بمجرد أن أعلن فوز محمد مرسي برئاسة الجمهورية كتبت على حائطي على فيسبوك مازحا: "رئيس الجمهورية في أول تصريحاته: النقاب قبل الحساب.. واللحية والجلباب يا شباب".. ساخرا ممن يتخوف من البعد الديني في خلفية الرئيس الجديد الذي قضى عمرا في أحضان جماعة الإخوان المسلمين.. التخوفات من محمد مرسي بلغت في الآونة الأخيرة قبيل الانتخابات حدا يستحق السخرية، ويستدعي التريقة، فالكثيرون أصبحوا يخافون أن يترك مرسي المخاطر الاقتصادية والمكر الخارجي والفجوات الأمنية ويتدخل في البلوزة النص كم، والخصلة اللي نازلة من الطرحة، والسلسلة اللي في رقبة توتو! ولكن السخرية لم تكن في محلها؛ فالحقيقة أن الأذكى هو من يعرف المصريين أكثر، وقد كانت أجهزة كثيرة أكثر إدراكا لسخافة البعض وتفاهته؛ ومن ثم بدأت ماكينة شائعات منظمة وممنهجة بدقة تتناقل أشياء من هذا القبيل، والأعجب أن الكثيرين صدّقوا، وبالفعل بدأوا يخافون على بلوزاتهن وخصلاتهن والسلسلة التي في رقبة توتو! الموضوع ليس حديثا من أحاديث خرافة، بل له سند واقعي وإن لم يكن موثقا بصورة نهائية، حيث نشرت مجلة "آخر ساعة" تصريحات على لسان أحد شباب اللجان الإلكترونية للحزب الوطني المنحلّ يقول فيها "إن آخر مهمة كلفت بها المجموعة كانت مساء 25 مايو وهي حملة "إسلاموفوبيا" ضد الإخوان والإسلاميين؛ لمنع التوحد حول د.محمد مرسى ضد شفيق، مع الإبقاء على صور أبو الفتوح وحمدين على بروفايلاتهم وإعلان النية التصويت لشفيق، وأن مكتب الإرشاد سيكون الرئيس".. هذه المجموعات التي ذكر الشاب أنها تتقاضى راتب 4 آلاف جنيه شهريا –مع الأسف ماحدش فيهم عرض علي أشتغل معاهم- ليست مجرد جروب أو شلة، ولكنها مجموعات منظمة أو كما يقول: "إنهم ينتشرون في كل المواقع الإلكترونية وفيسبوك، ولكل منهم على الأقل 15 حسابا على فيسبوك و5 على تويتر، وكل موقع إخباري لا يقل عن 5 حسابات، وكل الحسابات وكلمات السر مع رئيسهم المباشر لمراقبتهم". حملات التشويه هذه عانى منها الجميع، ومهارة التخطيط كانت تُظهر أنها لا يمكن أن تكون عشوائية، وحتى هنا في "بص وطل" وضعت يدي على شواهد واضحة لا تحتمل لبسا على عمل هذه اللجان، فمن خلال تتبع البريد الإلكتروني ومواعيد نشر التعليق تجد مثلا أن [email protected] يقوم بالتعليق الساعة السابعة وخمس دقائق، ثم [email protected] (لاحظ التغير الطفيف في عنوان الإيميل) في السابعة وسبع دقائق، ثم [email protected] في السابعة وتسع دقائق، ثم [email protected] في السابعة والربع... وهكذا. وبالطبع الرأي الوحيد مع اختلاف الأسلوب أن الإخوان هيدمروا البلد وهيبيعوا قناة السويس وهيقبلوها زي إيران وهياخدوا السلسلة اللي في رقبة توتو! وتنتشر على فيسبوك حاليا دعوات لضبط كل شاب ملتحٍ أو فتاة منتقبة تتحدث مع الفتيات والشباب بأسلوب شاذّ إقصائي منفر، وتدعوهم للحجاب واللحية بغلظة لتشويه سمعة الإسلاميين والتخويف من الإخوان.. ولا أخفي أن هناك صفحات جاهلة تنتشر بسرعة البرق على مواقع التواصل تحمل أسماء الصفحات الشعبية الإسلامية أو الرابطة الفلانية والعلانية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتتخذ أسلوبا بغيضا في النصيحة والتوجيه، وتخالف أبسط قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وهي اللين والكلمة الطيبة والموعظة الحسنة.. مرسي مهندس قبل أن يكون إخوانيا، وأستاذ جامعي قبل أن يكون شيخا، وقد ربّى عقله قبل أن يربّي لحيته، ومعه فريق متخصص يدرك حجم المخاطر التي تمر بها البلاد ويولي اهتمامه للمشاكل الجمة التي تعصف بمصر.. لا تصدّق الشائعات ولا تنقل خبرا لا مصدر له، تأكد قبل أن تنقل حتى لا تكون حامل كذب وفتنة.. ليس كل ما يُنقل عن تويتر هو في تويتر فعلا، ولا كل ما يُكتب على لسان شخصية عامة هو من كلامها فعلا، حتى الفيديوهات المجتزئة لا تنهض دليلا يثبت شيئا أو ينفيه.. وفي النهاية أحب أن أطمئن توتو على سلسلته؛ فمصر فيها ما هو أهم وأخطر بكثير!!