لم يعد أمر انهيار الاقتصاد المصري قابلاً للإنكار..وأصبح من المعلوم للأغبياء بالضرورة أن الفساد يحكم المدينة..والحكومة المصرية أصبحت كما العرسة...التي تدخل في الشقوق عند كل أزمة...وهو تشبيه ريفي جميل.. فعلي رأي الست دي أمي «العرسة لما تخاف...تستخبي ولو في اللحاف»... والديون في مصر تتراكم والبطالة تزيد والأسعار في ارتفاع والحكومة في حالة ارتعاش يدوي وشلل نصفي أصاب النصفين من جسد الحكومة «اللي تحت واللي فوق».. ولا تجد إنجازاً تحكي عنه لهذه الدولة المريضة إلا ما تكتبه جريدة الأهرام الحكومية في المقال الأسبوعي وذلك بعد تناول الجريدة لعقار «الهلوسة»..فتراها تحدثك عن «مصر» أخري غير التي نعرفها.. وحكومة أخري.. غير التي تدهسنا..وقيادة أخري لها إنجازات أكثر من إنجازات الحكومة الصينية وكوريا الشمالية وتايوان وموزمبيق..حتي يصل بنا الأمر إلي أن نستلقي علي قفانا من كثرة الضحك..وبالذات حينما تتحدث الجريدة عن شخصية مصر الدولية وتأثيرها الدولي..مع أن الحكومة المصرية تنازلت عن شخصيتها الدولية حينما تنازلت عن حرية القرار وحرية الإرادة وعن ملكية المصريين لأرض مصر ومصانعها وشركاتها..ثم إن قتل عناصر تلك الشخصية الدولية لم يتم بقوة قتل واحدة أو اثنتين..بل ثلاث.. والعجيب أن الحكومة المصرية تصنع الأزمات ثم تطلب من الشعب حلها...فعلاج ارتفاع أسعار اللحوم هو ألا تأكل اللحوم..وعلاج ارتفاع أسعار الكهرباء هو أن تطفئ المصباح..أما علاج مشكلة الصرف الصحي.. فهو ألا تصرف شيئاً...صحياً كان أو غير صحي.. المهم يا سادة أن الجوع والفقر والمرض أصبحت شعار المرحلة.. وقد رضينا بالهم ولكن ياليت الهم يرضي بنا.. فقد ظهرت علينا الحكومة لكي تبشرنا بأنها ستضيف إلي أزمة الجوع أزمة جديدة...وهي أزمة العطش..وهي تطالبنا من الآن بأن نقتصد في مياه الشرب...وأنه يجب فرض عقوبة علي من يشرب كثيراً.. وسوف يكون شعار المرحلة القادمة ..«بق ماء لكل مواطن».. ! وسوف ينظم الحزب الوطني حملة بعنوان «شربة واحدة أفضل»...ذلك لأنه ليس لدينا وزارة خارجية يمكنها التفاوض مع دول حوض النيل...كما أن الحكومة المصرية وعلي مدي ثلاثين عاماً كانت قد «اشترت دماغها» من أفريقيا ومشاكلها.. فإذا ما اشتعل الخلاف بين إثيوبيا والصومال.. فإنك تسمع صوت «شخير» وزارة الخارجية من أول الكرة الأرضية «وأنت جاي من علي الدائري» وحتي طريق شبرا الخيمة...وإذا قامت إسرائيل بالتوغل في أفريقيا..رفعت وزارة الخارجية المصرية شخيرها أكثر وأكثر وإذا ما زار وزير الري الإثيوبي القاهرة أو التقي أحد المسئولين المصريين...تجدهم يقولون لهم بلهجة الشحاتة..«إمبوو»..!...ذلك أن الخارجية المصرية لا تعلم أن هناك ما يسمي بتوقع المشكلة أو صناعة مراكز التفاوض أو الاهتمام بالشأن الدولي والتأثير فيه وصياغته..حتي أصبحت شخصية مصر الدولية مثل شخصية «السبع أفندي» الذي يتحدث كثيراً عن طول شاربه، بينما هو يخاف من «حرامي الحلة»..وأصبح المصري هو الذي تستقوي عليه بلاد العالم..فيتعرض للجلد والضرب والإهانة دون أن يجد قنصلية أو سفارة تصرف له حتي منديل البكاء..أما إعدام المصريين في ليبيا فبالجملة، وغرقهم في سواحل أوروبا فبالعشرات.. وقتل الجنود المصريين برصاص الصهاينة علي الحدود المصرية شغال عمال علي بطال..وتدمير طائرة بمن فيها من الضباط المصريين في 31/10/1999 أمر عادي والمسامح كريم...فنحن بلد لا كرامة له..لا في الداخل..ولا في الخارج..والمكان الوحيد الذي تجد فيه شخصية المصري آخر احترام..كما تجد فيه الدولة المصرية وهي في غاية الهيبة وتتربع علي عرش العالم...ذلك المكان هو جريدة الأهرام الأسبوعية فقط.. وفي المقال إياه.. المهم أيها السادة الحكام...لقد قتلتمونا جوعاً..فهل ستقتلوننا عطشاً؟! وتعيشون في وهم نظرية السبع أفندي ؟! أم أنكم ستسلمون هذه المشكلة إلي من يحسن قيادتها ؟! وبمناسبة السبع أفندي..فيروي أنه كان يحكي لأصحابه علي المقهي عن قوته وكيف أجبر زوجته علي الركوع علي ركبتيها.. فلما استفسروا منه عن كيف حدث هذا..أجابهم السبع أفندي : «كانت بتقولي..اطلع من تحت السرير يا سبعي» وعجبي