الأمنية فى تلك الدول الثلاثة».
واشنطن فى الأيام الأخيرة أكدت من جديد التزامها بالوقوف مع مصر فى المرحلة الحالية ومع حربها ضد الإرهاب. وبالطبع فإن الخطوات المقبلة سوف تكون اختبارًا لمدى صدق تلك التأكيدات والتصريحات فى التعامل مع أمن مصر، ومن ثم أمن المنطقة.