بالأرقام: تخفيض دعم الطاقة والغذاء فى الموازنة من 114 إلى 69 مليار بينما يكاد يختفى السولار من محطات البنزين فى مختلف أنحاء مصر، يصر المسؤولون فى حكومة الإخوان على أن مصر لا تعيش أزمة طاقة حقيقية، إنما تعانى من سوق سوداء، ومافيا تحاول تهريب السولار والبنزين المدعم، وربما يتم اتهام المواطنين بأنهم السبب فى عدم قدرتهم على الاستخدام الرشيد للطاقة التى ينعم بها الإخوان على الشعب، لكن المشكلة التى لا يدركها إخوان مرسى وأهله وعشيرته وحكومته، أن الحديث عن الاقتصاد يبدأ وينتهى بالأرقام، وهى لا تكذب ولا تتجمل.
أحدث تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، الذى يترأسه طبيب الأمراض الجلدية ياسر على المتحدث السابق باسم رئاسة الجمهورية بعنوان «واقع الإنفاق العام فى مصر» يقول: «قيمة دعم المواد البترولية والسلع التموينية فى مشروع موازنة عام 2012/ 2013 بلغت (69.6) مليار جنيه، مقابل 114.4 مليار جنيه، فى الموازنة المعدلة لعام 2011/ 2012. وانخفضت قيمة دعم المنتجات البترولية بنحو 25.5 مليار جنيه، مقارنة بالموازنة المعدلة لعام 2011/ 2012 فى إطار التوجه العام نحو ترشيد دعم الطاقة، وقصره ما أمكن على مستحقيه الحقيقيين».
ويكشف التقرير أن السبب الرئيسى والأول لأزمة السولار والبنزين يكمن فى تراجع الدعم الحكومى المخصص للطاقة، لكن هذا ليس السبب الوحيد، هناك أسباب أخرى، لعل أهمها كما يقول ريتشارد مالينسون، المحلل لدى إنرجى أسبكتس فى لندن أن مصر لم تحصل على شحنة خام واحدة من المواد النفطية من السوق المفتوحة منذ يناير.
وحسب تقديرات مالينسون لا تزال مصر مدينة لمنتجى النفط والغاز بما بين ستة وثمانية مليارات دولار، يجب أن تتفاوض مصر بشأنها قبل أن تحصل على شحنات وقود جديدة. مما يعنى أنه إذا سددت الحكومة ديونها ستنهى على الاحتياطى النقدى، وإذا لم تسدد فإنها لن تستطيع الاستيراد مجددا أو أن تقبل بما يفرضه الدائنون من شروط تعسفية. المفاجأة فى هذه القضية إن الخام الوحيد الذى استوردته مصر بشكل متواصل هو من الكويت كان قد تم الاتفاق عليه قبل عام من تخلى الرئيس السابق حسنى مبارك عن الحكم، وهو اتفاق يعطى مصر ائتمانا مدته تسعة أشهر أى ثلاثة أمثال المهلة التى يقدمها الموردون عادة.
وتقول مصادر حكومية إنه تم إبرام اتفاق مع ليبيا لتزويد مصر ب900 ألف برميل من منتجات البترول شهريا اعتبارا من أبريل فى إطار صفقة تسليم منسق العلاقات المصرية الليبية السابق أحمد قذاف الدم إلى ليبيا، لكن المشكلة أن القضاء أوقف تسليم قذاف الدم، وبالتالى لم يعد معروفًا إن كانت الصفقة ستتم أم لا.
أخيرا فإن الغاز دخل على خط الأزمة أيضا، فقد انخفضت صادرات مصر من الغاز، لكن هذا ليس الخبر السيئ الوحيد، فالأسوأ أن حكومة مرسى تتفاوض لاستيراد الغاز من العراق والجزائر لتغطية الاحتياجات المحلية، وأهمها توفير الغاز لمحطات الكهرباء حتى لا تغرق مصر فى الظلام وتجرى شركة «إيجاس» محادثات منذ عدة أشهر للحصول على غاز من قطر، لكن المشكلة أن مصر تريد أن تدفع 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بينما تبيع قطر غازها لدول آسيوية بأكثر من 13 دولارا لكل مليون وحدة حرارية من الغاز.
المحصلة النهائية، أن حكومة مرسى قنديل، انصاعت إلى شروط صندوق النقد الدولى بتخفيض الدعم للحصول على القرض المنتظر فقادت البلاد إلى أسوأ أزمة اقتصادية فى تاريخها الحديث، وبينما يقول محمد مرسى: الذين يتحدثون عن إفلاس مصر هم المفلسون، يقود مرسى وحكومته مصر إلى الإفلاس بسرعة تكاد تتجاوز سرعة الصوت والضوء مجتمعين!