"بلادي بلادي بلادي ... لك حبي واحترامي".. تخيّل لو غنى أحد الأبطال في مسلسل ما النشيد الوطني بهذه الصيغة.. ماذا ستقول عنه.. عبيط صح؟؟ قلها ما تتكسفش.. طب ما رأيك لو غنّى: من كام سنة وأنا عيان عيان!! ستقول عنه إنه جاهل صح؟؟ فما بالك إذا قرأ آية من آيات القرآن العظيم الذي قال فيه تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.. تخيل ماذا سيكون الرد.. عادي جدا!! ولا حد بياخد باله أساسا!! أصل ده قرآن!! هذه هي الحقيقة يا صديقي رغم قسوتها.. القرآن الكريم هو آخر شيء نتذكر صوابه وخطأه في أوساطنا الفنية، ونادرا -نادرا جدا- من يهتم بالتدقيق في هذا الكلام أثناء ذكره في الأعمال الفنية، رغم أنه "كلام ربنا"! الشواهد تجعل مما أقول ظاهرة، سأعدد لك بعضها بالصوت والصورة لتكون موثقة مثل سيديهات مرتضى منصور! مسلسل "الجماعة" مثال لقراءة الآيات بشكل خاطئ ففي مسلسل "الجماعة" يقول الفنان محمود الجندي للشيخ حسن البنا: "خذ العفو وأْمُر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين"، وهي قراءة خاطئة للآية القرآنية الكريمة التي جاءت في القرآن بشكل مغاير هو: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}؛ لكن الشيخ يقرأ القرآن بالمعنى، وهو ما رده له تلميذه اللي المفروض هو الشيخ البنا في قوله: "الحمد لله الذي هدانا إلى هذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله" وهو ما يخالف الآية القرآنية الشهيرة التي يحفظها العيال الصغيرين! ويقول محمود مرسي الفنان المثقف الواعي في مسلسله "أبو العلا البشري": "إن الله يغفر الذنوب جميعا ولو كانت مثل زبد البحر"، وهذه ليست آية، وإنما توليفة من آية وحديث قدسي.. حيث تقول الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}، ويقول الحديث "... غُفِرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر"! وفي فيلم "زوج تحت الطلب" يقول المأذون للفنان عادل إمام في أحد استشهاداته الدينية: إن الله سبحانه يقول: "إن أبغض الحلال عند الله الطلاق"، رغم أن هذا النص حديث نبوي وليس آية قرآنية من الأساس! وفي المسلسل الضخم الذي أثار ضجة كبرى "ما ملكت أيمانكم"، يقول أحد الأبطال في ورع زائف: "إن الله عليم بمن ضل عن سبيله وهو عليم بالمهتدين"، بينما صحيح الآية التي وردت في كاتب الله الخالد تقول: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}. أما المسلسلات التي يُفترض أنها إسلامية، فحدّث ولا حرج عن النماذج الفاضحة التي تؤكد جهل وقصر دراية كُتّابها ومخرجيها والعاملين فيها بالقرآن، وقلة اهتمامهم بصحة النص القرآني المنقول، وإلى حضراتكم جزء منها: في مسلسل "القعقاع بن عمرو التميمي" يقول أحد الأبطال: "سبح باسم ربك الأعلى"، بينما تقول الآية الكريمة: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}. وفي مسلسل "خالد بن الوليد": يقول أحدهم: "ثم يطمع أن أزيد.. لكنه لآياتنا عنيدا"، وصواب الآية: {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ، كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا}. وكل هذا وعيون الجهات المسئولة عن حفظ الدين وحمايته غائبة عن المتابعة والرقابة.. دعك من أن فريق العمل بكل من فيه مرت عليهم الآية ولم يفكر أحدهم في مدى صوابها من الخطأ، ودعك من أن هذا الممثل أو ذاك يقف على الشاشة لم يأخذ من الصحابة والتابعين الذين يمثل أدوارهم إلا العمامة واللحية والحصان، ودعك من أن من كتب له النص ومن راجعه ومن اشتغل عليه من عشرات الأيدي والأعين قبل التصوير وبعده قد مرّ عليها الخطأ القرآني، وهو ما لا يمكن أن يمر لو كان في أي جانب آخر غير القرآن! وبجانب الجهات الإسلامية التي فاتها الأمر، ماذا عن جهاز الرقابة على المصنفات الفنية؟ فقد أخبرني الزميل شريف عبد الهادي أنه هاتف الناقد علي أبو شادي -الرئيس الأسبق لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية- ذات مرة ليخبره عن خطأ في فيلم "النوم في العسل" الذي قال فيه الفنان نظيم شعراوي وهو يؤدي دور وزير الصحة: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، رغم أن الآية القرآنية تقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}، فألصق الناقد الكبير التهمة بالأزهر، وقال إنه لا سلطة له على مثل هذا النوع من الأخطاء بعد أن أجازه الأزهر، وبعد أن أصبح متداولا بين أيدي الناس! ولكن دعك من كل ذلك، وتعالَ للمشاهد العادي الذي يجب أن يتحلى بالدقة والحرص على المعلومة الصحيحة.. هل أثق بعد ذلك بأي معلومة في أي تخصص بعد أن وصل الخطأ في النقل إلى الشيء الوحيد المتفق عليه الذي حفظه الله تعالى من فوق سبع سماوات وإلى يوم الدين وهو القرآن؟! لست أخاف على القرآن.. فله أهله وحماته، وقد تكفل الله بحفظه ولو عجز البشر كلهم عن ذلك؛ ولكني أخاف على ما يصل منه إلى عوام الناس.. إلى أمهاتنا وأبنائنا الذين سيصبح اللحن (الخطأ في القراءة) طبيعيا مألوفا لديهم، كما يأتي على ألسنة الممثلين الكبار.. أخاف أن تصبح مقولة "أبغض الحلال عند الله الطلاق" نصا قرآنيا يتداوله العامة بل وبعض المثقفين على أنه قرآن، فيدخلوا في كتاب الله ما ليس فيه. أشكك كذلك في مصداقية النقل ومدى التحري العلمي والمراجعة التي تمر بها الأعمال خصوصا التاريخية والإسلامية منها، وأثير علامات تعجب كثيرة حول ما تقدّمه معظمها من تشوهات تاريخية بل ودينية لصالح الجانب الدرامي. وأخيرا.. أذكّركم بقول الشاعر الجاهلي: "إدّي العيش لخبّازه ولو كل نُصّه"! شاهد مقاطع تُذكَر فيها الآيات القرآنية بشكل خاطئ إضغط لمشاهدة الفيديو: