تنشر الدستور نص كلمة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء التي ألقاها الثلاثاء في مجلس الشعب، بخصوص تمديد العمل بقانون الطوارئ لعامين قادمين. وكانت الدستور قد أنفردت في صفحتها الأولى بعددها الصادر يوم السبت الماضي بنية رئيس الوزراء إلقاء خطاب تمديد الطوارئ يوم الثلاثاء. وإلى نص الكلمة السيد الأستاذ الدكتور/ أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر يسعدنى أن ألتقىَ بكمُ اليومَ فى إطارِ التواصلِ والتنسيقِ المستمرين بين الحكومةِ ومجلسِكُم الموقر ... ويزيدُ من سعادتى الشخصيةِ وسعادةِ جميعِ المصريين تعافى السيد رئيس الجمهورية وعودتِهِ بسلامةِ اللهِ إلى أرضِ الوطن ، واستئنافِ نشاطِهِ السياسى ولقاءاتِهِ الرسمية والشعبية ... متعهُ اللهُ بدوامِ الصحةِ وموفورِ العافية. الأخوة والأخوات أعضاء المجلس الموقر فى حياة الأمم والشعوب مواقفُ وأحداثٌ تقفُ عندها لتعيدَ ترتيبَ أوراقِها ... وتعيدَ تقييمَ أوضاعِها ... حتى تمضى بعد ذلكَ فى طريقِها دون توقفٍ أو تعثر ... وتستكملُ مسيرَتَها مدعومةً بتجربتِها... واثقةً فى حاضرِها ... متطلعةً إلى مستقبلِها . وأحسبُ أننا نمرُ اليومَ بمواقفَ وإحداثٍ تتطلبُ منا أن نقِفَ وقفةً ننظرُ فى ماضينا ، ونتأملُ حاضرَنا ، ونستشرفُ مستقبلاً مزدهراً إن شاء الله . لقد استكثرَ علينا الإرهابُ المظلمُ أن نجنىَ ثمارَ حربٍ انتصرنا فيها ... وثمارَ سلامٍ مشرفٍ استعدنا به أراضينا ... وارتأينا بعدهُ أن ننهىَ حالةَ الطوارئ ونمضى فى طريق التنمية ... فأبى إلا أن يستهدفَ كيانَ الدولة ليقوضَ دعائِمَها ويهزَّ بنيانَها ... وقام َ على مدى العقودِ الثلاثةِ الماضيةِ باغتيالاتٍ سياسيةٍ ومحاولاتِ إحداثِ فتنةٍ طائفيةٍ ... ثم طور عملياتِهِ لاستهدافِ اقتصادِنا فوجهَ ضرباتِهِ إلى السياح الأجانب ... وكانت كلُّ ضربةٍ تكبدُنا خسائرَ فى الأرواحِ والأموال ... وتعِيدُنا إلى بداية الطريق لنبنىَ من جديدٍ الثقةَ فى أمنِنَا واستقرارِنَا وقدرَتِنا على إعادةِ بناءِ اقتصادِنا . وكان طبيعياً أن نعيدَ إعلانِ حالةِ الطوارئ عقِبَ اغتيال رئيس الجمهورية السابق المرحوم محمد أنور السادات وأن نمدَّ هذه الحالةَ طالما بقيت الأسبابُ التى دعت إلى إعلانِها.... وقد التزمت الحكومةُ عند إعلان حالة الطوارئ وعند مدِّ مدتِها ألا تستخدمَ الإجراءاتِ الاستثنائيةَ التى تقتضيها حالةُ الطوارئ إلا لمواجهةِ خطر الإرهاب والمخدرات ... وبالقدرِ الضرورى الذى تستلزمُهُ مواجهةُ هذه الأخطارِ وتحت رقابةِ القضاء ... ولم يكن التزامُ الحكومةِ فى هذا الصدد كلاماً مرسلاً... ولكنه التزامٌ محددٌ راعت فيه أحكامَ الاتفاقيةِ الدوليةِ للحقوق المدنية والسياسية التى انضمت إليها مصرُ فى الأول من اكتوبر سنة 1981 والتى أجازت فى المادةِ الرابعة منها للدولِ الأطراف فى أوقاتِ الطوارئ العامة التى تهددُ حياةَ الأمةِ... والتى يُعلنُ عن وجودِها بصفةٍ رسمية ... أن نتخذَ من الإجراءاتِ ما يُحِلُّها من التزاماتِها طبقاً للاتفاقية الحالية إلى المدى الذى تقتضِيهِ بدقة متطلباتُ الوضع. ولم تقفْ مواجهتُنا للإرهابِ عند حدودِ إعلانِ حالةِ الطوارئ ومواجهتِهِ أمنياً ... إنما اتخذنا من الخطواتِ ما يكفُلُ اقتلاعَ أسبابِهِ ... وناشدنا المجتمعَ الدولى أن نتعاونَ معهُ فى مكافحة الإرهابِ ومواجهتِه ... فلم تحظَ دعوتُنَا بالاهتمامِ الواجبِ والإنصافِ الكافى .. حتى اكتوت دولٌ كبرى عريقةٌ فى الديمقراطية بنار الإرها ب... فاتخذت إجراءاتٍ وسنت تشريعاتٍ ... تهونُ بجانبِهَا تدابيرُ الطوارئ التى نتخذُها. السيد الأستاذ الدكتور رئيس المجلس السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر لقد حققنا فى السنوات الأخيرةِ إصلاحاتٍ سياسيةً غيرَ مسبوقة ... فى سبيل تدعيم الديمقراطيةِ وحريةِ التعبير ... وعلى الرغم مما يحيطُ بنا من عواصفَ وأنواء ... فقد حرصنا على توفير الضماناتِ الأساسيةِ للمتهمين ... فعدلنا قانونَ الإجراءاتِ الجنائيةِ لنزيدَ من ضماناتِ الحبس الاحتياطى ... وحصرنا الأسبابَ التى يُلجأُ فيها إلى هذا الحبس ... ووضعنا حداً أقصى لمدتِهِ لا يجوزُ تجاوزُها .. .كما ألغى السيد رئيس الجمهورية العديدَ من الأوامرِ العسكريةِ التى كانت تطبقُ فى حالة الطوارئ ... ولم يتبق منها إلا ما يتعلقُ بسلامةِ القواتِ المسلحةِ وأمنِها ... كما حقق اقتصادُنا قفزةً غيرَ مسبوقة ... مكنتنا من الصمود وسط أنواءِ أزمةٍ ماليةٍ عاتية .. وواجهنا مخططاتٍ لزعزعةِ أمننا ... والنيلِ من استقرارِنا ... وإحداثِ الفرقةِ بين أبنائِنا ... حققنا كلُّ ذلك ... ولسنا على استعدادٍ للتفريطِ فى منجزاتِنا ... ولهذا فقد تعهد السيد رئيس الجمهورية فى برنامِجِهِ الانتخابى أن ننهىَ حالةَ الطوارئ بعد إقرارِ قانونٍ جديدٍ لمكافحةِ الإرهاب يحققُ التوازنَ بين الحريةِ الشخصية ومصلحة وأمن المجتمع... وقد جددت الحكومةُ هذا التعهدَ أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان منذ عدةِ أسابيع ... وتجددُ الحكومةُ اليومَ تعهدَها أمام ممثلى الأمةِ أن تُنْهىَ حالةَ الطوارئ فور إقرارِ هذا القانون المتوازن الذى لا تُتَخذُ فيه التدابيرُ الاستثنائيةُ فى مرحلتى التحقيق وجمعِ الاستدلالات إلا للضرورةِ التى تقتضيها مواجهةُ الأرهاب ... وتحت الرقابةِ الكاملةِ للقضاء ... وتتعهد الحكومةُ أن تطرحَ مشروعَ هذا القانونِ للحوارِ المجتمعى ... وأن تتشاورَ بشأنِهِ مع المجلس القومى لحقوق الإنسان ومنظماتِ المجتمع المدنى . السيدات والسادة قلنا فى المرة السابقة أن الحكومةَ تطلبُ مدَّ حالةِ الطوارئ وهو كرهٌ لها ... لأننا لا نريدُ أن نعملَ فى ظل أوضاعٍ استثنائية ... ولكننا فى الوقتِ ذاتِهِ لا نريدُ التفريطَ فى منجزاتِنا ... وقد لا ترقى هذه الإنجازات إلى مستوى طموحاتِنا ... أو لا تحققُ كلَّ آمالِنا .. ولكننا نتشبثُ بها ... ونطمعُ فى تحسينِها وتطويرِها ... فلم يكن تحقيقُها سهلاً أو تنفيذُها ميسراً ... فى ظل أوضاعٍ مضطربةٍ بالمنطقةِ التى تحيطُ بنا ... وموجةٍ عاتيةٍ من الإرهابِ تجتاحُ العالمَ وتتربصُ بنا ... وأزمةٍ ماليةٍ خانقةٍ لم يكن العالمُ يتحسبُ لها فى الظروف الراهنة ... ولكننا ورغم هذه الظروف استطعنا أن نُجرِىَ إصلاحاً سياسياً متدرجاً ... وأن نحققَ نمواً اقتصادياً فشلت كثيرٌ من الدولِ فى تحقيقِه ... واستطعنا أن نخلقَ فرصَ عملٍ لشبابنا .. نتعهدُ بزيادتِها وصولاً إلى القضاءِ على البطالةِ والتى هى شغلُنا الشاغل ... وسلاحُنا القوى فى مواجهةِ الإرهاب . وإذا كان من الظلمِ أن نُرجعَ الاستقرارَ الذى ننعمُ به وأتاح لنا تحقيقَ العديدِ من الإنجازاتِ إلى تطبيق قانون الطوارئ وحدَهُ فإنه من الظلم أيضاً أن نغفلَ أن تطبيقَ قانونِ الطوارئ وقى البلادَ من مخاطر الإرهاب... ووأد الكثيرَ من الجرائمِ الإرهابية فى مهدِها وأبطلَ مفعولَها. السيدات والسادة إن الحكومةَ حين طلبت مدَّ حالةِ الطوارئ فى السابق كانت تتعهدُ بألا تطبقَ الأحكامَ المترتبةَ على ذلكَ إلا لمواجهة أخطار الإرهابِ والمخدرات .. .وقد شككَ البعضُ بغير حقٍ فى صدقِ التزامِنا وتعهدِنا .. فأراد السيد رئيس الجمهورية أن يقطعَ الشكَّ باليقين ... فضمَّن قرارهُ بمد حالة الطوارئ أن يقتصرَ تطبيقَ الأحكامِ المترتبةِ على إعلان حالة الطوارئ خلال مدتِها على حالاتِ مواجهةِ أخطار الإرهاب وتمويلِهِ وجلبِ وتصديرِ المواد المخدرةِ والاتجار فيها ... كما يقتصرُ اتخاذُ التدابيرَ المناسبةَ للمحافظةِ على الأمن والنظام العام على التدابيرِ المنصوصِ عليها فى البند (1) و (5) فقط من قانونِ حالة الطوارئ ... فبرهن بذلك للعالمِ أننا دولةٌ تحترمُ تعهداتِها فى مجالِ حقوقِ الإنسان .. وتحترم حقوقَ المواطنين وحرياتِهم التى لا يستخدمُ قانونُ الطوارئِ للنيل منها أو الانتقاصِ من مساحتِها .. وإنما لمواجهةِ خطرٍ محدقٍ بأمتنا وبالعالِم أجمع. إن الحكومةَ وهى تطلبُ مدَّ حالةِ الطوارئ لمدة عامين تتعهدُ أمام نواب الشعب بألا تستخدمَ التدابيرَ الاستثنائيةَ التى يتيحُها قانون الطوارئ إلا لمواجهةِ خطر الإرها ب والمخدرات .. وبالقدر الضرورى لمواجهةِ هذه الأخطار ... فلا استخدامَ لقانون الطوارئ للنيلِ من الحريات أو الانتقاصِ من الحقوق ... إذا كانت المواجهةُ لا تتعلقُ بهذين الخطرين ... كما تتعهدُ الحكومةُ بأن تحيطَ إعمالَ قانون الطوارئ فى الحالات التى تستلزمُ تطبيقَهُ بالضماناتِ التى نص عليها الدستورُ والقانونُ والاتفاقيات الدولية... وأن يتمَّ ذلك تحت الرقابةِ الكاملةِ للقضاء ... تلك المعاييرُ فرضناها على أنفسِنا ونلتزمُ بها لأننا أمةٌ عريقةٌ كانت لها اسهاماتُها فى مجال حقوق الإنسان... إسهاماتٌ قُنِنَت فى دساتير وقوانين واتفاقيات ... نلتزمُ بها ونتعهدُ بتطبيقِ نصوصها. السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر جاءت الحكومةُ إلى ممثلى الشعب تطلُبُ مدَّ حالةِ الطوارئ وهى على ثقةٍ أنهم على اختلافِ انتماءاتهم الحزبية والسياسية ... يقدرون مراميها ... ويتفهمون أسبابَها ودوافعَها .. ويأملون أن تزولَ هذه الحالةَ بعد انتفاءِ أسبابِها فى أقربِ وقت ... والحكومةُ من جانِبِها لن تخيبَ ظنهم ... وسوف تحققُ رجاءَهم فى أقربِ وقتٍ ممكن إن شاء الله ... فنحن شركاءُ فى المسئوليةِ عن هذا الوطن ... قد تختلفُ رؤانا فى كيفيةِ النهوضِ به ... ولكن جهودَنا تتوحدُ فى مواجهةِ الأخطار التى تحدُقُ به ... فليكن قرارُكُم اليومَ أغلبيةً ومعارضةً بالموافقةِ على مدِّ حالة الطوارئ ... رسالةً إلى شعبِنا العظيم بأننا فى مواجهة الأخطار متحدون ... وأننا من أجل استقرارهِ ورفاهيتِهِ ننبذُ خلافاتِنا ونوحدُ كلمتَنا وصفوفَنا . حفِظَ اللهُ لمصرَ أمنَها واستقرارَها ... وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،