أكثر من قاعدة راسخة ومستقرة حطمها مهرجان «كان» في هذه الدورة وعندما يغير مهرجان بحجم «كان» أصول اللعبة «المهرجانية» فإن كل المهرجانات الأخري سوف تلعب في المساحة نفسها.. بدأ المهرجان أول اختراق عندما عرض الفيلم البريطاني «طريق أيرلندا» ل «كين لوتش» في المسابقة الرسمية، وذلك قبل بداية المهرجان بثلاثة أيام فقط رغم أنه طوال دوراته حتي هذه الدورة التي تحمل رقم «63» كان حريصاً علي إعلان أسماء أفلام المسابقة في منتصف شهر أبريل.. ومهما ساق المهرجان من مبررات ومنها أهمية اسم المخرج وحساسية وتفرد القضية التي يتناولها، وبأن - المخرج - سبق له الحصول علي السعفة الذهبية بفيلم «الريح التي تهز الشعير»، كل هذا لا يمكن أن يمنح المهرجان شرعية الخروج علي قواعد مستقرة.. ولم يتوقف المهرجان عند هذا الحد، بل إن آخر الأفلام التي عرضت بالمسابقة الرسمية، الفيلم الروسي: «المحروق بالشمس» الجزء الثاني للمخرج الشهير «تاكينا ميخالكوف» هذا الفيلم سبق عرضه تجارياً بموسكو وكان المهرجان يمنع عرض أي أفلام في المسابقة الرسمية سبق عرضها في بلادها.. وأتذكر أن مهرجان القاهرة تعرض في فترة سابقة للمساءلة من قبل الاتحاد الدولي للمنتجين التابع إليه المهرجانات الرسمية، وذلك عندما عرض أحد الأفلام العربية سبق عرضه في مهرجان صغير، اعتبرت في ذلك الوقت مخالفة كبري رغم أن مهرجان القاهرة كانت لديه حجة قوية وهي ندرة الأفلام العربية الحديثة والجيدة وأن المهرجان ليست لديه اختيارات أخري، ورغم ذلك فلقد حصل مهرجان القاهرة وقتها - منتصف التسعينيات - علي إنذار ولم يكرر هذا الخطأ أو ما اعتبره الاتحاد الدولي للمنتجين خطأ فادحاً.. وأتصور أنه من حقنا أن نتجاوز بعض هذه القيود وغيرها الآن بعد أن سبقنا «كان».. لقد كنا قبل عدة سنوات أيضاً نطبق قاعدة بكل صرامة وهي أن فيلم الافتتاح لا يجوز عرضه داخل المسابقة الرسمية، وكانت أيضاً الحجة أن فيلم الافتتاح يحظي بدرجة اهتمام وترقب إعلامي وحفاوة بالغة، فكيف يستقيم ذلك مع مشاركته في التسابق، لكن مهرجان «كان» حطم هذه القاعدة قبل عشر سنوات فصار ممكناً أن نشاهد في الافتتاح فيلماً ويشارك أيضاً في التسابق.. قاعدة أيضاً أخري حطمها المهرجان في هذه الدورة وهي أن تتصدر أفيشه صورة النجمة الفرنسية «جولييت بينوش» و«جولييت» لها فيلم داخل المسابقة «نسخة أصيلة» ل «عباس كيروستامي»، وصورتها كشعار المهرجان تعني بالطبع انحيازاً لها وكانت بالفعل «سعفة» أفضل ممثلة من نصيبها رغم أنها تستحقها عن جدارة ولكني أتحدث عن المبدأ.. أكثر من حاجز قفز فوقه المهرجان وأغلب الظن أن المهرجانات الأخري لن تتردد هي أيضاً في أن تمارس القفز فإذا رأينا مهرجان «كان» بالدف ضارباً فشيمة كل المهرجانات هي الرقص!!