نواب الوطني يوافقون بنفس الأعداد وبنفس التصفيق الاعتداءات على المظاهرات السلمية باسم قانون الطوارىء بنفس المبررات وبنفس الموافقات وبنفس الأعداد التي وافقت علي المد تقريبا تبدو الحكومة قادرة دائما علي حسم معركة تجديد قانون الطوارئ الذي يحكم مصر منذ ما يقترب من الثلاثين عاما. إذا قررت حضرتك العودة إلي جلسات مجلس الشعب التي تم تجديد قانون الطوارئ فيها في عام 2006 وبعدها في عام 2008 ثم في العام الحالي 2010 لن تجد أي تغيير فالسيد رئيس الحكومة يستخدم نفس الكلمات في إقناع السادة النواب بضرورة تجديد الطوارئ والسادة النواب يقتنعون كل عام بنفس السرعة تقريبا وعلي هامش كل هذا تعلو أصوات نواب المعارضة برفض التجديد والتأكيد علي أن القانون لا لزوم له وأنه يطبق علي السياسيين ويحاصر الحياة السياسية. علي كل حال تعالوا نسترجع المشهد في عام 2006 لنتذكر كيفتم تجديد الطوارئ، فقد وقف الدكتور نظيف أمام مجلس الشعب ليتوسل إلي السادة النواب بضرورة الموافقة علي مد الطوارئ «ضمانا لاستقرار مصر» و«حتي يكون لدي الدولة القدرة علي مواجهة أخطار الإرهاب» وتعهد الدكتور نظيف بألا يستخدم القانون سيئ السمعة «ضد السياسيين»، وأن يقتصر استخدامه في حالات «الإرهاب» وضد تجار المخدرات وقد طالب نظيف بمد القانون لمدة عامين وهي فترة ستكون كافية لوضع قانون جديد لمكافحة الإرهاب قبل أن تلغي الحكومة قانون الطوارئ نهائيا، هنا اقتنع السادة نواب الحكومة بلا جدال تقريبا ووافق 316 نائبا علي مد العمل بالقانون، فيما اعترض 103 نواب من المعارضة علي المد واعتبروا أنه يدمر الحياة السياسية وأنه يطبق ضد الناشطين السياسيين، وانتهت الجلسة بتصفيق للسيد رئيس الوزراء وحرصه علي أمن مصر واستقرارها وتم مد العمل بالقانون لمدة عامين. من فضلك حاول الحفاظ علي هذا المشهد في ذاكرتك؛ لأنه تقريبا هو نفس المشهد الذي حدث في عام 2008، فقد وقف الدكتور - نظيف برضه - أمام مجلس الشعب برضه - وطالب بتجديد قانون الطوارئ لمدة - عامين جديدين برضه - «ضمانا لاستقرار مصر» وحتي يكون لدي الدولة القدرة علي «مواجهة أخطار الإرهاب» وتعهد الدكتور نظيف بعدم استخدام القانون «ضد السياسيين»، وأن يقتصر استخدام القانون علي أخطار الإرهاب وتجار المخدرات، وإن كان نظيف قد أكد هذه المرة أن الحكومة قررت أن تمدد القانون «وهو كره لها» علي حد تعبيره ووعد نظيف بالانتهاء من قانون مكافحة الإرهاب في غضون عامين وأكد أن الحكومة كانت أمام خيارين إما أن تضع قانوناً لمكافحة الإرهاب علي عجل وإما أن تمدد قانون الطوارئ، فقررت اللجوء «للحل الأسلم»، وهو التجديد للطوارئ. و إزاء حجج نظيف القوية والمقنعة جدا أوي خالص قرر السادة نواب الوطني الموافقة علي تمديد الطوارئ لمدة عامين جديدين بأغلبية 305 نواب من أعضاء الحزب الوطني الحاكم في مقابل رفض 103 نواب من نواب أحزاب المعارضة والإخوان المسلمين. تاني، من فضلك هل تري أن هناك أي خلاف بين المشهدين وبين مشهد هذا العام الذي سيقف فيه الدكتور أحمد نظيف أمام مجلس الشعب ليطالب بتجديد الطوارئ «ضمانا لاستقرار مصر»، وحتي يكون لدي الدولة القدرة علي مواجهة أخطار الإرهاب وطبعا فإن القانون لن يستخدم ضد السياسيين وسيقتصر تطبيقه علي حالات الإرهاب وتجار المخدرات وهنا سينفجر السادة نواب الحزب الوطني في التصفيق والتهليل والهتاف للأمن والاستقرار والاستمرار بالمرة وطبعا عدد الموافقين من السادة نواب الوطني سيتعدي ال 300 نائب فيما سيعترض أكثر من مائة نائب يمثلون أحزاب المعارضة والمستقلين؟ علي كل حال فإن تقرير مركز الأرض لحقوق الإنسان عن قانون الطوارئ والذي صدر بعنوان «إسقاط الطوارئ اليوم وليس غدا» يؤكد أن القانون أحال 1117 متهما إلي المحاكم العسكرية في 36 قضية وذلك فقط في الفترة من « 1992 حتي 2002». ويضيف التقرير الذي يكشف أهمية قانون الطوارئ بالنسبة لنظام الحكم ويؤكد أن استخدامه دائما كان في القضايا السياسية، إن القانون كان يطبق دائما ليفرض «القيود علي حرية الانتقال والإقامة الجبرية والإبعاد الإداري والمنع من السفر وانتهاك حرية التعبير السلمي» وطبق قانون الطوارئ علي الإضرابات العمالية فتم منع 7 إضرابات حتي عام 2002 وعشرات المظاهرات خلال عامي 2004 و2005 وإحالة بعض الصحفيين والناشرين إلي قضاء أمن الدولة والعسكري منذ 91، لافتا إلي أن حالات الاعتقال في الانتخابات التشريعية عام 2000 وصلت لاعتقال 2000 شخص خلال المراحل المختلفة لعملية الانتخاب. ويقول التقرير: «إنه رغم توقف الإرهاب المسلح فإن الحكومة مازالت تتمسك بتطبيق قانون الطوارئ تحت اسم محاربة العنف والإرهاب وغالباً ما يتم اعتقال المعارضين بشكل تعسفي وعشوائي ويستعرض التقرير صورًَا لتأديب جماعي لسكان بعض القري أو أحياء بكاملها دون تمييز مروراً بالاعتقالات المتكررة وأخيرا بتعذيب المواطنين والحط من كرامتهم إلي حد إلحاق العاهات والأمراض المزمنة ببعضهم ويتم هتك الأعراض والتهديد باغتصابهم.. كل هذا يتم بسبب تطبيق قانون الطوارئ والقوانين الاستثنائية الأخري ويتساءل التقرير: ألا يكفي خمسون سنة كي تُوقَف كل هذه الانتهاكات التي تمتهن كرامة المواطنين وتعتدي علي حقوقهم الإنسانية؟! هل بعد هذا كله ما زلت تصدق قسم الحكومة بأن القانون لا يتم تطبيقه إلا علي الإرهابيين وتجار المخدرات فقط وإنه لن يطول السياسيين وأصحاب الرأي والكتاب والصحفيين؟ لا أظن حتي لو وافق 300 نائب وأكثر علي هذا الطارئ الذي لا ينتهي منذ ثلاثين سنة وما زالت الحكومة تقنع السادة النواب بنفس الكلمات وما زال السادة النواب يقتنعون بنفس السرعة وما زالت المعارضة تصرخ ضد هذا القانون وما زال الشعب المصري يعيش في حالة من الطوارئ لا تنتهي. و يعطي قانون الطوارئ للحكومة صلاحيات مطلقة في القبض علي الأشخاص وتقييد حريتهم والتنصت علي المكالمات الشخصية والرسائل البريدية والمحاكمة أمام محاكم أمن الدولة العليا طوارئ ومنع التظاهر السلمي وحصار الأحزاب السياسية داخل مقراتها وقدرة الداخلية علي اعتقال الأشخاص مجددا بعد أن تفرج عنهم المحكمة وغيرها من صور انتهاكات الحرية الشخصية والحق في التنظيم والرأي والاعتقاد.