لم يكن أحد يتوقع من الزعيم الشاب موسي كامارا الذي بدأ حكمه متحدثا باسم الانقلابيين والذي صفق له الآلاف من سكان العاصمة الغينية كوناكري يوم اختارته المجموعة العسكرية رئيسا للبلاد هاتفين «تحيا غينيا الجديدة» و«عاش الرئيس»، أن عهده سيشهد تلك الانتهاكات العنيفة لحقوق الإنسان التي شارك فيها جنوده ضد المعارضة والتي تنوعت ما بين أعمال قتل جماعية واغتصاب وتحرش جنسي علي نطاق واسع ضد النساء من المعارضة. حيث وجهت الأممالمتحدة لقائد المجلس العسكري الحاكم في غينيا، موسي داديس كامارا، تهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية علي خلفية مقتل محتجين من المعارضة في أحد ملاعب العاصمة، كما حملت المنظمة كامارا«المسؤولية الجنائية المباشرة» عن أعمال القتل التي حدثت. قالت المنظمة إن 156 شخصا قتلوا في الحادث خلال الاحتجاجات، مؤيدة بذلك المزاعم التي رددتها منظمات حقوق الإنسان وجماعات المعارضة مرارا بشأن ارتكاب قوات الجيش لأعمال القتل، حيث جاء في التقرير الذي أنجز بناء علي مقابلات مع أكثر من 600 شخص أن ما لا يقل عن 109 فتيات وسيدات تعرضن للاغتصاب أو تشويه أعضائهن الجنسية أو الاختطاف بهدف اغتصابهن أكثر من مرة. وإن كان كامارا حاول إبعاد نفسه عن الجرائم المرتكبة من خلال تحميل عناصر متمردة في الجيش مسئولية ما حدث، فإن ذلك لم يمنع من تضاؤل شعبيته بين مواطنيه، الأمر الذي عرضه لإطلاق نار من طرف أحد حراسه في بداية الشهر الجاري. وكامارا بدأ حياته كغيره من الآلاف العسكريين، إذ قضي في صفوف الجيش الغيني ما يقرب من 17 عاما في وحدات الإمداد، وشارك في العديد من حركات التمرد بين عامي 2007 و2008. كما تحول خلال يومين إلي زعيم لمجموعة حاكمة وأعلن نفسه رئيسا لغينيا، بعد إعلانه عبر الإذاعة الوطنية حل الحكومة وكل المؤسسات بعد ساعات من وفاة الرئيس الجنرال لانسانا كونتي بعد حكم دام 24 عاما بلا منازع. وكامارا لم يكن مميزا خلال مراحل حياته المختلفة، فعندما كان شابا، لم يترك انطباعا بأنه طالب لامع في كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية في جامعة عبد الناصر، حسبما يؤكد رفاقه، لكن في 1990، التحق بالقوات المسلحة بعد ستة أعوام من الانقلاب الذي حمل كونتي إلي السلطة، وخدم في الشئون الإدارية فكان «مديرا لفرع الوقود» ثم مديرا عاما لمحروقات الجيش حيث كان يتولي إدارة مليارات الفرنكات الغينية. ولم يعرف من تاريخ كامارا سوي أنه كان في 2007 أحد قادة تمرد الجنود الذين طالبوا بدفع رواتبهم التي تأخر دفعها وزيادة هذه الرواتب، وأسفرت أعمال العنف حينذاك عن سقوط ثمانية قتلي. شارك كامارا بصورة فعالة في التمرد الذي وقع في مايو الماضي عندما طالب جنود ساخطون بدفع مكافآت وُعدوا بها وبإطلاق سراح عسكريين معتقلين، وأسفرت المواجهات بين الشرطة والعسكريين حينذاك عن سقوط عشرة قتلي. وعلي الرغم من أن الكثيرين ينظرون إلي كامارا علي أنه قد وصل إلي الحكم بالصدفة البحتة، فإنه يؤكد دائما أن ذلك كان بفضل «كثير من الصفات»، به وفي مقدمتها وطنيته.