للزميل محمد علي إبراهيم شكر خاص من «الدستور»، وشكر آخر من قراء جريدة «الجمهورية» التي يرأس تحريرها، أما الشكر الخاص من «الدستور» فهو لعدة أسباب في مقدمتها حملة الترويج اليومية التي ينظمها للجريدة دون مقابل،حيث يكتب عنها يومياً في جريدته مقالات مطولة تجعل القراء يقبلون عليها من أجل متابعة ما تنشره حول أكثر من موضوع يعلق عليها رئيس تحرير الجمهورية . فشكراً له علي هذا الاهتمام والترويج المجاني. أما السبب الثاني: فهو أن موقف الزميل من تناول «الدستور» لمعظم القضايا يؤكد أن الجريدة علي الطريق الصحيح، وتتخذ المواقف السليمة، ولا أذيع سرا للقراء عندما أقول إن الزميل ومواقفه تعد بوصلة هادية بالنسبة لنا، فعندما يعلن عن معارضة لأي من مواقفنا أو ينتقد أي تناول أو تغطية لنا نفرح لأننا في هذه الحالة نتأكد أننا ننحاز إلي الناس وليس إلي السلطة،للشعب وليس للحكومة، للمبادئ وليس للأشخاص . يتصور الزميل محمد أننا نحزن من مواقفه، وأن هجومه الدائم علي «الدستور» سيضعنا في موقف الدفاع،لكنه بالطبع مخطئ، فنحن ننظر إلي هذا علي أحر من الجمر،وفي اليوم الذي تخلو فيه «الجمهورية» من هجوم علي «الدستور» أو نيل من رئيس تحريرها، نشعر أن هناك خطأ ما نسعي علي الفور لتصحيحه، فشكراً له مرة أخري علي هذا السبب. أما السبب الثالث: فهو أن الزميل بكل ما في جعبته من «فكر » و«ثقافة» ومن اطلاع، بمعارضته المتهافتة لما ينشر في «الدستور» يؤكد أن الحكومة التي يدافع عنها والحزب الذي ينطق بلسانه،والأشخاص الذين يعتبرهم زعماءه، ليس لديهم منطق في مواقفهم أو سياستهم،لأنهم لو كان لديهم هذا المنطق لبرز ذلك فيما يكتبه دفاعا عنهم، الأمر الذي يزيدنا ثقة بالنفس،ويجعلنا ندرك أننا نملك المنطق في مواجهة اللامنطق . وبالطبع فإن الزميل محمد هو ممثل نموذجي للكتاب الحكوميين الذين يهربون من مناقشة الحجة بالحجة والفكر بالفكر إلي منطقة أخري مختلفة تماما هي التطاول علي من يختلف معهم ومحاولة الاستظراف كتغطية لغياب الحجة وتهافت المواقف . فشكرا له مرة ثالثة علي هذا السبب. أما الشكر الذي علي قراء «الجمهورية» أن يقدموه إلي الزميل محمد علي إبراهيم،فلأنه استجاب لمطالب إدارة التوزيع بمؤسسة دار التحرير المتعلقة بضرورة نقل مقاله من الصفحة الأولي من العدد الأسبوعي لأنه تسبب في تراجع التوزيع،فقرر رئيس التحرير أن يطبق حلاً وسطاً هو ألا ينقل مقاله وفي الوقت نفسه ألا يستولي علي الصفحة الأولي من العدد الأسبوعي تماما، وإنما أن «يستوطن» في جزء منها فقط، وهو أمر يعني أنه استجاب إلي رغبة إدارة التوزيع جزئيا، وعقبال ما يستجيب لها كاملة. إن الزميل الذي يعطي لنا دروسا في الصحافة يوما بعد يوم عاد بصحيفته إلي عهود قديمة عندما كانت الصحف تهتم فقط بالرأي وتتجاهل الأخبار حتي انطلقت مدرسة محمد التابعي الصحفية التي أعطت اهتماما كبيرا بالخبر، وبدأت الصحف الخبرية تنتشر في مصر، والفارق الكبير بين ما يفعله محمد علي إبراهيم وصحف ثلاثينيات القرن الماضي، أن الأخيرة كانت تنشر مقالات عميقة لكتاب كبار، بعضها كان سبباً في الثورة مثل مقالات الدكتور محمد عصفور «فلنحطم الأغلال» ومقالات الدكاترة محمد مندور وعباس محمود العقاد وتوفيق دياب و أحمد أبوالفتح وأحمد حسين. وهناك فارق بين الأمرين بعيداً عن الفارق الفكري والأسلوبي بينه وبينهم، وبالطبع أن الزميل بسياسته التحريرية هذه يتراجع بالصحافة إلي الخلف، فضلا عن أن هؤلاء كانوا يكتبون من أجل الإصلاح ومن أجل أن تتقدم مصر إلي الأمام، في الوقت الذي تتسم كتابات الزميل بأنها تسعي إلي إبقاء الوضع الراهن علي ما هو عليه.