في مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» يسأل القاضي نظيم شعراوي الشاهد عادل إمام عن جارته المقتولة التي كانت - حسب وصف سرحان - عاهرة محترفة، أو راقصة حسب نص المسرحية.. في نوع من هذا الخلط الشائع بين العاهرة والراقصة، والراقصة والممثلة، والممثلة و أي امرأة متحررة.. هذا الخلط الذي مارسه المتطرفون بشكل منهجي وسار وراءه العامة ثم الفنانون أنفسهم، فتحولت النساء كلهن إلي عاهرات محتملات إلا التي تثبت العكس بارتداء النقاب والمكوث في الدار حتي توافيها المنية.. علي أمل أن تتحول إلي حورية في الآخرة. بغض النظر عن هذا الخلط، يسأل القاضي عادل إمام لماذا لم «يعزل» عندما علم أن جارته راقصة، والمقصود عاهرة، فيرد في واحد من إيفيهاته التي صارت مثلا: «ما هو لو كل واحد جارته رقاصة عزل، يبقي البلد كلها هتعزل».. ويبدي القاضي امتعاضه: «إيه اللي أنت بتقوله ده؟». تذكرت هذا المشهد وأنا أتابع الأخبار والتعليقات حول القرار المضحك والمخجل لنقيب الموسيقيين بمنع المغني البريطاني ألتون جون من الغناء في مصر لأنه شاذ جنسيا. وكنت علي وشك أن أقول للنقيب لو أن كل شاذ، والشذوذ أنواع وأشكال، منع من الغناء، لتم إغلاق نقابة الموسيقيين.. لولا أنني رأيت وجه النقيب ممتعضا وهو يقول لي : إيه اللي أنت بتقوله ده؟ وأحاول أن أشرح له، مع تأكدي أنه لن يسمع لأن المسألة عنده لها حسابات أخري: يا سيدي النقيب لا تخرب علي نفسك وعلي نقابتك وعلي الفن كله بهذه التصريحات قصيرة النظر التي تؤدي، إذا مددنا الخط، إلي محاكمة الفنانين والتفتيش في حياتهم الجنسية والأخلاقية وإسقاط كل أمراض وانحرافات المجتمع عليهم، علي اعتبار أن كل الناس علي أخلاق وتدين وعفة وشرف ما عدا أهل الفن. وأسمع رد النقيب بأن ألتون جون مختلف لأنه يعلن شذوذه بدلا من أن يستتر، وأقول له إن أبانواس وغيره من العرب القدماء كانوا يعلنون شذوذهم، ولم نسمع أن أحدهم قتل أو سجن أو منع من إلقاء الشعر والغناء.. فهل تعرف لماذا؟ لأن المجتمع كان فحلا وواثقًا من هويته الجنسية وغير مصاب بفوبيا الشواذ التي لا تصيب سوي الخائفين من أن يتحولوا هم أنفسهم إلي شواذ، و يشعرون في قرارة أنفسهم أن الشواذ يهددون هويتهم الجنسية غير المستقرة. وأعتذر عن استخدام كلمة شواذ التي لجأت إليها لأسباب درامية - كما يقول كتاب السينما والأدب- وأختم بأن المثليين جنسيا موجودون في كل المهن، وأكثرهم عددا وخطورة في المجتمعات أحادية الجنس مثل السجون والجيوش والمعاهد الدينية، وأن من يعترف بمثليته أرحم بكثير من مغتصبي الأطفال والمجرمين والذين يفرغون مثليتهم في العدوان والحروب، وأن المثلي الذي يعترف بمثليته ويمارسها مع شخص راشد مثله هو أرحم أنواع المنحرفين، وأنك لو قررت أن تبعد عن الشواذ جنسيا وأخلاقيا ستضطر إلي الرحيل من البلد كله.