أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع نظيره الكوري الجنوبي يون بيونج -سي ، إن الإدارة الأميركية لديها مخاوف حيال المسار الذي تسلكه مصر على خلفية الاعتقالات الأخيرة والعنف الذي تشهده البلاد.وقال كيري "لا زلت أعتقد أن هناك وقتاً للوفاء بالوعود التي قطعت (خلال ثورة 25 يناير 2011) وقد وضعنا سلسلة من الخيارات الحقيقية أمام الحكومة المصرية إلا أنهم هم الذي يختارون في نهاية الأمر".وأشار كيري إلى إن إدارة الرئيس أوباما "تأمل في أن يكون هناك وقت لتغيير هذا المسار،
لكن الاعتقالات الأخيرة والعنف في الشوارع وعدم احتواء الجميع عندما يتعلق الأمر بالمعارضة هو ما يزيد من قلقنا في الوقت الراهن".بدورها، انتقدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند التضييق على حرية التعبير في مصر على خلفية اعتقال الإعلامي الساخر باسم يوسف. وقالت "لدينا بواعث قلق من خنق حرية التعبير في مصر"،
مشيرة إلى قرار ضبط وإحضار يوسف ثم الإفراج عنه بالكفالة.واضافت نولاند للصحافيين إن "هذه القضية إلى جانب أوامر اعتقال صدرت في الآونة الأخيرة بحق نشطاء سياسيين آخرين دليل على اتجاه مقلق يشهد تزايدا في القيود على حرية التعبير".
وانتقدت نولاند الحكومة المصرية قائلة إن "الحكومة (المصرية) تحقق فيما يبدو في هذه القضايا (اتهامات التجريح)، بينما تتباطأ أو لا تتحرك بشكل ملائم في التحقيق في الهجوم على المتظاهرين أمام قصر الرئاسة (في ديسمبر/ كانون الأول) وفي حالات أخرى من العنف المفرط من جانب قوات الأمن".وعبرت نولاند عن قلق الإدارة كون أنه "لا يبدو أن هناك تطبيقا متساويا للعدالة هنا"،
مؤكدة إن الولاياتالمتحدة ستواصل الضغط من أجل احترام حقوق الإنسان في مصر.وكانت الرئاسة المصرية صرحت في بيان لها مساء الثلاثاء فيما فسر على أنه رد على التصريحات الأميركية أن "استدعاء النيابة لأي مواطن مصري، بغض النظر عن صفته وشهرته، هو قرار من صميم اختصاص النائب العام الذي يعمل بشكل مستقل وبدون أي تدخل من رئاسة الجمهورية".وجاء في البيان أن "مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير أصبحت دولة قانون وتتمتع باستقلالية القضاء"، مؤكدا أن الرئاسة "لم تتقدم بأي بلاغ ضد الإعلامي باسم يوسف أو أي شخص آخر". واشار بيان الرئاسة الى أن "النظام القانوني في مصر يتيح لأي شخص التقدم ببلاغ للنائب العام".
وكانت واشنطن اتهمت السلطات المصرية بخنق حرية التعبير اثر استجواب باسم يوسف، الإعلامي المصري الساخر بخصوص تهم بينها إهانة الرئيس محمد مرسي وازدراء الإسلام، وهي القضية التي لا تزال تحظى بمساحة واسعة في فضاء الإعلام الأميركي المرئي والمكتوب.يشار إلى أن محاكمة الإعلامي الساخر باسم يوسف في مصر جاءت أثر مزاعم بإهانته للرئيس محمد مرسي وتشويه سمعة الإسلام وهو ما اعتبر أحدث المؤشرات على التصرف غير الديمقراطي للحكومة التي تهيمن عليها جماعة "الإخوان المسلمين".
وتخشى واشنطن من أن تعمل هذه الخطوة على تعميق حالة انعدام الثقة لدى المعارضة غير الإسلامية في مؤسسات الدولة السياسية والقضائية، ما يشجع تلك الجماعات على السعي للتغيير من خلال القيام بمظاهرات أكثر عنفاً بدلاً من إتباع القنوات السياسية الرسمية.وتقول الإدارة الأميركية أنها تعمل على تعزيز الحكم الديمقراطي الذي بدوره يعزز الاستقرار في مصر و"من هذا المنطلق حثت إدارة الرئيس أوباما الرئيس المصري مرسي على العفو عن باسم يوسف وإنهاء قمع المنتقدين لجماعة الإخوان المسلمين"، حسب مسؤول أميركي.
وتعتقد واشنطن أن حالة باسم يوسف ليست الاولى من نوعها، مستشهدة بتقارير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" التي تتخذ من القاهرة مقراً لها والتي تشير الى ارتفاع عدد الدعاوى القضائية بتهمة "إهانة الرئيس" خلال المائة يوم الأولى من حكم مرسي بما تتجاوز أربعة أضعاف الدعاوى القضائية التي رفعت خلال عهد حسني مبارك عبر ثلاثين عاماً. وفي الوقت الذي تقر فيه مصادر مطلعة في واشنطن أن معظم هذه الدعاوى رفعت من قبل مواطنين ، إلا أن هذه المصادر تقول أنها تحتفظ بأدلة واضحة تظهر أن "جماعة الإخوان المسلمين" هي التي تقوم بتشجيع هؤلاء المواطنين على رفع هذه الدعاوى وتغطية التكاليف المالية المترتبة على لذلك تحت ذريعة أن الذين ينتقدون الرئيس والحكومة هم من فلول النظام القديم. وتخشى واشنطن من أن "جماعة الإخوان" جعلت المحاكمات المسيّسة أكثر احتمالاً في المستقبل من خلال الضغط لتمرير مشروع قانون انتخابي جديد عن طريق البرلمان يسمح باستخدام الشعارات الدينية في الحملات الانتخابية.
يشار إلى أن المادة 44 من الدستور المصري الجديد الذي تمت المصادقة عليه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تحظر "إهانة جميع الرسل والأنبياء أو الإساءة إليهم"، ما يفتح المجال لتفسير هذه المادة بشكل فضفاض ويضمن تحصين الشعارات السياسية الدينية للإسلاميين ضد هجمات غير الإسلاميين. وينتاب واشنطن شعور بالإحباط تجاه ارتفاع درجة الكبت الإعلامي في مصر بعد أن عين مرسي والبرلمان صالح عبد المقصود وهو أحد أعضاء "الإخوان المسلمين" وزيراً للإعلام واستخدام سيطرتهم على الإعلام الذي تديره الدولة لطرد الكتاب والمحررين الذين يثيرون الشكوك حول السياسات الجديدة للحكومة، وتوظيف محررين جدد متعاطفين مع أيديولوجية "الإخوان" .