فيلم تسجيلي عن الدور الوطني لنقابة الأشراف خلال احتفالية المولد النبوي    رئيس جامعة القناة يتفقد تجهيزات الكلية المصرية الصينية للعام الدراسي الجديد (صور)    «أنا مسامح والدها».. صلاح التيجاني يكشف ل«البوابة نيوز» سر انفصال والديّ خديجة ومحاولته للصلح    مصطفى بكري: أتمنى أن يأتي اليوم الذي تخفض فيه أسعار الكهرباء الصعبة على الناس    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال رفع كفاءة كوبري المشاة أمام شارع المدير    فلسطين ترحب بقرار الأمم المتحدة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتطالب مجلس الأمن بتنفيذ القرار    البنتاجون: واشنطن قلقة من التصعيد في الشرق الأوسط.. واتفاق وقف إطلاق النار مهم    مسئول روسى يعلن تدمير ثلثي دبابات أبرامز الأمريكية فى أوكرانيا    وكيل ميكالي يكشف مفاجأة عن حقيقة قيادته منتخب الأولمبي    فانتازي يلا كورة.. ما هي مباريات الجولة الخامسة؟    غزل المحلة يفوز على التحدى الليبى استعدادا لانطلاق الدورى الممتاز    مصرع ربة منزل سقطت من الطابق السابع في شبرا الخيمة    مصرع 3 أشخاص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم ميني باص بعمود إنارة بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي    بدءا من السبت المقبل، انخفاض درجات الحرارة    المؤبد لعاطل بتهمة الإتجار في المخدرات ومقاومة السلطات بالقليوبية    مصرع سيدة وزوجها إثر انقلاب موتوسيكل بطريق السويس الصحراوى    هيئة البث الإسرائيلية: عشرات الطائرات شاركت في الهجوم الأخير على لبنان    ما أهمله التاريخ الفني عن محمد عبد الوهاب، فعالية ثقافية جديدة بدمشق    كلام البحر.. الموسيقار حازم شاهين يستعد لإطلاق ألبوم موسيقى إنتاج زياد رحباني    علي جمعة في احتفال «الأشراف» بالمولد النبوي: فرصة لتجديد الولاء للرسول    مستشفى "حروق أهل مصر" يعزز وعي العاملين بالقطاع الصحي باحتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    للكشف عن الأنيميا والتقزم.. فحص 500 ألف طالبًا وطالبة في بني سويف    أمين الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعا وخيانة للأمانة    7 أبراج مواليدها هم الأكثر سعادة خلال شهر أكتوبر.. ماذا ينتظرهم؟    عاجل.. تطور مفاجئ في الانتخابات الأمريكية بسبب العرب.. ماذا يحدث؟    تعرف على شروط الانضمام للتحالف الوطنى    تكاليف مواجهة أضرار الفيضانات تعرقل خطة التقشف في التشيك    موقف إنساني ل هشام ماجد.. يدعم طفلًا مصابًا بمرض نادر    956 شهادة تراخيص لاستغلال المخلفات    "مجلس حقوق الإنسان": المجتمع الدولى لا يبذل جهودا لوقف إطلاق النار فى غزة    جوارديولا يحسم الجدل حول الذهاب إلى الدوري الإيطالي    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    الدكتورة رشا شرف أمينًا عامًا لصندوق تطوير التعليم بجامعة حلوان    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    إحباط محاولة تعدٍ على قطعة أرض مستردة من أملاك الدولة بالأقصر    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    عاجل| رئيس الوزراء يكشف تفاصيل حالة مصابي أسوان بنزلة معوية    برلماني عن ارتفاع أسعار البوتاجاز: الناس هترجع للحطب والنشارة    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    عاجل| حزب الله يعلن ارتفاع عدد قتلى عناصره من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ل 25    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    تشكيل أتالانتا المتوقع لمباراة أرسنال في دوري أبطال أوروبا    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    وزير التعليم العالي: لدينا 100 جامعة في مصر بفضل الدعم غير المحدود من القيادة السياسية    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    الأوبرا تقدم العرض الأول لفيلم "مدرسة أبدية"    انطلاق المرحلة الخامسة من مشروع مسرح المواجهة والتجوال    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    3 شهداء خلال حصار الاحتلال منزلا في قباطية جنوب جنين    محافظ المنوفية يضع حجر أساس لمدرستين للتعليم الأساسي والتجريبية للغات بالبتانون    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «الأمر صعب ومحتاج شغل كتير».. تعليق مثير من شوبير على تأجيل الأهلي صفقة الأجنبي الخامس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعتذار لروح الشهيدة «ماري رينيه»
نشر في الدستور الأصلي يوم 02 - 01 - 2010

أنت لا تعرف عزيزي القارئ من هي «ماري رينيه» ولا أنا أعرفها ولا أظن أن أحداً خارج دائرة أهلها وأصدقائها سبق له أن سمع بهذا الاسم من قبل، بل لعله أول مرة (الآن) يُكتب أو تأتي علي ذكره أي صحيفة في الدنيا، فماري رينيه لم تكن من هذا النوع الذي تلاحقه الأخبار ويسكب عليه الإعلام أضواء الشهرة والصيت، فهي أتت إلي الدنيا وعاشت فيها مثل مئات ملايين البشر العاديين، عارية فقيرة من أي بروز أو لمعان في سماوات السياسة أو الفن أو غيرهما ولما حان ميعاد الرحيل رحلت وغادرت دنيانا في صمت وهدوء وباهتمام أقل حتي مما يحظي به العاديون أمثالها.. لماذا ؟ لأن ماري باختصار ماتت بعيداً عن وطنها وصعدت روحها الطاهرة إلي بارئها أمس الأول (الخميس) وهي تعاني ما هو أكثر من برودة الغربة في وطننا نحن وبينما جسدها الواهن مطروح علي سرير حائل اللون في أحد مستشفيات القاهرة.
عزيزي.. كل المتاح لي من معلومات عن «ماري رينيه» أنها مواطنة فرنسية لم تكمل السبعين ربيعاً بعد (68 عاماً) أتت من بلادها البعيدة وعبرت البحر إلينا ليس كما قال وزيرنا أبو الغيط لكي تتمتع بشمس بلادنا وتتفسح وتتسكع في شوارعنا وبين آثار أجدادنا، وإنما لتمر فقط تمر من عندنا إلي أهلنا المحاصرين في غزة السجينة وتشارك مئات المخلصين أمثالها للقيم الإنسانية العليا تضامنهم وإعلانهم أن في هذا العالم بشراً نبلاء لم تمت ضمائرهم ولم تتبلد مشاعرهم ولا تآكلت أخلاقهم ولم يعودوا يطيقون الصمت والسكوت عن جريمة بشعة مستمرة يندي لها الجبين ويكابدها شعب أعزل يقاوم بالأجساد والصدور العارية ويكافح ببسالة وبطولة أسطورية لكي يبقي علي قيد الحياة ويستعيد وطنه المسروق من براثن كيان عنصري لقيط ومسلح حتي الأسنان بآلة قتل وتدمير وترويع جهنمية يزيد من بأسها وفداحتها تواطؤ وتخاذل الإخوة قبل الغرباء.
لا أستطيع أن أخمن كيف دبرت «ماري» ثمن بطاقة الطيران وباقي مصاريف السفر إلي بلادنا.. ربما اقتطعت من معاشها التقاعدي البسيط، ولعلها قبل أن تسافر هاتفت أخاً أو أختاً، ابنة أو ابناً أو حفيداً وأبلغت أياً منهم بأنها لن تكون بينهم في احتفالات أعياد هذا العام (أعياد الميلاد) لأنها ذاهبة لمصر ومنها إلي أحضان أصدقاء فقراء وبسطاء لا تعرفهم يعيشون وسط مظاهر البؤس والخراب في بقعة علي ظهر هذا الكوكب تدعي «قطاع غزة».
من تكون «غزة» هذه ياجدتي ؟! ولماذا تذهبين إلي هناك ؟ ولماذا من مصر ؟!
هذا السؤال أفترض أن «ماري» سمعته من حفيدها أو حفيدتها لو كان لها أحفاد ولعل أياً منهما لم يفهم تماماً إجابتها التي شرحت فيها بإيجاز قصة وطن اسمه فلسطين وكيف سُرق هذا الوطن من شعبه بواسطة نازيين جدد أقاموا علي الأرض والبيوت المسروقة كياناً عنصرياً يدعي «إسرائيل»، ومن المؤسف (هكذا أظن أنها قالت) أن هذا الكيان يتلقي منذ حادثة إنشائه غير الشرعية دعماً هائلاً وغير محدود من حكوماتنا وحكامنا نحن هنا في الغرب، أما لماذا ياصغيري أذهب إلي هناك عبر مصر، فلأن هذا البلد العظيم هو جار شقيق لفلسطين ويوجد علي حدوده المعبر الوحيد المتاح للدخول إلي غزة الآن.
لكن الموت الذي داهم «ماري» بعدما لم يحتمل قلبها الواهن ما جري لها ولزملائها المتضامنين مع أهلنا الغزاويين في القاهرة وشوارعها، أنقذها وأعفاها من شرح صعب ومؤلم كان سيتعين عليها أن تقدمه لحفيدها (المفترض) لو كانت عادت إليه وعرف أن المهمة النبيلة التي سافرت جدته واغتربت في العيد من أجلها لم تتم !!
أيتها الشهيدة النبيلة «ماري»، يا أختنا في الإنسانية..لا أظنك تعرفين لغتنا الجميلة ولا مقدار ثرائها، ومع ذلك ربما تندهش روحك لو أخبرتك أن هذه اللغة وكل لغات الدنيا صارت عاجزة وانهارت كل قدراتها التعبيرية أمام حجم العار والخزي الذي نشعر به نحن شعوب هذه البلدان التعيسة المصابة بحكام كالعاهات المستديمة.. لقد شاهدتِ بنفسك عينة مما نتجرعه كل يوم، فهل تقبلين منا الاعتذار؟!
أرجوكِ اقبليه.. اقبليه باسم قوافل شهدائنا الأبرار الذين ستلتقين أرواحهم في الخلود الأبدي.. سامحينا واقبلي الاعتذار باسم أطفالنا الذين ماتوا واحترق لحمهم الغض وهم في أحضان أمهاتهم في غزة ودير ياسين وحيفا ويافا ونابلس ورام الله وفي مدرسة «بحر البقر».. اقبليه باسم المصلين الشهداء في المسجد الأقصي أو هؤلاء الذين سقطوا علي عتبات كنيسة «المهد» وفي جوارها..وإن شئتِ اقبلي شفاعة شهداء عمال مصنع «بحر البقر» أو مئات أسرانا العزل الذين قتلوا أو دفنوا أحياء في صحراء سيناء.. اقبلي اعتذارنا يا «ماري» عن موتك البارد الغريب في ديارنا فنحن كما رأيتِ غرباء نموت خزياً أو بؤساً في أوطاننا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.