شهادة حسن سلوك يمنحها المسؤولون الأمريكيون لمن يشاؤون حيث تقتضى مصلحة واشنطن، وينزعونها فى الوقت المناسب.. صحيفة «الإندبندنت» البريطانية كشفت هذا التناقض فى تقرير لها أن الصور التى تجمع الرئيس السورى بشار الأسد ووزير الخارجية الأمريكى جون كيرى فى أحد المطاعم بالعاصمة دمشق والتى تم كشف النقاب عنها، تعتبر تناقضا صارخا مع وصف الأخير للأسد بأنه «سفاح» ومقارنته بالزعيم النازى أدولف هتلر لاستخدامه المزعوم للأسلحة الكيماوية. وذكرت الصحيفة البريطانية -فى سياق تقرير نشر أول من أمس (الأربعاء) أن الصورة التى تجمع كيرى وقرينته تريزا هاينز والأسد وقرينته أسماء الأسد خلال هذا «العشاء الحميم» يعتقد أنه تم التقاطها فى العاصمة دمشق فى فبراير 2009، مستنكرة أن كيرى الذى قارن الأسد بهتلر هو ذاته الذى التقاه فى عشاء «حميمى» فى دمشق العام 2009. وأوضحت الصحيفة أن كيرى كان يزور دمشق خلال هذه الفترة بصفته رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ، مشيرة إلى أنه قد التقى الأسد ست مرات من قبل. وأعادت الصحيفة البريطانية إلى الأذهان أن كيرى أكد خلال زيارته -فى 2009- لدمشق «أن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما تعتبر سوريا لاعبا رئيسيا فى جهود واشنطن الرامية لإحياء السلام فى منطقة الشرق الأوسط». وكان كيرى قد أكد الأسبوع الماضى أهمية توجيه ضربة عسكرية إلى النظام السورى عقب استخدام الأسد السلاح الكيميائى ضد المدنيين العزل، بغوطة دمشق، فى 21 أغسطس الماضى. وشدد كيرى خلال مشاركاته فى عدة برامج تليفزيونية، لشرح الموقف للرأى العام الأمريكى، على ضرورة التدخل العسكرى فى سوريا، بعد التأكد من استخدام النظام السورى الكيميائى، عن طريق عينات الدم والشعر، التى أخذت من المناطق التى استهدفها الهجوم الكيماوى قرب دمشق. وكيرى الذى يخوض حملة مكثفة لأعضاء الكونجرس بأهمية توجيه ضربة عسكرية لسوريا، هو نفسه من قال عن الأسد عندما كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية فى مجلس الشيوخ الأمريكى، إنه يتوقع أن يتبنى الرئيس السورى توجها إصلاحيا، وأن يتجه أكثر إلى التقرب من الولاياتالمتحدة وحلفائها. نفس هذه التصريحات صدرت عن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون التى قالت فى حوار مع برنامج «واجه الأمة» الشهير فى مارس 2011، «هناك زعيم من نوع مختلف فى سوريا الآن. والعديد من أعضاء الكونجرس من الحزبين الذين ذهبوا إلى سوريا فى الشهور الماضية قالوا إنهم يعتقدون أنه إصلاحى». وكانت كلينتون ترد على المذيع الأمريكى الشهير بوب شريفر الذى قال لها إن الرئيس الراحل حافظ الأسد، والد بشار، قتل أكثر من 25 ألف سورى فى أثناء الانتفاضة التى شنها الإخوان المسلمون ضد نظامه، لكن وزيرة الخارجية السابقة ردت عليه بالقول إن الأسد الابن «زعيم من نوع مختلف». وبعد الهجوم عليها من أعضاء الكونجرس ووسائل الإعلام، سارعت كلينتون إلى التخفيف من حدة هذه الانتقادات بالقول إنها كانت فقط تنقل آراء أعضاء الكونجرس الذين التقوا الأسد. كان الهدف من الضربة المحتملة القادمة واضحا خلال تصريحات كيرى ووزير الدفاع تشاك هيجل خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية فى مجلس الشيوخ الأمريكى، فقد تمحورت محاولاتهما لإقناع أعضاء الكونجرس بتأييد الهجوم على أمن ومصلحة إسرائيل. كرر كيرى كثيرا الحديث عن إيران وحزب الله، حليفى الأسد، وقال إن «إسرائيل ستكون أقل أمنا» ما لم تتدخل الولاياتالمتحدة عسكريا ضد سوريا. وقال كيرى إن «إيران تأمل بأن تتجاهلوا ما يحدث فى سوريا». أما وزير الدفاع هيجل فهو صاحب التصريح الشهير بعد أيام قليلة على تعيينه، بأن «استراتيجية الولاياتالمتحدة فى الشرق الأوسط تقوم بالأساس على أمن ومصلحة إسرائيل».