الوطني نفسه أصدر وثيقة للمواطنة تضمنت الحق في التجمع السلمي فلماذا يرفض العادلي مطالب النواب الآن؟ نواب مجلس الشعب وقوى المعارضه امام البرلمان في مظاهره حركة 6 أبريل إن ألف باء العمل السياسي في دول العالم الديمقراطي هو الاتصال والتواصل مع الجماهير، فأحد الأدوار والمهام التي من المفترض أن يقوم بها النواب وكذا الأحزاب والقوي السياسية المختلفة هو السعي للحصول علي تأييد جماهيري للبرامج والمطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، والتي من المفترض أن تتحول فيما بعد إلي سياسات وقرارات وقوانين تعبر عن مطالب الشعب. ولكن الواقع المصري يسير عكس ذلك تماما، حيث نجد أن الحكومة تتعامل بمنهج وأسلوب مختلف مع المعارضين لها سياسياً سواء نواباً أو أحزاباً أو جماعات، وتستخدم الذراع الأمنية وتعتمد المنهج البوليسي أو الإقصائي الاستبدادي في مجال العمل السياسي، لذا فإننا نعتبر أن قرار وزارة الداخلية بمنع التظاهرة السلمية المقررة اليوم الثالث من مايو وكذلك ما سبقها من قرارات مماثلة انحرافاً بالسلطة وتعسفاً في استخدام القانون، ويشكل القرار انتهاكاً لحق التجمع والتظاهر السلمي المكفول بمقتضي المادة 54 من الدستور المصري، والتي تنص علي «للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحاً، ودون حاجة إلي إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة، والاجتماعات الخاصة والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون»، وانتهاكاً أيضاً للمادة 21 من نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي وقعت عليها الحكومة المصرية وأصبحت ملتزمة بنصوصها وفقاً لنص المادة 151 من الدستور التي تنص علي «إن الاتفاقيات والمعاهدات التي يوقع عليها رئيس الجمهورية ويصدق عليها البرلمان تعد قانوناً داخلياً واجب التطبيق». إن الدستور يضمن حق التجمع السلمي، وبناء عليه فإن قرار وزارة الداخلية يكون مخالفاً للدستور، وإذا احتجت الداخلية بأننا في حالة الطوارئ نرد عليها بأن هذا أيضاً مخالف لتعهدات الحكومة التي أعلنت أمام مجلس الشعب التزامها بعدم استخدام قانون الطوارئ إلا لمواجهة جرائم الإرهاب وجرائم المخدرات، ونحب أن نؤكد في هذا المجال أن القيام بتظاهرة أو مسيرة سلمية من أجل تقديم مطالب سياسية محددة أيا كانت هذه المطالب لا يدخل بأي حال من الأحوال في باب الفوضي أو الأنشطة المخلة بالأمن، وأيضاً نقرر أن قيام النواب بتقديم طلب إلي وزارة الداخلية لا يهدف إلي الحصول علي موافقة الوزارة، لأن هذا يخرج عن اختصاصها، وإنما المقصود من هذا الإجراء هو إخطار جهات الأمن لاتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لتأمين التظاهرة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين سيولة المرور وعدم تعطيل مصالح المواطنين، حتي لا يحدث أي تعطيل للمرور أو أي أحداث شغب من أي جهة. لذلك كان من الغريب أن يكون رد جهات الأمن، هو رفض التظاهرة أساساً. واحتجاج الداخلية بنص القانون رقم 14 لسنة 1923 المعروف باسم «قانون الاجتماعات»، والذي يشترط في المادة الثانية منه ضرورة إخطار الشرطة قبل عقد الاجتماعات بثلاثة أيام، وينص في المادة الرابعة منه علي أنه يجوز للمحافظ والبوليس منع الاجتماع قبل عقده، فالتناقض واضح وصريح بين هذا القانون والمادة 54 من الدستور والمادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما أن القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن المظاهرات والتجمعات، والذي يضع قيوداً علي حرية التظاهر وحرية الرأي والتعبير وللعلم هذه القيود مطابقة تماماً لنصوص قانون الطوارئ فمن المعلوم أن هذه الحزمة من التشريعات قد صدرت في ظل الاحتلال البريطاني بهدف منع الشعب المصري من مقاومة ومناهضة الاحتلال ومن عقد الاجتماعات والمظاهرات السلمية للإعلان عن رفضها الاحتلال والمطالبة بالاستقلال. لذا فإننا نربأ بوزارة الداخلية أن تكون بديلاً للمستبد المحتل في قمع الشعب المصري وحرمانه من حقوقه الدستورية في حرية التظاهر وحق التعبير الذي كفله له الدستور المصري. إن ممارسة الحق الدستوري لا يحتاج إلي إذن من أحد أيا كان وممارسة الحق الدستوري ليست خروجاً علي القانون ومن يدعي ذلك فعليه أن يصحح مفاهيمه ونؤمن بأن ممارسة الحق الدستوري يحتاج إلي تنظيم - وليس المنع - وهذا ما قصده المشرع حين أحال حق التظاهر إلي القانون. ومن المسلم به أنه لا يجوز تعطيل حق دستوري بقانون أو بقرار من السلطة التنفيذية، ولا يجوز هنا الاحتجاج بأن الدستور في المادة 54 قد حدد ممارسة هذا الحق بأن تكون وفقا للقانون، فالقانون هنا لتنظيم ممارسة هذا الحق، وليس بهدف وضع قيود تحد من الحق أو أن تعصف به نهائياً وتمنع ممارسته. إن منع التظاهرات السلمية السياسية يخالف كل دعاوي الإصلاح التي ترفع شعاراتها الحكومة وحزبها من حين لآخر، بل يضع قضية الحريات السياسية علي المحك، وتتنافي وتتعارض مع كل التصريحات التي جاءت مؤيدة لحق الشعب في التظاهر السلمي تعبيراً عن رأيه، والتي صدرت من قيادات الحزب ومسئوليه بعد فضيحة مطالبة بعض نواب الحزب الوطني للداخلية بإطلاق الرصاص علي المتظاهرين وفقا للقانون.. ونحب أن نشير في هذا المجال إلي أن وثيقة حقوق المواطنة الصادرة عن الحزب الوطني في أحد مؤتمراته قد تضمنت الحق في التجمع السلمي، وهو الحق الذي يرتبط بالأساس بالحق في المشاركة في إدارة الشأن العام وحرية الرأي والتعبير، وهذه حزمة من الحقوق والحريات غير قابلة للتصرف أو التأويل، باعتبارها عنوان دولة سيادة القانون والدولة الديمقراطية التي يحق فيها الاتصال بالجماهير، وتعبئتها علي برامج سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية دون تعسف من قبل السلطة التنفيذية، وأيضاً دون قيود أمنية. وبالتالي فإن قرار وزير الداخلية بمنع المظاهرة السلمية للنواب والقوي السياسية المختلفة المعارضة والرافضة سياسات الحزب الحاكم يقوض أحد أسس وركائز الدولة الديمقراطية، ويصطدم بالدستور والمواثيق الدولية التي وقعت عليها الدولة المصرية. إن منع التظاهرات السياسية السلمية تؤكد المنهج الإقصائي الديكتاتوري للحزب الوطني الحاكم وتفضح تشدقه الكاذب بالديمقراطية وتؤكد موقفه الرافض للديمقراطية والحرية ولدولة سيادة القانون، ويؤكد مراراً وتكراراً استبداده وإساءة استغلال السلطة وعدم احترامه الدستور الذي هو شرعيته للحكم. وهذا يؤكد أن منصب الوزير هو في الأساس منصب سياسي وليس احترافياً أي أن وزير الصحة مثلاً لا يجب أن يكون طبيبا ووزير التعليم لا يجب أن يكون معلما ووزير الداخلية لا يجب أن يكون ضابط شرطة وهكذا.. لكن من يتولي منصب الوزير يجب أن يكون سياسياً محترفاً، أما الأجهزة المعاونة له ومستشاروه فهم من يجب أن يكونوا من المحترفين في مجال تخصصاتهم.