يقول المحلل السياسي الإسرائيلي أمير أوران إنه مثلما نجح جمال عبد الناصر في التخلص سريعا من قائده الرئيس محمد نجيب، وكما نجح أنور السادات في ترسيخ نظام حكمه بضربة وقائية على مراكز القوى بزعامة علي صبري، قام الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي بإقالة عدد من كبار القادة العسكريين المصريين -وليس جميعهم- وعيّن محلهم قيادات جديدة تعارض الفساد وتؤمن بديمقراطية الانتخابات وتحترم رجال الدين. هذا ونجد أن جميع الأوساط الإسرائيلية سواء العسكرية أو السياسية أو حتى المتابعين للشأن المصري، تابعوا بترقب شديد تلك التغيرات التي أدخلها الرئيس مرسي على قيادات المؤسسة العسكرية المصرية، وكان من أبرز القيادات العسكرية المصرية الجديدة التي شدت الأنظار الإسرائيلية إليه هو رئيس أركان الجيش المصري الجديد الفريق صدقي صبحي، لما لهذا المنصب من أهمية بالغة وتأثير شديد على أسلوب عمل الجيش المصري في المرحلة القادمة. حيث حاول المحلل السياسي الإسرائيلي أمير أوران تسليط الضوء على شخصية وأفكار رئيس الأركان المصري الجديد من خلال ما ذكره العميد الإسرائيلي يوال ستريك رئيس شعبة العمليات بهيئة الأركان الإسرائيلية والذي درس في معهد حرب القوات البرية الأمريكية في بنسيلفانيا (وهو نفس المعهد الذي درس به الفريق صدقي صبحي) حيث يقول العميد ستريك إن رئيس الأركان المصري الجديد يؤمن بأنه لا يوجد تعارض بين الإسلام والديمقراطية، على أن تكون هذه الديمقراطية متوافقة مع العادات والتقاليد العربية، ليس وفق النموذج الغربي العلماني، ويرى أنه يجب الدمج بين وجود نظام حكم قوي وخطوات الديمقراطية، مع العمل على منع تقسيم دول المنطقة إلى أقاليم عرقية، كما أنه ينظر نظرة سلبية إلى الانقلاب العسكري الذي شهدته الجزائر في حقبة التسعينيات بعد صعود الإسلاميين إلى الحكم هناك، والذي أسفر عن مقتل 150 ألف جزائري ودمر بنية تحتية تقدر بملياري دولار، لذا يرى ستريك أن أفكار رئيس الأركان المصري الجديد لن تسمح له بدفع الجيش المصري إلى الخروج على الرئيس محمد مرسي. ويزعم العميد الإسرائيلي أن الفريق صدقي صبحي طالب الولاياتالمتحدة من قبل في تقرير أعده خلال دراسته السابقة في بنسلفانيا بالكف عن مساندتها المطلقة لإسرائيل، وحثها على استغلال المساعدات العسكرية الممنوحة لها كدافع لإقامة دولة فلسطينية، كما حذر الفريق صدقي من شن أي عملية عسكرية ضد المشروع النووي الإيراني، وطالب بأن تتعامل واشنطن بشكل مشابه وبنفس الأسلوب مع ترسانة الأسلحة النووية التي تمتلكها إسرائيل. ويؤكد العميد ستريك أن تقرير رئيس الأركان المصري تضمن إشارات وآراء جريئة جدا، تدل على أن القاهرة أصبح بها الآن قادة قوميون متدينون لا يخشون الاختلاف حول ما يعتبره البعض من المسلّمات. هذا ويشير الكاتب الإسرائيلي أمير أوران في مقاله بصحيفة هآرتس إلى أن رئيس الأركان المصري يحمل أفكارا لإحداث تعاون إقليمي ويرفض التدخل العسكري الأمريكي في المنطقة، ويتطلع إلى أن يحل محله تعاون اقتصادي يؤدي إلى التنمية. وفي النهاية يوجه أمير أوران رسالة إلى القادة والزعماء الإسرائيليين مفادها أنهم يجب أن يعلموا أن مصر قد تغيرت، وأنها سوف تمارس ضغوطا، وسيكون لها وضع في المنطقة يمكنها من أن يكون لها كلمة في القضايا الخلافية الكبرى، خاصة القضية الفلسطينية وقضية البرامج النووية في المنطقة، وخاصة البرنامج النووي الإسرائيلي والبرنامج النووي الإيراني، والدليل على ذلك -وفق الكاتب الإسرائيلي- هو تعيين الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي لشخص يحمل أفكار الفريق صدقي صبحي في منصب رئاسة أركان القوات المسلحة المصرية الذي يُعد من أهم المناصب المؤثرة في النظام المصري.