بدأ العد التنازلى للموعد المحدد للاستفتاء على التعديلات الدستور، التى انتهت منها لجنة الخمسين وسلمتها لرئيس الجمهورية، وأعلن بدوره عن دعوة المواطنين للاستفتاء على مواده فى 14و 15 يناير الجارى. المؤيدون للتعديلات الدستورية يرون أن هناك أسبابًا جوهرية تجعلهم من الداعين للموافقة على الدستور، ومن بينها أن هذا الدستور كتب من تشكيلة متباينة من الشخصيات والاتجاهات السياسية المختلفة عبرت عن توجهات المجتمع بأحزابه وحركاته السياسية، وفئاته العمرية، والجنسية، كما أن من المبررات التى تدفع تلك القوى للتصويت بنعم هى تلك المواد المستحدثة التى لم ترد فى أى من الدساتير المصرية السابقة، وصل عددها إلى 42 مادة أغلبها فى باب الحقوق والحريات.
هذا إضافة إلى 45 مادة تحدث عنها رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى وتضمن تلك المواد حقوق العمال والفلاحين، وتضمن الدستور الجديد أيضًا مواد مستحدثة تتحدث عن حقوق أصحاب الاحتياجات الخاصة، ونصت المادة المتعلقة بذلك على أن «تلتزم الدولة برعاية ذوى الاحتياجات الخاصة، وتيسير سبل الحياة لهم بما فى ذلك تحديد فرص العمل».
واستحدث الدستور الجديد كذلك مادة تلزم الدولة بوضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل توفير البنية الأساسية والمرافق وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة، كما تكفل توفير الموارد اللازمة للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة، واستحدثت مادة أخرى تلتزم فيها الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيًّا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وكذلك استحداث مادة جديدة لرعاية الشباب تنص على أن «تلتزم الدولة برعاية النشء والشباب وتعمل على إتاحة الفرصة لهم وتمكينهم من المشاركة فى تولى المناصب العامة».
من جانبه، يرى عضو لجنة الخمسين، محمد سامى، أن المادة التى تتحدث عن كفالة التأمين الاجتماعى لكل مواطن مصرى مهما كانت ظروف عمله أو عمره أو عدم وجود تأمينات اجتماعية «من أهم المواد التى ينص عليها الدستور وتهم المواطن المصرى بشكل مباشر، فهى ترسخ قيم الانتماء لدى المواطن تجاه بلده وتشعره أن المجتمع يكفل له حياة كريمة بعيدًا عن انتظار مساعدات أهل الخير أو الجمعيات الأهلية».
ممثل التيار القومى باللجنة أوضح أيضًا أن المواد الخاصة بميزانية التعليم والبحث العلمى والتعليم الجامعى من أهم مواد الدستور التى تؤسس لتقدم الدولة ورفعة مكانتها، مضيفًا أن باب الحريات أيضًا من أفضل الأبواب الموجودة فى الدستور بشهادة الجميع، إلا أنه قال إن مثل هذا الباب يهم قطاع المثقفين والنخبة، لكن المواطن العادى يهتم بالمواد التى تلتصق به وبتنمية حياته بصفة مباشرة.
بدوره يرى أيمن السيد عبد الوهاب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك ثلاثة أنواع من المواطنين سيصوتون ب«نعم» على الدستور، الأول لأسباب مرتبطة باستقطاب الدولة، والثانى لأسباب مرتبطة باكتمال خارطة الطريق والمضى فى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، والثالث لأسباب مرتبطة بتميز مواد الدستور، مضيفًا أن الدستور فى حقيقته دستور متميز، وبه الكثير من الإيجابيات، فباب الحقوق والحريات به نصوص واضحة وصريحة تؤكد عديدًا من الحريات والحقوق للمواطن، ومواد تؤكد فكرة المواطنة والعدالة الاجتماعية وتنمية المجتمع واحتكام الدولة للقانون.
عبد الوهاب قال إن الناس ستقول «نعم» للدستور من أجل الاستقرار وللدفع فى تنمية المجتمع وحصار التيار الدينى المتشدد الإرهابى قائلًا «كلما زاد الإقبال على المشاركة فى الاستفتاء دل ذلك على رغبة المجتمع فى حصار هذه الجماعات وعزلها شعبيًّا»، مضيفًا أن البعض سيذهب لمصلحة خاصة له يرى الدستور كفلها له كفئات الشباب والعمال والفلاحين والمرأة، والبعض الآخر سيذهب من أجل المصلحة العامة واستقرار الأوضاع السياسية الحالية والبدء فى بناء الدولة.
وجهة نظر مغايرة تبناها نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور وحيد عبد المجيد الذى قال إن المعيار الأساسى فى تقييم أى دستور هو النظر إلى محصلته النهائية ومقارنتها بالدساتير السابقة له، وإذا كانت المحصلة النهائية أفضل، فهذا يعنى أن هذا الدستور أفضل من سابقه دون الوقوف على كل مادة ومقارنتها، لأن كل مادة بالتأكيد هناك ما يواجهها ويجابهها، مضيفًا أن البعض لديه اعتراضات على بعض مواد الدستور، لكن هذا لا يعنى أنه سيصوت عليه ب«لا»، لأن الدستور فى مجمله دستور جيد، وبه الكثير من الإيجابيات، فباب الحقوق والحريات أفضل من باب الحقوق والحريات فى الدساتير السابقة، ونظام الحكم، إن لم يكن النظام الممتاز الذى نتمناه، معقول ويعد نسبيًّا خطوة نحو الأفضل.
عبد المجيد قال أيضا إنه مع ضرورة مشاركة أكبر عدد من المواطنين فى التصويت على الدستور سواء ب«نعم» أو «لا»، لأن المعيار الأساسى ليس نجاح الدستور بنسبة «نعم» أو «لا»، لكن بنسبة المشاركة، فهذا الاستفتاء ليس استفتاءً على الدستور، فالدستور جزء صغير منه، لكنه استفتاء على المرحلة الانتقالية وخارطة الطريق، فمن سيشارك إذن هو مؤيد لخارطة الطريق، ولذلك دعا الإخوان المواطنين لمقاطعة الاستفتاء، وهددوا بمنع المواطنين من التوجه للجان التصويت، قائلًا «أنا لست وصيًّا على المواطن لأدعوه للتصويت بنعم ولا، فهو حر وأدعوه لقراءة الدستور جيدا، وتحديد موقفه بنفسه، فأيًّا كان التصويت بنعم أو لا، فكلاهما فى صف واحد، وهو تأييد خارطة الطريق، لكن المعيار الأساسى فى النجاح هو نسبة المشاركة مقابل نسبة المقاطعة».