بوتين يتعهد بالتوصل سريعا لكشف ملابسات تحطم طائرة الرئيس ومقتل العشرات من قادة الجيش والأجهزة الامنية بوارسو خبراء يعبرون عن قلقهم من تأثير الأمر على العلاقات بين وارسو وموسكو في ظل التوتر المستمر الدول الغربية تتقدم بتعازيها في مقتل الرئيس البولندي وتصف الحادث بالخسارة الكبيرة الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي مع وزوجته قبل مصرعهما معا تعهد فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الروسي الأحد بالعمل على التوصل سريعاً إلى كشف ملابسات مقتل الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي إثر تحطم طائرة كانت تقله هو وزوجته وعدد من كبار مسئولي بلاده بمنطقة سمولنسك غرب روسيا ،وكان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قد عين بوتين رئيساً للجنة خاصة كلفت بالتحقيق في الحادثة وتحديد أسباب سقوط الطائرة وتحطمها . ومن بين المسؤولين البولنديين الذين وردت أسماؤهم في قائمة الضحايا الذين بلغوا 96 شخصا التي أعلنتها وزارة الطوارئ الروسية مساء أمس الاول : رئيس أركان الجيش فرانشيسك جاجور وقادة السلاح البحري والجوي والبري و محافظ البنك المركزي، ونائب وزير الخارجية، ورئيس مكتب الأمن القومي، ونائب رئيس البرلمان، ورئيس اللجنة الأولمبية، ومفوض الحقوق المدنية، واثنين على الأقل من مساعدي الرئيس، وثلاثة من أعضاء البرلمان . هذا وقد تسلم رئيس البرلمان البولندي، برونيسلو كوموروسكس، مهام رئاسة البلاد، ومن المتوقع إجراء انتخابات خلال الشهرين المقبلين، تشير كافة التوقعات إلى فوزه فيها، بعد إعلان رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، الذي يحظى بقاعدة شعبية عريضة، انسحابه من السباق الرئاسي قبيل ثلاثة أسابيع. من جانبه أوضح أندريه إيفسينيكوف المتحدث باسم حاكم سمولنسك أن الطائرة تحطمت بسبب "سوء الرؤية" موضحا أنها كانت تحاول الهبوطَ في ضباب شديد لافتا إلى أن المراقب الجوي اقترح أن تتوجه الطائرة إلى منطقة منسك غرب روسيا إلا ان طاقَمها اتخذ قرارا مستقلا للهبوط في سمولنسك ، ولم تستطع الطائرة الهبوط على المدرج واصطدم جناحاها بأشجار في الغابة المجاورة للمدرج" حسب قوله . وفي بولندا توافد آلاف المواطنين إلى وسط العاصمة وارسو مساء أمس الاول وقاموا بالتجمع حول القصر الرئاسي حدادا على رئيسهم ، ووصف الرئيس البولندي السابق ألكسندر كواسنيوسكي الحادث بأنه "الأكثر مأساوية في تاريخ بلاده" بعد مجزرة كاتين التي قتل فيها نحو 22 ألف بولندي خلال العهد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية. وقال كواسنيوسكي : "يقولون أحيانا إنه لا يمكن الاستغناء عن أي شخص. وهؤلاء الذين قضوا في حادث تحطم الطائرة لا يمكن الاستغناء عنهم. فبعد 70 عاما من مقتل آلاف البولنديين في مجزرة كاتين، مرة جديدة نشهد مصرع نخبة البلاد" مضيفا أنه "رغم الاختلاف في وجهات النظر بيني وبين كاتشينسكي إلا أن تحطم الطائرة في روسيا هو خسارة كبيرة للأمة، ومن الصعب تجاوزها". في السياق نفسه قال محللون أن مصرع كبار قيادات الجيش في الحادث له انعكاسات أكثر خطورة من مقتل الرئيس البولندي ، وقال توماس فالاسك أحد خبراء "مركز الإصلاح الأوروبي" ان "كبار القادة العسكريين، بما في ذلك رئيس هيئة الأركان وكافة القطاعات الأخرى، كانوا على متن الطائرة لذلك فنحن أمام وضع جرى فيه قطع رؤوس جميع الخدمات العسكرية ببولندا " وقال فالاسك أنه برغم شغل كاتشينسكي أعلى منصب في البلاد، إلا أن الأجهزة الحكومة اللازمة لإدارة البلاد سليمة مضيفا أن "الحكومة ما زالت في مكانها فهذا ليس نظام رئاسي" حسب قوله ،كما وصف المحلل السياسي بيوتر كازينكي مركز الدراسات السياسية الأوروبي الوضع بأنه "زلزال سياسي فالكثير من القادة لقوا حتفهم." وعن تأثير الحادث على العلاقات بين وارسو وموسكو قال جيمس شير الخبير السياسي بمؤسسة "شاتام هاوس" للدراسات البحثية البريطانية أن "العلاقات بين البلدين سادها التوتر المتواصل على خلفية مجزرة كاتين التي قتل فيها عشرات الآلاف البولنديين عام 1940 جراء العلاقة الوثيقة التي تربط بولندا بالولايات المتحدة مضيفا أنه سيكون من الجيد للعلاقات بين البلدين إجراء تحقيق مفتوح وسريع في حادث تحطم الطائرة. على الصعيد الدولي أعرب العديد من القادة الدوليين عن حزنهم وتعازيهم للحكومة البولندية على فقدان رئيسها وزوجته وخمسة وتسعين آخرين من بينهم مسؤولون حكوميون وعسكريون وعدد من أعضاء البرلمان ، وأرسل الرئيس الامريكي أوباما إلى الرئيس البولندي الموقت قائلا إن الخسارة ضربة قوية لبولندا والولايات المتحدة والعالم. وأشاد رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون بالرئيس الراحل قائلاً إنه كان من ابرز من رسموا ملامح التاريخ البولندي الحديث مضيفا في تصريحات صحفية قائلا "نعرف المصاعب التي تمر فيها بولندا ونعرف التضحيات التي قدّمها شخصياً من ضمن نضاله في حركة التضامن، ونعرف ما قدّمه من اجل استقلال بولندا وحريتها". بينما قالت مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل إن مقتل كاتشينسكي وصحبه مأساة إنسانية وسياسية لبولندا مضيفا أن كاتشينسكي كان مناضلاً في سبيل وطنه وكان قائداً كرّس نفسه للدفاع عن حرية بولندا وحرية أوروبا"،وأعرب وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير عن صدمة بلاده لهذا الحدث، مقدما تعازي فرنسا للحكومة والشعب في بولندا، ووصف رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني الحادث بأنه خسارة كبيرة. كما وجه بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة رسالة تعزية للشعب البولندي وحكومته وعائلات ضحايا الطائرة التي تحطمت غرب روسيا، معربا عن صدمته لمصرع الرئيس البولندية.