فى خطوة من شأنها حسم الجدل الدائر مؤخرًا على الساحة القضائية، بسبب مقترح لجنة نظام الحكم بتوزيع صلاحيات مجلس الدولة فى القضاء التأديبى لصالح هيئة النيابة الإدارية، وإسناد اختصاصات المجلس فى الإفتاء ومراجعة العقود والتشريعات التى تصدرها الدولة إلى هيئة قضايا الدولة، صرح المستشار عصام الدين عبد العزيز، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة وعضو لجنة العشرة والصياغة، أن مواد السلطة القضائية سيتم حسمها اليوم (الخميس). عبد العزيز، أوضح أن أعضاء لجنة الخمسين سيقومون بالتصويت على «المواد الخلافية» التى تخص كل من مجلس الدولة، وهيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة، ثم سيتم إحالتها إلى لجنة الصياغة لوضعها فى القالب الدستورى النهائى.
ولفت عبد العزيز إلى أن تلك المواد هى أبرز العقبات التى تعطل عمل لجنة الخمسين، مضيفا أن حسم تلك المواد باختيار مادة لكل منها تتوافق عليها تلك الجهات، هو أبرز التحديات التى سيقابلها أعضاء لجنة الخمسين اليوم، خصوصا مع إصرار مجلس الدولة على استمرار كل صلاحياته، وإصرار هيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة على أن استمرار القضاء التأديبى والفتوى والتشريع ومراجعة العقود فى عهدة المجلس يتعارض مع مبادئ العدالة الناجزة واستقلال القضاء.
الهيئات القضائية من جانبها ما زالت متأهبة وتحشد قضاتها للاستعداد لمواجهة ما سيخرج عن لجنة الخمسين، فمن جانب النيابة الإدارية، قال رئيس نادى مستشارى الهيئة المستشار عبد الله قنديل، ل«الدستور الأصلي» إن الهيئة لن تقبل سوى المقترح الذى وافقت عليه لجنة نظام الحكم، بشأن إسناد سلطة القضاء التأديبى إلى النيابة الإدارية.
قنديل أضاف أن مستشارى الهيئة سيتصدون لإقرار أى مادة لا تكفل ذلك، قائلا: «لن نقبل بالضغوط التى يمارسها مستشارو مجلس الدولة على لجنة الخمسين»، مشيرا إلى أن المجلس يستخدم لجنة العشرة فى التأثير على «الخمسين».
وتابع قنديل: «أن مجلس الدولة يلوح بسلطته القضائية للضغط على لجنة الخمسين، بعد أن قام مؤخرًا بتحديد جلسة لدعوى قضائية أقامها عدد من المحامين أمام مجلس الدولة لإلزام لجنة الخمسين بعدم الانتقاص من صلاحيات مجلس الدولة»، وشدد قنديل على أن تصويت لجنة الخمسين «ليس نهاية المطاف»، خصوصا أن المناقشة المجتمعية بالطبع ستصب فى صالح النيابة الإدارية، لأنها لا تبغى -حسب قنديل- «منفعة شخصية، وإنما تريد أن تزيد من أعبائها لصالح سرعة حسم قضايا صغار العاملين بالدولة»، لافتا إلى أن الجمعية العمومية لمستشارى الهيئة فى انعقاد دائم للوقوف على آخر التطورات وسبل الرد عليها.
من جانبها، صعدت هيئة قضايا الدولة أزمتها مع مجلس الدولة إلى أقصى درجة، فحسب المستشار سامح السيد المتحدث الرسمى للهيئة، قال: «إنه على مجلس الدولة أن يعيد ما أخذه من صلاحيات الفتوى والتشريع ومراجعة العقود إلى صاحبها الرئيس»، مضيفا أن قضاة مجلس الدولة يمارسون ضغوطا هائلة ويوجهون إساءات واتهامات فى صالح الهيئة، رغم أن الأحرى بهم أن يتنازلوا طواعية عن تلك الصلاحيات التى تعرض أحكامهم للشك والريبة، وأن يركزوا فى اختصاصاتهم القضائية.
السيد أوضح أن هيئة قضايا الدولة كانت مختصة ابتداء من عام 1875 وحتى عام 1946 بمسائل الفتوى والتشريع ومراجعة العقود التى تكون الدولة طرفًا فيها، وكذلك المحاكم التأديبية «مجالس التأديب»، وبمجرد إنشاء مجلس الدولة تم إعطاؤه تلك الصلاحيات، لافتا إلى أن هيئة قضايا الدولة لم تمانع وقتها من إمداد المجلس وقتها بصلاحياتها لخدمة الصالح العام، ولكن الآن وبعد أن وقف مجلس الدولة على قدميه باعتباره جهة قضائية عريقة ذات أحكام مؤثرة فعليه أن يعيد تلك الاختصاصات إلى أصحابها ويتفرغ للمنصة.