مناقشات لجنة الخمسين حول الدستور الجديد بدت أنها تثير القلق. .. ويبدو أن الشخصيات التى جرى اختيارها للجنة لا تعرف ماذا تفعل؟! وما دورها؟!.. وربما ماهية الدستور أصلا؟!
.. صحيح أن اللجنة تضم شخصيات عظيمة وعلى الرأس جميعا. إلا أن خبراتهم السياسية ضعيفة حتى وإن بدا البعض منهم متحدثا وسبق وأن ظهر أو قدّم برامج وإن قدموا أنفسهم على أنهم شخصيات فاهمة وواعية.
فظهروا فى مناقشة اللائحة.. وكأنهم مجموعة من الموظفين البيروقراطيين «اللائحيين» وأصروا على التفاهات من الأمور.. فى حين أن بين أيديهم ما ينقل مصر إلى دولة جديدة وعصر آخر.
.. إلا أن البعض يريد أن نسير حول أنفسنا.
.. وأعلم أن هناك كثيرا من أعضاء اللجنة من الشخصيات المحافظة يحاولون تقديم أنفسهم على أنهم شاركوا فى الثورة.. وكان لهم دور عظيم ولعل هناك من كان يشارك نظام مبارك.. وأصبح فجأة يتحدث عن نفسه وعن حزبه بأنه مفجر ثورة 25 يناير، لأنه انسحب من الجولة الثانية فى انتخابات مجلس الشعب 2010 مع الإخوان المسلمين -مع أن كل القوى الوطنية أعلنت قبل الانتخابات رفضها المشاركة لتعرية نظام مبارك وحزبه الوطنى- وهو أيضا مفجر ثورة 30 يونيو، وأنه أصدر بيانا ضد محمد مرسى يوم 30 يونيو، وشارك بما يقرب من مليون استمارة تمرد؛ مع أنه وغيره يعلم أن الشعب كان يخرج كل جمعة ضد محمد مرسى وجماعة الإخوان فى وقت كان ذلك الرجل يجرى مباحثات مع محمد مرسى، وكان عرّابا ووسيطا بين بعض الشخصيات السياسية وجماعة الإخوان. .. صحيح هناك أيضا شخصيات عظيمة فى اللجنة وكانت حاضرة بالثورة سواء فى 25 يناير أو 30 يونيو.. ولكن يبدو أن كَبر السن يؤثر فى القرارات!! .. فليس من المعقول أن تتحدث لجنة جاءت بعد ثورة خرج فيها الملايين ضد الإخوان ودستورهم الطائفى عن تعديلات دستورية لا دستور جديد.. حتى ولو جاء ذلك فى الإعلان الدستورى. .. لقد ارتاح الشعب لاختيار اللجنة بتلك الطريقة لأنه آمل فى أن يكون بينهم الرشيد الذى يحقق المطالب فى دستور جديد لا «ترقيعات دستورية». .. حتى وإن قدمت لجنة العشرة تعديلات أو «ترقيعات» على دستور 2012.. فهذا الأمر لا يكفى فى ظل ثورة خرجت ضد الإخوان ودستورهم. .. لكن يبدو أن هناك شخصيات سقط من حسابها أن هناك ثورة خرجت وأن الشعب يريد دستورا جديدا ولا يريد تعديلات أو ترقيعات. .. وكان الأجدى بهؤلاء أن يطّلعوا على تجارب دول خرجت من أنظمة ديكتاتورية وفاشية بدساتير أفضل استطاعت شعوبها أن تنتقل إلى صفوف الدول المحترمة التى تقدّر وترفع من شأن مواطنيها. .. فمطلوب دستور يعبر عن شعب كافح وناضل ضد الاستبداد والفساد سنوات طويلة وضد الفاشية واستطاع أن يزيحها فى عام؛ بعد أن استطاعت السيطرة على شخصيات ومؤسسات كبيرة وتعاونت مع أحزاب (للأسف ممثَلة الآن فى لجنة الخمسين). .. فلن تنفع «ترقيعات». .. وليفهم أعضاء لجنة الخمسين الشعب جيدا.. ويعوا أنهم يمثلون الشعب.. وليس هيئاتهم فقط أو من رشحوهم! .. إن ما جرى فى مناقشات اللائحة لا يدعو إلى التفاؤل. .. فهل ينتبه أعضاء لجنة الخمسين! ويشعرون بالشعب صاحب الفضل الأول والأخير فى وصولهم إلى ما هم عليه. .. فللأسف أحزابهم وجمعياتهم ليست لها أى فضل.. فما زالت تحبو.. والشعب يريد الدستور الجديد من أجل تقويتهم ومن أجل المستقبل. .. لعلهم يدركون.. ويفهمون.