فيلم روسى يدين ذبح الخراف.. وبطل الفيلم الكوبى يقتل زملاءه الفيلم الإسرائيلى حصل على جائزة لجنة تحكيم الشباب.. ولا عزاء للفيلم المصرى
خلال الأيام السبعة التى قضيتها فى مدينة كليرمون فيران، حيث مهرجانها الدولى فى دورته الخامسة والثلاثين.. لا مجال إلا أن تهرب إلى السينما، ولا سبيل للهرب من الواقع إلا بالتورط فى السينما.
77 فيلما قصيرا من 72 دولة، هو عدد أفلام المسابقة الدولية، موزعة على أربعة عشر برنامجا، يحوى البرنامج الواحد ما بين 5 إلى 6 أفلام.. تتراوح مدتها ما بين 5 دقائق إلى 30 دقيقة للفيلم.
هل تشارك مصر فى المسابقة الرسمية للمهرجان؟ نعم.. تشارك مصر، بفيلم عنوانه «مركب ورق».. أين المخرج؟! لم يأت مخرج الفيلم المصرى الوحيد المشارك فى المسابقة الرسمية لأهم مهرجان دولى للسينما القصيرة، والسبب أنه لم يتمكن من الحصول على تأشيرة الدخول إلى الأراضى الفرنسية!
رفضت السفارة الفرنسية منح المخرج حلمى نوح تأشيرة الدخول بحجة أن ما قدمه من مستندات إلى السفارة غير موثوق به! عموما.. تم عرض الفيلم المصرى الوحيد المشارك فى المسابقة الرسمية بمهرجان كليرمون فيران فى دورته الخامسة والثلاتين بالبرنامج رقم 13. العاشرة والنصف مساء بقاعة العرض فى سينما كوكتو ببيت الثقافة فى مدينة كليرمون.. القاعة ممتلئة عن آخرها.. هناك ما يقرب من 1000 مشاهد ينتظرون عرض ستة أفلام فى البرنامج رقم 13 على رأسهم الفيلم المصرى.
بدأ عرض الفيلم المصرى «مركب ورق» والذى تم تعريفه فى كتالوج المهرجان بأنه فيلم يدور حول الطرق التى يواجه بها الثوار المصريون الإحباط، لنشاهد فيلما فقيرا على المستويين الفنى والإنسانى، ومحبطا منذ اللقطة الأولى فيه.. كان من الأفضل أن يستثمر المخرج طاقته الإنسانية فى كتابة بوست على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» بدلا من إهدار طاقته وطاقتنا مدة 17 دقيقة فى هراء مزعج استقبله جمهور كليرمون -المحب للسينما- بتقدير لمصر وخجل من أن يكون هذا الفيلم هو ممثلها الوحيد.
الفيلم المصرى الذى افتتح البرنامج الثالث عشر من عروض المهرجان والذى تأهب الجمهور الفرنسى لاستقباله باعتباره ممثلا للثورة المصرية، ولإحباطاتها، بدأ بشاب يصنع مركبا من ورق وهو جالس على مكتبه، ثم إنه يذهب إلى بار فى فندق بوسط البلد ويلتقى بفتاة تقبله وتنصرف بعد حوار سخيف بينهما، فى نفس البرنامج تم عرض الفيلم اليابانى البديع «Girl of wall» الذى حصل على جائزة الميدياتيك وتنويه خاص من لجنة التحكم.
اختتم البرنامج «13» فيلم «A Society».. فيلم سويدى مصوَّر بالكامل بطريقة الأبيض والأسود، يبدأ بامرأة سوداء متحمسة وسعيدة.. تدعو ابنها وزوجها إلى زيارتها فى بيتها الجديد بالسويد، وتؤكد لهما أنها تنتظرهما.. بعد هذا المشهد المتفائل الحافل بالحيوية والبراح، ينقلنا المخرج إلى ما يشبه الصندوق.. مكان مغلق وخانق مزدحم بالبشر.. امرأة تطهو ورجل يقضى حاجته خلف ستار ورجل يحكى لابنه قصصا لينام، ثم قصصا عن حياتهم الجديدة السعيدة، مع أمه -التى ظهرت فى بداية الفيلم- تهبّ عاصفة فنعرف أن كل هؤلاء السود البؤساء اختاروا الهجرة غير الشرعية، وهم الآن بين كفّ الرحمن فى بطن مركب.. يحتضن الأب صغيره معتقدا أن هذا الحضن سيحميه، وتتسع أعين الجميع فزعا من عاصفة مفاجئة، ليختار المخرج أن ينهى فيلمه برجال أوروبيين أزعجتهم رائحة الجثث المتعفنة وهم يفتحون صندوقا فى أحد المراكب ألقته العاصفة بمن فيه. كان هذا الفيلم آخر الأفلام فى البرنامج رقم «13».. عن هجرة البؤساء من إفريقيا إلى دنيا جديدة ربما تنتهى فيها تعاستهم، وماتوا دونها.
الفيلم الروسى «قربان» من جمهورية الشيشان حصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، يدور الفيلم حول أب لثلاث بنات وزوجة حامل يتمنى الأب أن يكون حملها ذكرا.
يفتتح الفيلم مشاهده برجل يستيقظ فجرا ويخرج أمام منزله الريفى.. يتوضأ ويصلى «الوضوء والصلاة فيهما أخطاء فادحة لن تمر على مشاهد مسلم» يشترى الأب خروفا لينذره ويذبحه تضرعا لله كى تنجب زوجته ذكرا.. يصطحب الخروف ويذهب إلى الجبل.. رحلة طويلة تنتهى بمشاهدة الأب للخراف المذبوحة كنذر لله.. مشاهد الذبح كانت قاسية.. صورها المخرج بتلذذ من يرغب فى إدانة الذبح ووضع شارات دماء الخراف على جباه الأطفال المرضى والشيوخ العجزة والراغبين فى رضا الله والتشفع إليه بالدم.
عاد الأب مع خروفه، وناجى ربه قائلا: «يا إلهى.. أنا أعلم أنك لا تحتاج إلى كل هذه الدماء كى تعطينى ما أتمنى».. وفى طريق العودة يسقط الرجل، ولا ينقذه سوى هذا الحبل الذى يربط به الخروف.. يعود إلى منزله على موعد ولادة زوجته التى أنجبت ولدا.
جائزة لجنة تحكيم الشباب فاز بها الفيلم الإسرائيلى Welcome and... Our Condolences اسم الفيلم نفسه بديع ومبتكر.. «مرحبا والبقية فى حياتك».. فيلم مصور بالكامل بكاميرا فيديو.. الطفل ميشا يهودى روسى يسجل بكاميرا فيديو لحظات هجرة عائلته إلى أرض الميعاد فى تسعينيات القرن الماضى. فى الطائرة الجميع سعداء بقرار الهجرة إلى أرض أحلامهم.. تموت الجدة فى الطائرة وتبدأ رحلة معاناة الأسرة فى أرض الميعاد التى انتهى انبهارهم بها مع موت الجدة.. ومع خدعة حصولهم على شرعية العيش فيها.. فيلم مبهر فى بساطته وذكاء عرضه وموضوعه، واستحق إعجاب الجمهور وجائزة لجنة تحكيم الشباب، ولا عزاء للفيلم المصرى الذى كان من الأفضل أن لا يشارك وسط مجموعة قوية من الأفلام المهمة، لأنه كان مخيبا للآمال.