في الوقت الذي انتشرت فيه دعوات لمقاطعة مسلسل "الفاروق عمر" الذي يجسد السيرة الذاتية لسيدنا عمر بن الخطاب -أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين- قرّرت الحرص على مشاهدة هذا المسلسل دونا عن غيره من مسلسلات شهر رمضان؛ للأسباب الآتية: 1- لأنني مع كامل احترامي لمؤسسة الأزهر الشريف التي عارضت العمل؛ فإن الدين الإسلامي ليس به كهنوت يحتكر فهم أحكام الدين الإسلامي وحده، وفي الوقت الذي ظهر فيه علماء أفاضل عارضوا العمل حرصا على الدين ورموزه العظيمة من منطلق أن تجسيد الصحابة وآل البيت يقلل من هيبتهم؛ فهناك علماء أفاضل أيضا أجازوا عرض العمل ومشاهدته حرصا على الدين، ورغبة في التعريف برموزه العظيمة؛ مثل: الشيخ يوسف القرضاوي -رئيس اتحاد علماء المسلمين- والشيخ سليمان العودة، والكل يؤخذ منه ويرد، والاختلاف بين العلماء والفقهاء رحمة في النهاية. 2- لأن مؤسسة الأزهر الشريف -التي أجلها واحترمها وأكنّ لها كل التقدير- قد وقعت في فخ التناقض والازدواجية؛ حين منعت عرض فيلم "الرسالة" للمخرج الراحل مصطفى العقاد لظهور شخصية سيدنا حمزة بن عبد المطلب -عم الرسول عليه الصلاة والسلام- في الفيلم، بعد أن جسدها الفنان الراحل عبد الله غيث، قبل أن تجيز مؤسسة الأزهر نفسها عرض الفيلم في التليفزيون المصري بعد 31 عاما من إنتاجه، دون أن توضح حيثيات الموافقة على إجازة العرض. 3- لأن هذا المسلسل دعوة لمواجهة مسلسلات إيران ذات المرجعية الشيعية التي تخالف في مذهبها ومعلوماتها مذهب أهل السنة والجماعة الذي يتبعه معظم مسلمي الوطن العربي وأنا منهم، بجانب أنه أشرف على كتابته وراجع تفاصيله فطاحل العلماء من أهل السنة والجماعة؛ سواء الشيخ يوسف القرضاوي أو الشيخ سليمان العودة؛ وهو ما يعني أن معلوماته الدينية ستكون سليمة وغير مشكوك فيها، وتوافق المذهب الذي أتبعه، في الوقت الذي حققت فيه المسلسلات الإيرانية "الشيعية" نجاحا باهرا في الوطن العربي "السني"، وعلى رأسها مسلسلي: "يوسف الصديق" و"الحسن والحسين"، رغم دعوات المقاطعة والمنع والتحريم، وعدم تأكّدنا من جميع المعلومات الواردة في العملين، وإذا كان تجسيد الصحابة وآل البيت والأنبياء واقعا لا محالة، ويغزو بيوتنا وشاشاتنا؛ فعلى أهل السنة أن يغيروا طريقة تفكيرهم، ويكفوا عن المقاطعة التي ثبت أنها لا تجدي، بل وتحقق أحيانا نتائج عكسية، ويفكروا في طريقة أخرى لمواجهة الأعمال الإيرانية الشيعية بأعمال تحمل بصماتنا وأفكارنا، وتحترم مذهبنا، من منطلق أنه "لا يفل الحديد إلا الحديد". 4- لأن بعض الذين يدعون للتعرف على سيرة عظماء رموز الإسلام من الصحابة وآل البيت من خلال الكتب والمراجع دون أن نحتاج لتجسيدهم ومشاهدة سيرتهم في أعمال فنية، غفلوا عن أن لكل عصر مفرداته وأدواته، ونحن الآن شئنا أم أبينا في عصر السماوات المفتوحة، وزمن الدراما التي تجذب ملايين المشاهدين، وأعترف أن معلومة الكتاب أكثر غزارة؛ لكن عليهم أن يعترفوا أيضا بأن معلومة الدراما أكثر ثباتا في الذهن، وأن قدرة المشاهد على استرجاع مسلسلا بأكمله تفوق قدرته على حفظ صفحة من كتاب، ثم إن الأمة الآن صارت لا تقرأ بقدر ما تشاهد، مع وجود نسبة هائلة من الأمية.. فلماذا لا نتقرب إلى من لا يقرأون بالوسيلة التي تجذبهم بدلا من أن نمنع التمثيل والتجسيد، وفي المقابل لن يقرأ أحدهم ويبحث في المراجع والكتب، ويكون قد خسر المعلومة بشكل نهائي؟!! 5- لأن التخوف من تجسيد الصحابة وآل البيت بحجة أن الفنان الذي يجسد الشخصية سيثبت شكله في ذهن المشاهد؛ سيتبدد حين نشهد أكثر من عمل فني تظهر فيه الشخصيات الدينية؛ حتى لا يقتصر تجسيدها على فنان واحد يثبت شكله في الأذهان، فمسلسل عن سيدنا عمر سيظهر فيه شخصية سيدنا عثمان أيضا، وبالمثل سيتم عمل مسلسل آخر عن سيدنا عثمان يجسد فيه سيدنا عثمان فنان آخر، ويجسد فيه سيدنا عمر فنانا مختلفا وهكذا، مع التأكّيد على مراجعة هذا الأعمال من كبار علماء الدين الإسلامي والتدقيق في كل كبيرة وصغيرة في العمل. 6- لأن حاتم علي -مخرج المسلسل- رفض التعليق على كل ما يُثار ضد مسلسله، مؤكّدا أنه لن يتحدث عن أى تفاصيل إلا مع بداية عرض الحلقة الأولى من المسلسل، رافضا الإفصاح عن إمكانية ظهور شخصية الفاروق في المسلسل، مضيفا أن عقده مع الجهة المنتجة يمنعه الحديث عن تفاصيل العمل إلا بعد عرض الحلقة الأولى منه؛ وهو ما يعني احتمالية عدم ظهور سيدنا عمر أصلا، والحكم على العمل لن يستقيم إلا بعد مشاهدته أو على الأقل متابعة جزء منه؛ حتى يمكن الحكم بشكل سليم. 7- وأخيرا وليس آخرا.. بعد أن يقاطع البعض مسلسلا مهما يجسد سيرة الفاروق عمر.. هل ترشحون لهم مشاهدة مسلسل "مولد وصاحبه غايب" لهيفاء وهبي؟ أم "مع سبق الإصرار" لغادة عبدالرازق؟ أم "كيد النسا" لفيفي عبده؟
شاهد إعلان مسلسل "الفاروق عمر" إضغط لمشاهدة الفيديو: