يبدو أن الإسرائيليين لم يكتفوا بسرقة الأرض الفلسطينية فأرادوا أن يسرقوا تاريخها أيضاً، فمنذ عدة أيام وتحديداً صباح الأحد 21/ 2/ 2010، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح في مدينة الخليل إلى قائمة المواقع الأثرية في إسرائيل. وما أشبه الليلة بالبارحة؛ ففي مثل هذا التاريخ منذ ستة عشر عاماً كان الحرم الإبراهيمي حديث العالم كله؛ حيث كان ساحة لارتكاب مذبحة إسرائيلية بيد السفاح الإسرائيلي "باروخ جولدشتاين"، الذي حصد برصاص الغدر أرواح المصلين الفلسطينيين ليسقطوا شهداء في ساحة الحرم الإبراهيمي.. عن الحرم الإبراهيمي.. يقع الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل -حيث وقعت المجزرة- وهي مدينة إسلامية عريقة بناها العرب منذ آلاف السنين، وتعود أغلب مبانيها الحالية إلى العصر الأموي الذي اهتم خلفاؤه بقبور الأنبياء: إبراهيم وإسحاق ويعقوب -عليهم السلام- وزوجاتهم، وكان الحرم الإبراهيمي ملكاً خالصاً للمسلمين، إلى أن وقع الاحتلال الصهيوني عقب نكسة 1967م، وترك الجيش الإسرائيلي المتطرفين اليهود ليقوموا بتدنيسه؛ بحجة إقامة الطقوس اليهودية فيه؛ تمهيداً للاستيلاء على أكثر من ثلثي الحرم، وإحاطته بحراسة دائمة ومشددة بحجة حماية المستوطنين، ومنع وقوع احتكاك بينهم وبين المسلمين . مذبحة الحرم الإبراهيمي.. قال بعصبية شديدة: "هناك وقت للكشف والعلاج في العيادة وهناك وقت للقتل". ثم أضاف: "إننا نغش أنفسنا عندما نفكر بإمكانية التعايش مع العرب". كانت تلك آخر تصريحات السفاح الإسرائيلي "باروخ جولدشتاين" -الذي كان يعمل طبيباً- لإحدى الصحف الإسرائيلية؛ إذ قام بعدها بأيام قليلة بتنفيذ المذبحة؛ حيث دخل باروخ جولدشتاين ومجموعة من المستوطنين الإسرائيليين المسجد الإبراهيمي يوم الجمعة 25 فبراير 1994، الموافق 15 من رمضان المبارك وقت صلاة الفجر، ووقف خلف أحد أعمدة المسجد وانتظر حتى سجد المصلون وفتح نيران سلاحه الرشاش عليهم وهم سجود؛ فيما قام آخرون بمساعدته في تعبئة الذخيرة، فاخترقت شظايا القنابل والرصاص رءوس المصلين ورقابهم وظهورهم لتصيب أكثر من ثلاثمائة وخمسين منهم. وعند تنفيذ المذبحة قام جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في الحرم بإغلاق أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، كما استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد، وقد راح ضحية المجزرة نحو 50 شهيداً قتل 29 منهم داخل المسجد. المذابح الإسرائيلية: هناك دائماً وقت للقتل! وإن كانت إسرائيل تتخذ القرار بضم الحرم الإبراهيمي في الذكرى السادسة عشرة لارتكاب تلك المذبحة في ساحته إمعاناً في استفزاز مشاعر الفلسطينيين وتأكيداً على طمس الهوية العربية من كل المدن الفلسطينية؛ فلم تكن تلك المذبحة إلا واحدة من سلسلة الجرائم الإسرائيلية في حق هذا الشعب نذكر منها على سبيل المثال: مذبحة بلدة الشيخ 31/12/1947 حيث هاجمت عصابات الهاجاناه قرية بلدة الشيخ (يطلق عليها اليوم اسم تل غنان) ولاحقت المواطنين العزّل واقتحمت منازلهم وأزهقت الأرواح حتى بلغت حصيلة المذبحة نحو 600 شهيد. مذبحة دير ياسين 10/4/1948 حيث داهمت عصابات إسرائيلية دير ياسين الواقعة غربي مدينة القدس (تقوم على أنقاضها اليوم مستعمرة إسرائيلية) في الساعة الثانية فجراً، وأخذوا بإلقاء القنابل داخل منازل القرية لتدميرها على من فيها، وقد استمرت المجزرة حتى ساعات الظهر، وقبل الانسحاب من القرية تم جمع كل من بقي حياً من أهالي القرية حيث أطلقت عليهم النيران لإعدامهم بدماء باردة، وقد استشهد فيها 360 فلسطينياً. ولأنه كما قال السفاح الإسرائيلي: "هناك وقت للقتل".. فإن المذابح الإسرائيلية مستمرة، وكان آخرها مذبحة غزة والتي راح ضحيتها حوالي 1400 شهيد، وخلفت ما يزيد على 3200 جريح.. وهكذا تتوارث الأجيال الصهيونية تاريخاً مليئاً بالقتل والنهب وتزييف الحقائق.. فإذا كانوا في عام 94 سرقوا أرواح حوالي 50 شهيداً داخل الحرم الإبراهيمي؛ فإنهم اليوم يكملون جريمتهم بسرقة تاريخ الحرم حين ينسبونه إليهم.. وهكذا يثبت الاحتلال الصهيوني أنه احتلال قام على الدم والسلب بدأته مجموعة من العصابات الفوضوية، وأصبحت تديره الآن عصابات منظمة تأخذ شكل الوزارات والهيئات.