علي شاطئ النيل وقعت عيني علي قطعة من الحجارة، فأخذتها ومسحتها، لعلها من الأحجار الكريمة، ولكني لا أعرف الأحجار الكريمة، ولا غير الكريمة، أما الجواهرجي الذي سألته عنها، فلم يستطع أن يحدد نوعها، ودلني علي آخر يدعي سليمان، الذي تفحصها بعناية، وقال إنها خليط من أنواع مختلفة من الأحجار، وعرض علي أن يشتريها لتصبح فصا كبيرا لخاتم، فقلت: بل تصبح خاتما لي. ورأيت فيما يري النائم أني أمسح الخاتم، وفجأة يخرج منه عفريتي الأسطوري، وأري وجها لوجه حكايات الأجداد. لذا عندما سألني عما أطلب، قلت بثقة: لي عندك ثلاثة طلبات، فقال: بل طلب واحد أحققه فورا. فقلت: أمهلني قليلا، فقال: أمامك عشرة قرون. فكرت ثم قلت: لا تدعني أموت. فرد: كنت أظنك تعلم أني لا أستطيع. تحسرت ثم طلبت أن يشفيني من كل الأمراض. فقال: أستطيع أن أحضر ما تشاء من أنواع الدواء، ولكني لا أملك لك الشفاء. إذن لم يبق سوي المال، سأطلب مليارات، ولكني تذكرت حماقة زوجتي، وجنون أبنائي، وما يمكن أن تفعله بهم الأموال، فآثرت الحكمة، وطلبت أن يهدي زوجتي وأولادي. فأجابني: أنا لا أهدي من أشاء. فلتطمئنني علي نهايتي ومستقبل أبنائي؟ فأجاب: كيف لي أن أعلم الغيب ! عندئذ صرخت فيه غاضبا، فرأيت عيونا تطلق نارا، وهو يقول: ها أنا ذا منتظرك ثمانية قرون، وأنت تصمت سنين طويلة، وتطلب طلبات عجيبة، وبعد ذلك تغضب، فاعتذرت له، وأنا أسأله عما يمكن أن يقدمه لي؟ فقال: يمكنني أن آتيك بأي شيء علي الكرة الأرضية، أو في هذه المجموعة الشمسية، أو حتي في خارج مجرتنا الفلكية، أي شيء تريد ولو في أعماق المحيطات، أو داخل الخزائن بالقصور، ويمكنني أن آخذك إلي أي مكان تريد، أقطع بك البحار والجبال والفيافي، أو أضعك فوق الكواكب والنجوم، اطلب ما تشاء بسرعة، فلم يبق لك سوي نصف قرن. فكيف مرت كل هذه القرون؟ تعجلت أن أطلب شيئا، ولكني لا أريد شيئا من أعماق المحيطات، ولا من داخل القصور، ولا أبغي سفرا، عندئذ أيقظتني كلماته وهو ذاهب، لا تندم أبدا علي أي شيء فاتك مهما كان. (من قصص: عين العقل).