النواب يرفع الجلسة العامة، وغدا الاستماع لبيان وزير التموين    وزير التعليم العالي يلتقي نظيره الفرنسي لبحث سُبل التعاون المُشترك (تفاصيل)    محلية إسنا الأقصر تزيل 12 حالة تعدٍ بناء مخالف (صور)    عمليات جديدة للمقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال    المجلس الوطنى الفلسطينى:انتهاكات المستوطنين باقتحام الأقصى إرهاب منظم    استبعاد عمر جابر من قائمة الزمالك لمواجهة بيراميدز    زغلول صيام يكتب: عندما تغيب الحبكة الدرامية في قرعة الدوري فلا تسأل عن طه عزت ولا الخواجة الألماني!!    المتحدة للرياضة تنشر صوراً من التجهيزات الأخيرة لغرفتي ملابس الزمالك وبيراميدز    ختام فعاليات البرنامج التدريبي بداية قادة الجامعات المصرية    إصابة 8 لاعبين دراجات بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    قدرت ب20 مليون جنيه.. القبض على تشكيل عصابي لاتهامه بتصنيع المخدرات وترويجها    نافذة على فلسطين، برنامج أفلام خاص في مهرجان الجونة السينمائي    "نافذة على فلسطين".. برنامج أفلام خاص في مهرجان الجونة السينمائي    رئيس جامعة أسيوط يُصدر قرارات تجديد وتعيين ل 3 قيادات    مكافحة البعوض والحشرات ناقلات الأمراض بالرش في الشرقية    14 رسالة من السيسي في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية    نظام غذائي متوازن لصحة الجهاز الهضمي    استمرار حبس موظف بالنصب على مواطن بقصد الاستثمار في الشيخ زايد    ندب الدكتور حداد سعيد لوظيفة رئيس جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء    «القاهرة» الأولي على إفريقيا في تصنيف "ليدن" الهولندي    رد الجنسية المصرية ل24 شخصًا.. قرارات جديدة لوزارة الداخلية    ضبط 4 أطنان مواد غذائية و2817 لتر مواد بترولية في حملات رقابية بالشرقية    بعد قليل.. محاكمة شابين في واقعة دهس عامل دليفري بالإسكندرية    بلغ عددها 66.. أستراليا تراجع جميع تصاريح التصدير العسكرية إلى إسرائيل    نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى كتاب جديد لمصطفى بكري    محافظ أسيوط: بدء أعمال رصف طريق ترعة بهيج بمركز أبنوب    «شبح الإكس يطاردهم».. 3 أبراج تعتقد أن شريكها السابق أفضل    مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم مسابقة عصام السيد    87 شهيدا ومفقودا وأكثر من 40 مصابا جراء مجزرة الاحتلال فى بيت لاهيا شمال غزة    ضبط 688 بطاقة تموينية وتحرير 495 محضرا بالمراكز والأحياء في أسيوط    وزير الصحة أمام المؤتمر الثاني للسكان والصحة : نناقش قضية قومية مصيرية تمثل تحديا رئيسيا للأجيال    وزير الطاقة القبرصي: مصر شريك مهم داعم للأهداف العادلة لاستغلال الثروات الطبيعية    قوافل طبية لعلاج المواطنين مجانا بالشرقية    وزير الزراعة: نعمل على حل مشكلات المزارعين وتشجيعهم على زيادة الإنتاج    حكم استخدام زخارف المصحف في ديكورات الأفراح.. الأزهر للفتوى يوضح    هاتريك ميسي يقود إنتر ميامي لرقم قياسي في الدوري الأمريكي    «كيفية التأسي بالنبي».. ندوة توعوية للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر في مالي    قيمتها 60 مليون جنيه.. القبض على 7 أشخاص بتهمة غسيل أموال بتجارة المخدرات    قيادي حمساوي: استشهاد السنوار أمر داخلي للحركة.. وحماس لن تنتهي (حوار)    «مفاجأة في الهجوم».. شوبير يكشف عن تغييرات في تشكيل الأهلي أمام سيراميكا    الفنان محمد فوزي.. ذكرى وفاة عبقري الموسيقى    ما معنى «والله يعلم وأنتم لا تعلمون»؟.. أسرار الآية (216)    مفتي الجمهورية يوضح حكم عمليات تجميل الأنف    حزب الله يستهدف كريات شمونة شمال إسرائيل برشقة صاروخية    ماذا يحدث فى الكنيسة القبطية؟    جامعة قناة السويس تحقق إنجازا عالميا جديدا    «ارتفاع عز وهبوط الاستثماري».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    نائبًا عن السيسي، وزير الأوقاف يشارك في حفل تنصيب رئيس إندونيسيا الجديد (صور)    استشاري: السيدات أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام «المرض الصامت»    التشكيل المتوقع لمواجهة ليفربول ضد تشيلسي يوم الأحد    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يُهاجم جيش الاحتلال.. ما السبب؟    اليوم.. إعادة إجراءات محاكمة متهمين اثنين في «فض اعتصام رابعة»    أمريكا تُحقق في تسريب المعلومات بشأن خطط إسرائيل لمهاجمة إيران    تامر عاشور يشدو بأروع أغانيه لليوم الثاني بمهرجان الموسيقى    هل يجوز ذكر اسم الشخص في الدعاء أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب    ملف يلا كورة.. قرعة الدوري.. الهزيمة الأولى لأرسنال.. و"يد الأهلي" بطلًا لأفريقيا    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الإعلام حقا مسئول عن تأجيج العنف في أحداث الكاتدرائية؟!
نشر في بص وطل يوم 11 - 04 - 2013

في حقيقة الأمر، عقب اندلاع شرارة ثورة 25 يناير، ومع كل أزمة تمرّ بالوطن، يُسارع البعض باتهام الإعلام "المضلّل" و"الكاذب" و"الفاجر" بتعتيم بعض "الحقائق" مِن جهة وعدم ذكرها، ومن جهة أخرى اتهامه بمحاولة تشويه فصيل سياسي معيّن، بل ذَهب البعض في الآونة الأخيرة إلى اتهام الإعلام بتأجيج أعمال العنف وإشعال نار الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وتحديدا مع أحداث الكاتدرائية قبل أيام.
والسؤال الذي يلحّ على الأذهان ويَهُم الكثيرين منّا: هل الإعلام حقا مسئول عن تأجيج العنف والفتنة الطائفية في مصر؟
سأُحاول في السطور القليلة المقبلة تقديم رؤيتي للإجابة عن هذا السؤال العويص، والتي قد يتّفق معي فيها البعض أو يَختلف، ولكنها تقوم على دراسات قام بها علماء وباحثون في مجالات عديدة؛ منها علم النفس والعلوم الإنسانية والإعلام ووسائل الاتّصال... وغيرها.
عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، اهتمّ العلماء بدراسة كيف تعمل أساليب الإقناع المختلفة عبر وسائل الاتّصال وقتذاك؛ حيث كان هناك اتّجاه قوي يذهب إلى أن الإعلام أداة قوية قد تُستخدَم في الخير مثلما قد تستخدم في الشر، لذا بات هناك اعتقاد قوي بأن لوسائل الإعلام تأثيرا كبيرا على سلوك البشر، وهنا ظَهرت نظرية All-Powerful Media Paradigm التي تُنادي بمدى قوة وسائل الإعلام في التأثير والإقناع؛ حيث إن تأثيرها مباشر وفوري وقوي تماما مثل إبرة الحَقن أو الرصاصة السحرية؛ فقد تَحقن الجمهور بالرسالة التي تريد توصيلها عبر الإعلام، أو يُمكن تشبيه الرسالة السابقة بالرصاصة التي يُطلقها الراسل على مخّ المتلقّي مباشرة عبر وسائل الإعلام. وهنا، ذهبت تلك النظرية إلى القول بأن جمهور المتلقّين سلبيون للغاية ولا يقدرون على الإطلاق مقاومة التأثير القوي والفوري لتلك الرسالة السلبية المُراد توصيلها، كما أن درجات التأثير واحدة بين جموع جمهور المتلقّين.
ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية، تغيّر المفهوم السابق وذَهب العلماء إلى أن تأثير وسائل الإعلام قد بالغ البعض في تقديره، وجرى إهمال النظرية السابقة. وبمساعدة علماء النفْس أكّدت دراسات أحدث على أن الجماهير ليسوا سلبيين تماما كما كان يعتقد سابقا، ولكنهم يستطيعون اختيار الرسائل من بين آلاف الرسائل السلبية أو حتى الإيجابية، وصَد ومَنع محاولات الإقناع المختلفة، لا سيما مع معرفتهم بأنه سيكون هناك محاولات للإقناع! وهو ما يعني أن الجمهور المستعدّ يكون قادرا على مقاومة الإقناع أكثر.
ومن هنا، اقترح علماء -وعلى رأسهم "لازارسفيلد"- بنظرية تُعرف باسم نظرية "التأثيرات المحدودة" (Minimal Effects Theory)، والتي تُنادي بأن الإعلام يُعدّ واحدا مِن متغيّرات كثيرة في حَدث ما، حتى إنه ليس العامل الأكثر تأثيرا، كما أن الجمهور والبَشر من المرجّح أن يتمّ إقناعهم أكثر من خلال الوسائل الاجتماعية، وهو ما يفنّد ما كان يُقال سابقا بأن جمهور المتلقّين سلبيون وجميعهم يتأثّرون بالدرجة نفسها، بل إنهم من خلال الدراسات يختلفون في درجة التأثير من شخص لآخر، وإنهم قادرون على اختيار الوسيلة الإعلامية التي يرغبون فيها وفقا لميولهم واحتياجاتهم.
ومع ظهور التليفزيون والإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى، بات العلماء على قناعة بأن التأثير على جمهور المتلقّين من خلال وسائل الإعلام تلك بات على المدى الطويل، أي مع كثرة التعرّض لها، فضلا عن كون هذا التأثير غير مباشر وشخصي أي يختلف من شخص لآخر، ويجب أن يتمّ دراسة هذا التأثير في سياقه غير المستقطع؛ فمشاهدة كارتون عنيف قد يكون له تأثير مختلف تماما على طفل يشاهده وحده، مقارنةً بمشاهدة باقي العائلة للكارتون نفسه.
وبمرور الوقت، ومِن خلال دراسة تأثيرات وسائل الإعلام أكثر وأكثر عبر علم النفس، وَجد العلماء أن البشر أو جمهور المتلقّين باتوا يبحثون بنشاط عن وسائل الإعلام التي تلبّي احتياجاتهم. ومن خلال دراسة وظائف وآليات عمل المخ البشري، وجد العلماء أن بالمخ ما يُسمّى ب"مَدخل حسّيّ" يعمل على مساعدتنا على فهم العالم مِن حولنا من جانب وعدم غَمرنا بملايين وبلايين الرسائل من حولنا من جانب آخر. لذا، يقوم المخ بصَد ومَنع أي مُدخلات أو معلومات غير مرغوب فيها، وفي الوقت نفسه، يقوم باختيار وتضخيم المعلومات التي نريدها. ويقوم المخ بهذه الوظيفة دون وعي أو إدراك؛ أي نقوم بعمل هذا تلقائيا دون وجود "فلتر" إرادي للمعلومات!
وهنا ظهرت نظرية أخرى تُعرف باسم Hostile Media Effect (التأثير العدائي لوسائل الإعلام)، والتي تجعل الجمهور ينحاز دون وعي منه ليرى الأشياء والرسائل بطريقة مختلفة؛ فنحن نظنّ أننا نشاهد الأخبار أو مباريات الرياضة بطريقة محايدة، ولكن في حقيقة الأمر يقوم المخ بوظيفة "الفلتر" من خلال القيام باختيارات وصَد المعلومات غير المرغوب فيها. وفي هذا السياق، قام بعض العلماء عام 1982 بجعل طلاب فلسطينيين أو منحازين لقضيتهم وكذا طلاب إسرائيليين أو منحازين لهم بمُشاهدة نفس الأخبار، وهنا وَجد العلماء أن الفريق الأوّل بات يرى أن الإعلام ضده وينحاز للإسرائيليين، في حين بات الفريق الثاني يرى على النقيض أن الإعلام ضده هو وينحاز للفلسطينيين! أليس هذا ما يحدث في مصر حاليا؛ الكل يرى أن الإعلام ضده وينحاز للطرف الآخر؟
وانطلاقا من النظرية السابقة التي ذَهبت إلى أننا نعرض المعلومات التي نتلقّاها بصورة غير موضوعية، وأحيانا لدرجة نشوّه فيها إدراكنا للأمور مع طمس وإخفاء للحقائق البسيطة والمحايدة، مثل كمّ الانتهاكات بإحدى مباريات كرة القدم التي نراها على فريقنا وقلّما نراها بمنظور حيادي، يبقى سؤال مهم: إذا كان للإعلام تأثير محدود وغير عظيم مثلما يراه العلماء، فماذا أجّج مشاعر الغضب والعنف بين بعض المسلمين والمسيحيين مؤخّرا؟
من خزّانة علم النفس، يُمكن القول بأن العلماء ذهبوا إلى أن المعرفة التي نشكّلها عن الحقائق اليومية وكل الأشياء والمعرفة التي نراها أمورا مُسلّما بها، حتى الصغير والبسيط منها وكذا "الحقائق" الموضوعية، تولد وتتشكّل ونستمدّها من أنشطة التواصل الاجتماعية، كأن نعرف أن الكذب خطأ أو أن الأولاد يحبّون اللعب بالسيارات أو يجب طاعة القانون... وغيرها. فنحن سواء أكنّا صغارا أو كبارا يتمّ "برمجتنا" من خلال الآباء والأصدقاء والعائلة وأقراننا في العمل أو الفصل أو بطريقة غير مباشرة عبر وسائل الإعلام، بالمفاهيم والأفكار التي تتعلّق بما هو "حقيقي". فنحن يتمّ تعليمنا اجتماعيا بما يُسمّى ب"القواعد الثابتة" و"الحقائق" التي يتمّ تشكيلها اجتماعيا. ونحن نعيش ونتطوّر ونموت وتلك "الحقائق" معنا. بمعنى آخر، لا يُشكّل الناس الحقيقة بأنفسهم، ولكن يجب أن يتواصلوا مع بعضهم البعض لفهم العالم حولهم، وهو ما يدحض فكرة أن الحقيقة "ثابتة" و"موضوعية".
وإذا ما طبّقنا المفاهيم والنظريات السابقة على حادثة الكاتدرائية، يُمكن تلخيص الأمر كالآتي: مقتل أربعة مسيحيين في أثناء اشتباكات حدثت بين مسلمين ومسيحيين، ثمّ في أثناء مشاركة الآلاف من المسيحيين في تشييع هؤلاء الأربعة أمام كاتدرائية الأقباط الأرثوذوكس، تحدث اشتباكات أخرى يسقط على إثرها قتلى وجرحى، علما بأن بعض التقارير أفادت بأن مسلّحين مجهولين هاجموا المشيّعين لدى خروجهم من الكاتدرائية، وهم يُردّدون هتافات مناهضة لجماعة الإخوان المسلمين، ولكن الشباب القبطي الغاضب -حسب رواية الداخلية- قام بتحطيم سيارات خاصة أمام الكاتدرائية، وهو ما أثار غضب السكان وقاموا برشقهم بالحجارة؛ وذلك وفقا لBBC العربية.
الإعلام هنا قد يلعب على مَن بدأ بالهجوم أولا ومَن الذي يبدو العنف الذي يولّده ردّا للفعل، أي من الجاني ومَن الضحية. أيضا، الإعلام قد يخفي بعض المعلومات المهمة التي قد تفيد طرفا من الأطراف المعنية، أو يركّز على جانب واحد فقط من الحقيقة ويترك باقي المعلومات هامشية. وفي هذا السياق، عندما يتمّ ذكر "هتافات مضادة لجماعة الإخوان المسلمين" على الفور يتبادر إلى أذهان القرّاء أنهم أطراف لا ينتمون للتيار الإسلامي، وقد يكونون ليبراليين أو ثوريين أو حتى فلولا، وتوظيف هذه المقولة مهم جدا في صنع الخبر والرسالة التي يودّ أن يوصّلها الإعلام باتهام طرف دون غيره. كل هذا وأكثر يُمكن أن تفعله وسائل الإعلام، ولكنها ليست وحدها الملومة على تأجيج العنف الذي حَدث هناك. الإعلام عامل واحد من مجموعة من العوامل الأخرى، شأن التربية والتعليم وأنشطة التواصل الاجتماعية المختلفة بين مجموعات الأفراد التي تجعل البعض يرى المسيحيين على أنهم "أعداء" و"كفّار" و"قلّة"... وغيرها من الصفات السلبية الأخرى، أو تلك العوامل نفسها قد تجعل بعض المسيحيين يرى بعض المسلمين على أنهم "متخّلفون" و"عديمو الرحمة" و"عنيفون"... وغيرها من الصفات السلبية الأخرى.
ولتوضيح الصورة أكثر، إذا ما تربّى شخصان أحدهما مسيحي والآخر مسلم مع بعضهما البعض بحكم الجيرة، وهناك جوّ من الألفة والمحبّة بين العائلتين؛ هذا يزور ذاك ويهنّئه في عيده، وذاك يزور هذا ويهنّئه في عيده؛ الاثنان على استعداد لفداء بعضهما البعض؛ الاثنان يعرفان جيّدا بحكم تواصلهما اجتماعيا و"برمجتهما" حقيقة أن المسلم والمسيحي لا فارق بينهما على الإطلاق، هل تعتقدون بأن وسائل الإعلام وقتذاك ستساعد على تأجيج مشاعر العنف بينهما؟ الأمر الأكثر توقّعا، أنهما بمجرّد مشاهدتهما سواء أكانوا معا أو منفردين على قناة تُحاول تشويه صورة المسلمين أو المسيحيين، أنهما لا إراديا دون وعي منهما سيقومان بتحويلها لمشاهدة قناة أكثر مصداقية وحيادية. وحتى إذا ما ثبت إدانة طرف من الأطراف، سيقولان أنها حالة فردية لا أكثر أو أقل.
ما أريد أن أوصله ها هنا أن المجتمع المصري بات بعضه بالفعل مُلقّنا ومُبرمجا على أن المسيحيين "قلّة مُندسة" وكفار... وغيرها من الصفات السلبية يسمعها بين أفراد عائلته الصغيرة ومحيط أصدقائه وبيئة تربيته، وبالتالي فإنه عند الوقت المناسب "تنفجر" تلك المشاعر السلبية، وربما "تفجّرها" صورة أو خبر أو أي وسيلة إعلامية أخرى، ولكنها موجودة في الأساس ومتغلّغلة في تكوينه الداخلي وتحتاج فقط إلى ضغطة زرّ واحدة لتأجيجها.
وكما ذكرت سلفا؛ فإن الإعلام نعم قد يجعلنا نرى صورة مشوّهة للواقع الذي نعيش فيه، ولكن محاولات الإعلام تصطدم دائما بعقل ومخ بشري يحلّل المعطيات ويختار ما يريده، وأيضا يصد أو يمنع ما يريده كذلك حتى دون وعي أو إدراك. لذا دعونا لا نضخّم تأثير الإعلام علينا ونعلّق عليه "أخطاءنا" الواحدة تلو الأخرى، فهو في النهاية عامل من مجموعة عوامل أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.