انطلاق دعوات بين المواطنين لفضّ اعتصامات «رابعة» و«النهضة» بأنفسهم بسب «تأخر الحسم الحكومى» فيما بدا أن «صبرهم نفد»، وأن غضبهم فى تصاعد مستمر بسبب ما يرونه من تباطؤ الحكومة وأجهزة الأمن فى فض اعتصامَى النهضة ورابعة العدوية، عبّر كثيرون من المواطنين عن ضيقهم الشديد من استمرار الوضع على ما هو عليه، وأن التفويض الذى منحوه للجيش والشرطة لاتخاذ اللازم تجاه ما يهدِّد أمنهم ويعطل مصالحهم لم يتم تفعيله حتى الآن، «فوضنا الجيش والشرطة فى التعامل مع العنف والإرهاب ولم يتحرك أحد، وسنفض الاعتصامات بأيدينا»، هكذا يقول أحد المواطنين الغاضبين معبِّرًا عن لسان حال قطاع عريض من الأهالى والمواطنين فى مناطق مدينة نصر القريبة من اعتصام رابعة العدوية، وأيضا أهالى مناطق الجيزة القريبة من اعتصام ميدان النهضة.
تأخر حسم الفضّ بعد تفويض الشعب للأجهزة الأمنية بالتعامل مع العنف والإرهاب أدى بكثيرين إلى التفكير فى التعامل مع هذه الاعتصامات مباشرة ودون انتظار تحرك الأجهزة الأمنية، واستنكر الأهالى تأخر الحسم الذى ينذر بوجود دولة تبدو رخوة وأيادٍ مرتعشة تقف صامتة أمام ترويع المواطنين وتهديد الأمن القومى للبلاد.
كريم يوسف، أحد سكان رابعة، قال ل«الدستور الأصلي» إن هناك حالة غضب وغليان عنيف من جانب السكان لعدم وجود خطوات على أرض الواقع، إذ بدأ القلق يتسرب إلى قلوبهم بأن الداخلية لا ترغب فى فض الاعتصام، مطالبا بسرعة الإعلان عن موعد محدد لفض هذا الاعتصام حتى يطمئن المواطنون، لافتا إلى أن السكان يطالبون وزارة الداخلية بالبدء فى تنفيذ قرار مجلس الوزراء بفض الاعتصام إذ يزداد الأمر سوءًا.
من جانبه، قال العميد محمود قطرى الخبير الأمنى ل«الدستور الأصلي» إن الشرطة ظهرت أمام المواطنين من خلال بياناتها بالمظهر الضعيف المتقاعس، وإن ذلك قد يدفع بالمواطنين إلى «حرب أهلية» من خلال تكوين ميليشيات لفض الاعتصام، لافتا إلى أنه لا بد من سرعة البدء فى خطوات الخطة الأمنية على أرض الواقع حتى يطمئن المواطنون إلى أن هناك تحركًا فعليًّا نحو تنفيذ القرار.
وأوضح قطرى أن الداخلية لديها خوف كبير من فضّ الاعتصام لأنها ليست فى كامل قواها، وكذلك خوفا من سقوط ضحايا وتحمل المسؤولية لأنه ما زالت المطالبات بمحاكمة قتلة المتظاهرين تطارد وزارة الداخلية، وهو ما يجعلها تخشى تداعيات الهجوم على الاعتصام وفضه بالطريقة الكلاسيكية، إذ جاءت بياناتها فى هيئة نصيحة لا إنذار، مشددًا على ضرورة منع التفكير فى فض الاعتصام بواسطة أى هيئة مدنية، قائلا «الداخلية ستخوض أكبر عملية فض اعتصام فى تاريخها، وهو ما يحتم عليها الحذر وتأكيد السلمية، لذا تستخدم سياسة النفَس الطويل».
وقال اللواء عبد اللطيف البدينى الخبير الأمنى ل«الدستور الأصلي» إن مثل هذه الاعتصامات تحتاج إلى تكتيك وقدرة معينة وحساب لكل الظروف الموجودة ولا توجد خطوات معينة فى فض الاعتصام تستطيع أى إدارة أن تأخذها الآن، لافتا إلى أن الاعتصامات الكبيرة لا تصلح فيها الحلول الأمنية ولا بد من وجود حلول سياسية لأنه سيكون هناك خسائر من الطرفين، مشيرا إلى أنه لا يستطيع أحد فض اعتصام بهذه الأعداد دون خسائر فادحة فى الأرواح.
على جانب آخر، أكد الناشط السياسى جورج إسحاق أن فى فض اعتصام رابعة العدوية تقاعسًا، وهذا ظهر جليا فى أثناء السماح بوجود عدد كبير من مؤيدى المعزول أمام مدينة الإنتاج الإعلامى وكذلك فى الألف مسكن، مشيرا إلى أن التأخر فى اتخاذ خطوات جادة نحو فض الاعتصام سوف يستثير المواطنين ويدفع بهم إلى حرب أهلية من خلال محاولة فض الاعتصام بأنفسهم، لافتا إلى أن هذا ما يطلق عليه «الاحتراب المصرى»، وهو ضد هذا، موضحا أن هناك عديدًا من المبادرات، آخرها مبادرة «مصر الحرية»، وهى تقترح خروج المعتصمين من الميدان وتفتيشهم، ويتم القبض على من صدر له طلب ضبط وإحضار وكذلك من يحمل أسلحة، ويُسمَح للمعتصمين بالعودة مرة أخرى ما عدا من قُبض عليه، ويتم تطبيق ذلك بعد العيد.
وقال الدكتور وحيد عبد المجيد الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن التعامل مع التجمعات من هذا النوع يحتاج إلى وضع الخطط اللازمة والتخطيط الدقيق، وهذا يتطلب جمع كل المعلومات المتعلقة بالمواقع، وكل ما يحدث داخل هذا الموقع، وما يوجد فى كل سنتيمتر بداخله، لأن هذا النوع من العمليات هو أقرب لعمليات تحذير من فض اعتصام، لأنه ليس اعتصامًا سلميًّا، بل تجمع مسلح فى داخله مواطنون محتجَزون لا يستطيعون الخروج.
أضاف عبد المجيد أن «كثيرًا من الموجودين هناك أقرب إلى رهائن وينبغى الحفاظ على أرواحهم، وهذا النوع من العمليات هو أكثر العمليات دقة ويحتاج إلى حسابات لا يوجد بها أى خطأ، ومن ثَم تتطلب هذه العمليات وقتًا لا يستطيع أن يحدده أحد منا، ولكن يحدده من يقوم بهذا التخطيط، وقد لا يستطيع تحديد هذا الوقت لأنها ليست عمليات تقليدية لفض اعتصام وإنما هى عملية تحرير رهائن وإلقاء القبض على مختطفيهم دون خسائر».