بدء أعمال تنفيذ خط مياه 400 مم لإنهاء مشكلة الانقطاعات بالطوابق فيصل    اسعار السلع التموينية اليوم السبت فى سوهاج    تضامن المنيا تبحث تفعيل المشاركة الفعالة في القضاء على الأمية بالمحافظة    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 بالاسم ورقم الجلوس وخطوات الاستعلام عنها    جامعة المنيا ضمن أفضل الجامعات المصرية بالتصنيف الهولندي للجامعات    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الجزائري.. اعرف التفاصيل    اليمن: ميليشيات الحوثي تقصف مناطق سكنية غرب تعز    قريتان للسياحة العلاجية والذكية أبرز مشروعات تخرج طلاب هندسة سوهاج    يورو 2024.. تشكيل هجومي لمنتخب سويسرا أمام إنجلترا    محافظ البحيرة تعقد أول اجتماع مع رؤساء المدن لمناقشة آليات العمل    من الاتجار في الدولار.. «الداخلية»: القبض على متهم بغسل 30 مليون جنيه    عاجل:- التعليم تعلق علي شكاوى طلاب الثانوية العامة حول صعوبة امتحان الكيمياء    قرار قضائي بشأن «سرقة تمثال أوزوريس من المتحف المصري الكبير»    تحت شعار "وايت بارتي".. محمد حماقي يحيي حفلا ضخما ببورسعيد    زيارة مفاجئة من «الصحة» لمستشفى عين شمس العام للتأكد من جودة الخدمات الطبية    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    بهذه الطريقة.. نجوم الفن يودعون اللاعب أحمد رفعت    الشربيني يتفقد الموقف التنفيذى لوحدات "سكن لكل المصريين" ببرج العرب الجديدة    ميكالى للاعبي المنتخب الأولمبي: سنحارب من أجل الوصول لأبعد نقطة فى الأولمبياد    مجلس النواب يعلن تغيير موعد بدء جلسة عرض برنامج الحكومة    بعد نجاح فيلم السرب.. عمر عبدالحليم ينتهي من كتابة فيلم الغواصة    مسؤول سابق بجيش الاحتلال: إسرائيل فقدت الثقة الدولية    دعاء استقبال العام الهجري الجديد 1446.. أفضل الأدعية لتيسير الأمور والرزق وقضاء الحاجة    استشاري مشروع حديقة الأزبكية: نقل سوق الكتب إلى ساحة سنترال الأوبرا    الكشف على 706 مواطنين في قافلة علاجية بقرية الحلفاية بحرى في قنا    طلب مفاجئ من ماجد سامي بعد وفاة أحمد رفعت| عاجل    «المشاط»: تطوير سياسات الاقتصاد الكلي بهدف دفع جهود التنمية وزيادة الاستثمارات في قطاعي الصحة والتعليم وتوطين الصناعة    الحوار الوطني يناقش توصيات المرحلة الأولى ويفتح ملف الحبس الاحتياطي    إصابة شابين بالرصاص الحي خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في شرق نابلس    أحدث ظهور ل ياسمين عبد العزيز داخل الجيم..والجمهور: "خسيتي وبقيتي قمرين"    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    مصرع شخص أسفل حفرة أثناء التنقيب عن الآثار    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    بيع القمامة بدلًا من إلقائها.. بورصة إلكترونية للمخلفات ومصانع التدوير    وزير الزراعة يؤكد ضرورة التيسير على منتفعي الإصلاح الزراعي وتقنين أوضاعهم    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    جهود التحالف الوطني في الدعم الاجتماعي والصحي خلال أول 6 أشهر من 2024    وزير دفاع بريطانيا الجديد: مهمة حزب العمال تتركز فى جعل بريطانيا آمنة    للاستشارات الهندسية.. بروتوكول تعاون بين جامعتي الإسكندرية والسادات- صور    عاجل | ننشر أسماء المحكوم عليهم بالإعدام شنقًا في "حرس الثورة"    رئيس الوزراء يوجه بالإسراع في تنفيذ مبادرة «100 مليون شجرة»    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تسقط 4 صواريخ روسية موجهة شرقي البلاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية عمدة الميدان المسجون خلف القضبان
نشر في الدستور الأصلي يوم 22 - 02 - 2013

لماذا تشكلت جبهة للدفاع عنه من كبار الحقوقيين فى مصر؟ ولماذا يسعى الإخوان لتصويره على أنه «الطرف الثالث»؟!

جورج إسحق: متضامن مع كل «ثورى».. واتهاماتهم أتفه من أن يتم الرد عليها

من هو حمادة المصرى؟ وما سر تهافت جماعة الإخوان المسلمين ومناصريها على تصوير قضيته كأنها الخيط الذى سيكشف تفاصيل المؤامرات التى تحيكها قيادات جبهة الإنقاذ بتمويلها لأشخاص من أجل نشر الفوضى والعنف؟ وكيف لا يتوقف هؤلاء أمام كل هذا الدعم والحب الذى يحاط به شخص هذا الشاب الذى لم يظهر من قبل فى وسائل الإعلام ولم يتقلد مناصب داخل الأحزاب ورغم هذا تتكون جبهة للدفاع عنه تضم أكبر الأسماء فى مجال المحاماة وحقوق الإنسان، من بينهم القيادى بحزب الدستور حسام عيسى ونقيب المحامين سامح عاشور. ولماذا يخرج يوميا العشرات والمئات فى وقفات احتجاجية لدعمه، ومساندته وتخليد اسمه وملامحه برسوم جرافيتى (ذاكرة الثورة الفنية) على الجدران؟

وبين أوراق النيابة، والبحث فى الميدان، واستقصاء المعلومات، حاولت «التحرير» التحقيق فى ما وراء هذه القضية، محاولة الكشف عن طبقات الغموض التى تراكمت عليها. وتوصلت فى النهاية إلى إجابة تؤكد أننا لا نقف فقط إزاء تفاصيل قصة «واحد من الثوار»، بل إنها واحدة من عشرات القصص التى تترجم «واقع الثورة»، هى قصة تعكس الصراع بين من يريدون لهذه الثورة أن تكتمل ومن يحاولون سرقتها واستغلالها فى اتجاه واحد، وهو بقاء السلطة الحالية.

بداية حمادة المصرى

حمادة بدوى محمد محمد، الشهير ب«المصرى» اللقب الذى أطلقه عليه الميدان والمعروف إعلاميا الآن ب«حمادة المصرى»، شاب فى ال34 من عمره، متزوج ولديه بنتان، ينتمى إلى أسرة كبيرة فى الصعيد ويعمل موظفا بنقابة الاجتماعيين، ولديه بعض الأعمال الحرة فى «مقاولات البناء»، وهو من ثوار التحرير المعروفين بدورهم العملى فى تنظيم الميدان وتشكيل اللجان الشعبية.. يعرفه كل من يتردد على الميدان، من أول القيادات السياسية المعروفة وحتى أطفال الشوارع.

«ابن بلد».. و«عمدة الميدان».. ألقاب عرف بها هذا الشاب الصعيدى الأسمر داخل ميدان التحرير، ليس فقط خلال الاعتصام الأخير الذى بدأ مع رفض الإعلان الدستورى، لكن منذ اعتصام ال18 يومًا الأولى فى يناير 2011، أى أن حمادة المصرى وجه معروف ومشترك بين من يقولون إن الثوار الطاهرين الأنقياء قد رحلوا بعد ال18 يومًا وبين من يرون أن من رفضوا الرحيل واتخذت حياتهم طريقا آخر على مدار عامين، هم القابضون على الجمر فى سجل هذه الثورة.

ما عمله الحقيقى؟ وما علاقته بالسياسة قبل الثورة؟ وماذا يعمل حاليا؟ وكيف يعيش؟ تساؤلات طرحتها «التحرير» على عديد ممن اتصلوا بحمادة أو عرفوه، خصوصا من أقاربه.

الإجابات واحدة، تسمعها من أهله القادمين بجلاليبهم وشواربهم من مركز «مطاى» المنيا، وتسمعها من رفاقه البسطاء بالميدان ومن آخرين ذوى أسماء شهيرة فى مجال السياسة والعمل العام.. فهو خريج معهد خدمة اجتماعية 1994 وتوظف بعدها بقسم العلاقات العامة بالنقابة العامة للاجتماعيين، بدأ بعدها طريقه فى القاهرة كصحفى فى جريدة صغيرة حتى حصل على عضوية النقابة العامة للعاملين بالطباعة والنشر، شعبة صحافة برقم قيد 5189 أغسطس 2008، لكن ومع اتخاذه قرار الزواج قبل 8 سنوات من نهى سعيد، ووصول مولودته الأولى جنى، اتجه هو وعدد من أصدقائه إلى مجال «مقاولات البناء الصغيرة»، وهو ما يسمح له بميزة الحركة بصورة أفضل ممن ارتبط بدوام وساعات عمل كغيره من الثوار. علاقته بالثورة بدأت كملايين غيره من يوم 28 يناير، قبلها «كان يتابع دون مشاركة كاملة»، وكما يقول صديقه محمد مصطفى: تعرفت عليه فى يوم 29 يناير، ومن يومها نشطت مجموعة منا فى تنظيم اللجان الشعبية وتنظيم حركة الإعاشة داخل الميدان وتأسيس متحف الثورة، فكان المصرى ووائل أبو الليل الذى تم اتهامه بعد ذلك بالتحريض على التخريب وتلقى تمويل من الخارج عقب فض اعتصام 8 أبريل ومحسن أبو سدة وغيرهم، يكمل مصطفى «ما زلنا على قناعة أن الخطأ الأكبر أن الجميع قد رحل فى فبراير 2011.

فتقول سميرة إبراهيم الفتاة التى فجرت قضية كشوف العذرية على المتظاهرات وفضحت ممارسات العسكر دائما ما كنا نراه فى الميدان مسؤولا عن التنظيم والحماية.

ويقول المهندس حمدى سطوحى مدير مؤسسة «بكرة» للتنمية ومؤسس خيمة «ليه؟» فى الميدان، فقال: كان له دور كبير فى تأسيس ما سميناه «جبهة معتصمى الميدان»، وفى حل كثير من المشكلات، فهو على سبيل المثال نجح فى إقناع الشباب ممن قرروا إغلاق مجمع التحرير بإعادة فتحه، ويلتجئ إليه عادة أصحاب المحال بالمنطقة فى حالة وقوع أى مشكلة مع المعتصمين، أما الطفل محمود (17 عاما)، فيقول: «عم حمادة بياخد باله مننا كلنا وبيحمى الميدان من البلطجية اللى بتيجى تهجم علينا».

ليلة القبض على «المصرى»

النائب العام رفض تنفيذ قرار إخلاء سبيل «المصرى» حتى صدر قرار باستمرار حبسه دون حضور محامين على ذمة قضية أخرى تشمل أسماء كل الناشطين البارزين بالميدان.

هذه التفاصيل كانت حبيسة «الميدان» حتى الأربعاء 6 فبراير حين تم القبض على «المصرى» خلال أحداث اعتداء أفراد أمن قسم بولاق أبو العلا وبلطجية على محامين ونشطاء، ومن ثم صدرت للرأى العام روايتان، الأولى يتبناها شباب الميدان وجبهة الدفاع عن «المصرى»، وتؤكد أنه «ثائر مخلص» دون أهداف، ورواية ثانية يتبناها أنصار تيار الإسلام السياسى على صفحات جرائدهم وشاشات قنواتهم من أنه ومن معه، هم «الطرف الثالث» الذى يتم تمويله من أجل التخريب.

فكما جاء فى شهادة المحامية عضو المكتب التنفيذى للجنة الحريات بنقابة المحامين سيدة قنديل ل«الدستور الأصلي»، قالت: «عندما توجهنا للقسم لنصرة زملائنا فوجئنا ببلطجية فى انتظارنا، وبأحد الضباط يشير إلى بعض الناشطين للقبض عليهم، فكان أن تم القبض على حمادة المصرى وأحمد أبو جبل، وخلال عرضهما على النيابة فى اليوم التالى، أصدر وكيل نيابة باب الخلق قرارا بإخلاء سبيلهما إلا أن تعليمات جاءت من مكتب النائب العام أوقفت التنفيذ وجددت حبس المصرى وحده أربعة أيام، ثم تطور الموقف أكثر، وفوجئنا بعرضه على نيابة الطوارئ فى وقت متأخر من مساء الجمعة دون حضور أى من المحامين، وتم حبسه 4 أيام على ذمة قضية أخرى، هى القضية 49 جنح الدرب الأحمر، وهى الشهيرة بقضية «السيارة 128» التى تم ضبطها أول يناير الماضى أمام مستشفى أحمد ماهر خلال تلقى ناشط آخر هو مهند سمير العلاج إثر إصابته بطلق نارى داخل الميدان، وتم توجيه اتهام ل11 ناشطا بالميدان، من بينهم المصرى، بحيازة أسلحة نارية دون ترخيص من أجل استخدامها فى أعمال عنف داخل الميدان وخارجه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة مع استمرار حبسه 15 يوما أخرى».

ما وراء التحقيقات

عمر مكاوى المحامى والناشط السياسى لم يتفاجأ بهذا «التطور»، فهو يعرف أن هناك نية مبيتة منذ بدء الاعتصام ضد الإعلان الدستورى بميدان التحرير للتربص بالوجوه البارزة والمؤثرة داخل الميدان من أجل «تصفيتها» و«التخلص» منها، وكأن هذا هو ما سينهى وجود أى اعتصامات أو احتجاجات قادمة فى الميدان.

مكاوى قال ل«الدستور الأصلي»: القصة بدأت مبكرا، فمنذ الأيام الأولى لهذا الاعتصام، وهو محاصر من جهتين تتربصان به، الأولى هى العيون التى تنشرها المباحث الجنائية لقسم قصر النيل وغيرها من الجهات التابعة للدولة، والجهة الثانية هى ميليشيات التيارات الإسلامية، سواء شباب الإخوان أو شباب حركة «أحرار» التابعة لحركة (حازمون)، وتضم فى عضويتها أسماء شهيرة مثل عبد الرحمن عز، وأحمد مغير، وعدد من كابوهات أولتراس الزمالك «وايت نايتس» أحمد بحر وسيد مشاغب.

وتابع مكاوى: وقد استمرت محاولات هذا التربص حتى جاءت بثمارها بمحاولة اغتيال الناشط مهند سمير الشاهد الوحيد على مقتل الشهيد رامى الشرقاوى وإطلاق النار عليه من سيارة مجهولة داخل الميدان فجر 31 ديسمبر الماضى، حيث تجمهر المئات داخل المستشفى، وتوجه أصدقاؤه محمد المصرى، وعبد الرحمن أحمد للإدلاء بشهادتيهما عن رؤية أحد ضباط قسم قصر النيل ويدعى وليد العراقى داخل السيارة، وأنه هو نفسه الشخص الذى يرسل لهم تهديدات دائمة من أجل إخلاء الميدان.

«الدستور الأصلي» كانت شاهدًا على أحداث تالية داخل مستشفى أحمد ماهر، حين حضر فى اليوم الثانى للإصابة عضو حملة حازمون عبد الرحمن عز المتورط بالاعتداء والتحريض ضد عدد كبير من النشطاء إلى المستشفى ومعه آخرون معلنا رغبته فى الاطمئنان على حالة مهند إلا أن كل الموجودين رفضوا زيارته، وقاموا بطرده وسط تجمهر كبير أمام المستشفى، انتهى بالاعتداء عليه فى أحد الشوارع القريبة، ولم يكد يمر يوم واحد، إلا وحدث تطور آخر حين حضرت قوات من قسم الدرب الأحمر وقامت بتفتيش سيارة تابعة لأحد النشطاء الموجودين داخل المستشفى وأخرجت منها قطعتى سلاح آلى وعلبا متفجرة.

الرواية التى يرجحها كل النشطاء داخل الميدان هى أن هذه الأسلحة تم إخفاؤها داخل السيارة خلال أزمة زيارة عبد الرحمن عز للمستشفى وانشغال الجميع بصرفه وأن من زرعها هو نفسه من أبلغ الشرطة وهم أعضاء من حملة (حازمون)، وهو ما أكده محسن أبو سدة الذى قال: جميعنا يعلم أن قضية «السيارة 128» هى أمر مدبر، كان هدفه القبض على الناشطين البارزين، بل ووصلت إلينا معلومات عن إعداد 3 قوائم منها قائمة ب21 ناشطا بالميدان سوف يتم تلفيق اتهامات لهم خلال الفترة القادمة، وأضاف أبو سدة: هل من المعقول أن يترك شخص سيارة بها هذا الكم من السلاح وعلب تحوى مواد مفجرة أمام المستشفى؟

فى ذات الاتجاه جاء حديث «أ.م» المتهم على ذمة نفس القضية، فقال: لقد تم إجبار الشاب أحمد حلمى الذى يملك والده السيارة على الاعتراف بأن السلاح ملك له والقول بأنه هو من ذكر الأسماء ال19 رغم أنها تتطابق مع نفس الأسماء التى يتم جمع معلومات عنها دائما.

الجزيرة المحاصرة بالشرطة وميليشيات الإسلاميين

«القوائم.. والأسماء التى يتم جمع معلومات عنها دائما».. ليست مجرد جملة، لكنها واقع يعيشه العشرات ممن ما زالوا يصممون على الاعتصام داخل الميدان، من داخل الجزيرة الوسطى بالميدان التقت «الدستور الأصلي» عشرات منهم ممن مروا بتجارب شخصية صعبة من أجل إعطاء معلومات أو الإرشاد عن أشخاص بأعينهم، فحكى حسن ماجيك أحد المعتصمين بالميدان وعضو بأولتراس «وايت نايتس» كيف تمت إصابته بالسلاح الأبيض قبل أسبوع فى أماكن متفرقة من جسده، قائلا: «تفاجأت منذ فترة بأن عددا من الكابوهات المؤسسين للجروب قد انضموا لحركة (أحرار) التابعة لحملة (حازمون)، وقبل شهر من الآن اتصل بى بعضهم للقائى فى منزله بمنطقة (ميت عقبة)، وهناك طلب منى أحمد بحر وسيد مشاغب كابوهات وايت نايتس أن أنقل لهم كل تحركات عدد من الشباب من بينهم حمادة المصرى، وعندما رفضت التواصل فوجئت بعدد منهم على أحد المقاهى القريبة من الميدان قبل أسبوع حيث قاموا بالاعتداء علىّ بالسلاح الأبيض فى أكثر من مكان بجسدى وسحلى وقالوا هنلمكم كلكم».

أما سامح المصرى أحد الناشطين بالميدان فقال ل«الدستور الأصلي»: ما حدث مع «ماجيك» قصة تتكرر مع العشرات منا، ويكفى أن نقول إن الشاهدين الرئيسيين على محاولة اغتيال مهند، أولهما تم طعنه بالسلاح الأبيض خلال هجوم من (حازمون) على الميدان، والثانى تم خطفه وإلقاؤه مغشيا عليه على طريق القاهرة السويس.

وغير قصص التهديد والخطف، توجد قصص أخرى داخل الميدان تجيب عن عشرات الأسئلة التى تدور فى أذهان الجميع، وأهمها من يكون هؤلاء؟

ما رصدته «الدستور الأصلي» هو عشرات الخيام أغلبها دون لافتات عدا شعارات الثورة العامة «ثوار أحرار.. القصاص.. يسقط حكم المرشد»، لا وجود للأحزاب عدا خيمة كبيرة للحزب الناصرى الموحد والتى تعرض يوميا أفلاما تسجيلية عن خطايا نظام الإخوان الحالى، وفيلما آخر عن حقيقة ما دار بين ناصر والإخوان خلال ثورة يوليو.

كما توجد خيمة «شباب الفنانين» التى عملت خلال فترة سابقة على تنظيم ورش تمثيل ورسم لعدد من أطفال الشوارع ممن يترددون على الميدان وخيمة «فرسان ماسبيرو»، حيث عاود عدد من أسر شهداء مذبحة ماسبيرو للاعتصام تزامنًا مع إعادة فتح التحقيق فى القضية، الصورة ليست كلها وردية بهذا الشكل، فخيام شباب اللجان الشعبية والمستشفى الميدانى ونتيجة الهجوم المستمر عليهم أصبحت هى الأخرى تعيش فى حالة اضطراب، فما أن يبدأ الهجوم حتى يحمل كل منهم ما يستطيع حمله لرد الهجوم طوب أو شومة أو حتى مولوتوف وخرطوش، أما الباعة الجائلون فينقسمان إلى نوعين الأول يتبع مباحث قسم قصر النيل ويشن حملات مستمرة على الميدان بقنابل «المونة» والخرطوش، أما النوع الآخر فهو من يشعر أن رد الظلم الذى يعيش فيه ليس بالتعاون مع الشرطة، لكن بالبقاء صف الثوار من بينهم قابلنا عيدة محمد بائعة شاى ومعتصمة جاءت من منطقة باب الشعرية قبل شهرين بعد أن تم تطليقها ولا دخل للرزق بالنسبة لها ولأولادها الثلاثة تقول «اعيش فى وسطهم واسترزق فى نفس الوقت وهافضل هنا لغاية ما الحكومة توفر شقة وشغل لكل محتاج»، منطق مشابه تشعر به وانت تتحدث مع شباب صغير فى عمر ال13 15 عاما بعضهم دون أى مأوى والبعض الآخر تسرب من التعليم ليعمل ويعود لأسرته على فترات متباعدة، بالنسبة إليهم المعتصمون هم «الأخوة الكبار» ويعيشون فى كنفهم ولا يتركوهم، غير هذا يوجد ما يسميهم المعتصمون «مدسوسين»، حيث تظهر كل فترة وجوه غريبة تخترق الاعتصام وتحاول تشويه شكل الميدان واختلاق مشكلات بلطجة كأن تقطع شريط المترو دون الرجوع لأحد أو تحاول إغلاق مجمع التحرير ويتم التعامل معهم إما بالتزام شروط البقاء بالميدان أو الرحيل.

يوجد بالميدان من انضم حديثا كمحمد السيد الذى يعمل فى تجارة الملابس بين القاهرة والإسكندرية ومنذ الاعتصام وهو دائم التردد على الاعتصام، والسبب كما قال «لأن مش لاقى مخرج ومافيش انتخابات فى الدم»، وهناك من لم يترك الميدان تقريبا منذ فبراير 2011 مثل كريم 19 عاما شقيق الشهيد طارق عصام أحد من سقطوا فى محيط ميدان التحرير مساء جمعة الغضب.

«الميدان» والإخوان.. البحث عن مؤامرة

إضافة إلى هذه القصص والروايات التى تكتسى لحمًا ودمًا على ألسنة البشر، توجد قصة أخرى تدور وقائعها داخل سجلات النيابة وعلى صفحات جريدة (الحرية والعدالة) الناطقة باسم الحزب الحاكم وعلى شاشات الفضائيات التابعة للتيارات الإسلامية، فخلال الأيام الثلاثة الماضية نشرت جريدة (الحرية والعدالة) الناطقة بلسان الإخوان المسلمين صورة حمادة المصرى، وإلى جوارها عناوين عريضة عن التحقيقات التى كشفت مؤامرات جبهة الإنقاذ، بل ونشر الأحرف الأولى للقيادى بالجبهة جورج إسحق، مدعية أنها علمت من مصادر داخل مكتب النائب العام باعتراف «المصرى» أمام قاضى المعارضات بمحكمة جنايات القاهرة بالتجمع الخامس، للقيام بأحداث العنف التى اندلعت أمام قصر الاتحادية فى الفترة الماضية.

وفى اتصال هاتفى مع «الدستور الأصلي»، رفض إسحق أن يدافع عن نفسه مكتفيا بالقول «هذه اتهامات أتفه من أن يتم الرد عليها».

بشكل عام، ما حدث وما زال يحدث يؤكد أن السلطة التى تتورط يومًا وراء الآخر فى ممارسات قمعية باطشة ضد شعبها، وصلت إلى القتل والقمع والتعذيب وتزوير نتائج الاستفتاء يبقى طوق النجاة الذى تبحث عنه هو «فبركة» قضية يتم طرحها على الرأى العام، فتضرب كل معارضيها بهدف جذب كل من صوتوا ضد «الفاشية الإخوانية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.