قال الدكتور محمد سعد الكتاتني -رئيس مجلس الشعب "المنحل"- إن الجيش وضع قواعد سياسية تبقيه في السلطة حتى بعد تسليمها لرئيس منتخب، لكن الجماعة لن ترد بنفس الطريقة التي أودت بالجزائر إلى مستنقع دامٍ استمرّ لسنوات. وأضاف -في حوار صحفي أجرته مؤسسة رويترز أمس (الأربعاء)- أن معارضي تمركز الحكم العسكري في مصر لا يملكون أسلحة؛ فهم يسعون للنضال "قانونيا عبر المؤسسات القانونية وشعبيا عبر الضغط الشعبي في الميادين". وأعلن الكتاتني رفضه للسيناريو الذي وضعه بعض المحللين السياسيين حين قالوا إن ما حدث في الجزائر من الممكن أن يتكرّر في مصر، حينما منعت الحكومة الجزائرية المدعّمة من الجيش وصول إحدى الجماعات الإسلامية للحكم عبر صناديق الاقتراع، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع حرب أهلية أودت بحياة 150 ألفا من الجزائريين. وعبّر الكتاتني عن امتنانه للجيش الذي أسقط الرئيس المخلوع حسني مبارك، وجنّب البلاد سفك المزيد من الدماء في الأحداث الأولى لثورة 25 يناير 2011، لكنه الآن ومع تمركز المجلس العسكري في الحكم أكثر وأكثر؛ فالشعب لا يملك سوى الوسائل السلمية للمقاومة. وفي معرض الحديث عن الانتخابات الرئاسية، أشار الكتاتني إلى تصريحات المجلس العسكري بتسليم السلطة لرئيس منتخب نهاية يونيو الحالي، وقال: "هذه الإجراءات تشير إلى أن المجلس العسكري لديه رغبة في الاستمرار في السلطة وعدم تسليمها، وبهذه الطريقة لن يُسلّموا السلطة في 30 يونيو وسوف يستمرّون إلى أجل غير مسمّى". وقال الكتاتني إنه لا يشك مطلقا في فوز الدكتور محمد مرسي -مرشح حزب الحرية والعدالة والإخوان المسلمين- بالانتخابات، وأنكر ما أذاعته حملة الفريق أحمد شفيق من تقدّم مرشحها وحصوله على نسبة 51% من الأصوات، وذَكَر في محاولة منه لإثبات كلامه أن حملة الدكتور مرسي جمعت محاضر فرز اللجان ووضعتها في مجلد كبير، وأكّد أن "محاضر اللجنة العليا للانتخابات هي نفس محاضرنا". ورفض الكتاتني الإجابة عن سؤال حول ماذا سيحدث في حالة فوز شفيق بالرئاسة قائلا: "هذه النظرية ليس لها وجود"، وفي حال وصول مرسي برئاسة الجمهورية ستُصبح صلاحياته المحدودة محل تساؤل عما إذا كان الإخوان يستطيعون حل مشكلات التركة الثقيلة التي تركها لهم النظام السابق. وفي معرض الحديث عن الدستور الذي يملك حق الاعتراض على مواده رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة؛ قال الكتاتني إن هذا الأمر قد يُؤدّي إلى حدوث معارك مريرة أمام المحكمة الدستورية العليا، وسيحدث حالة من الفراغ الدستوري في البلاد وهو ما يعطي ذريعة للمجلس العسكري بالبقاء متحكما في السلطة لفترة أطول لحماية مصالح الجيش، واصفا هذا الوضع ب"غير المقبول". وقدّم الكتاتني تفسيرا تصالحيا لإجراءات المجلس العسكري؛ قائلا إنهم قلقون إزاء إمكانية التغيير، ويريدون التأكّد من أن المؤسسة العسكرية لن تتعرّض لضرر كبير في دولة يحكمها المدنيون. وعن مجلس الشعب، قال الكتاتني إنه لم يكن من سلطة المجلس العسكري حلّ مجلس الشعب بالطريقة التي حدثت، وذلك على الرغم من تأكيده على أن جماعة الإخوان تحترم حكم المحكمة الدستورية العليا، والتي حكمت ببطلان بعض قوانين انتخاب المجلس، مضيفا أن السرعة التي حلّ بها المجلس العسكري مجلس الشعب لمحت إلى دوافعه السياسية. وأضاف قائلا: "المجلس العسكري أخطأ عندما لم يحدد موعدا لإجراء الانتخابات التشريعية القادمة، الأمر الذي يجعل البلاد تبقى بغير برلمان، ويفتح الباب لبقاء مصر طويلا على هذا النحو". وتابع الكتاتني أنه بالرغم من مواجهة مصر للعديد من المشكلات فإنه متفائل بالمستقبل، وكرّر الإشادة بالدور الكبير الذي لعبه الجيش في حماية البلاد منذ ثورة يناير 2011، قائلا: "لا نريدهم أن يتحمّلوا فوق طاقتهم وأن يتحمّلوا مسئولية السلطة التنفيذية والتشريعية.. لقد لعبوا دورا كبيرا جدا في حماية الثورة وإدارة المرحلة الانتقالية.. وأقول لهم عودوا إلى ثكناتكم وإلى مهمتكم الرئيسية؛ فهناك مؤسسات منتخبة لتدير الدولة".