وكالات قال الرئيس السوري بشار الأسد إن دماء الشهداء الذين سقطوا في سوريا لن تذهب هدرا، معربا عن تقديره العميق لأعضاء مجلس الشعب السوري لخوضهم الانتخابات البرلمانية في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد. وأضاف الأسد في كلمته بالجلسة الافتتاحية لمجلس الشعب السوري اليوم (الأحد) بمناسبة بداية الدورة التشريعية الجديدة أن "دماء الشهداء في سوريا لن تذهب هدرا ليس انطلاقا من الحقد.. وإنما انطلاقا من الحق الذي لا يسقط إلا عندما يتنازل عنه صاحبه". وتحدّث الأسد عن الدور الدولي والإقليمي في الأحداث السورية، قائلا إن "الدور الدولي معرّى أما الدور الإقليمي ففضح نفسه بنفسه". وأتبع: "ما يحصل في سوريا أشد تعقيدا وأكثر خطورة، ونحن بحاجة للكثير من العقل، وعلينا التعلم من الشعب الذي فكّ رموز المؤامرة". وشدد على ضرورة الفصل بين العملية السياسية والإرهاب، مؤكدا أن هذا "أمر أساسي لكي نتحرك ونصل إلى حل للظروف التي نعيش فيها"، مؤكدا أن بلاده لا تواجه مشكلة سياسية، وأن ما تواجهه هو مشروع فتنة وتدمير للوطن وأداة هذه الفتنة هي الإرهاب. وأشار إلى الموافقة على كل الطروحات السياسية "ولكننا نواجه حربا حقيقية من الخارج، والتعامل مع الحرب يختلف عن التعامل مع الخلافات السياسية"، مؤكدا أن أبواب سوريا مفتوحة لكل من يريد حوارا حقيقيا للوصول إلى حل. وأكد الأسد أن الظروف الدقيقة التي تمر بها سوريا تستلزم بذل الجهود والتضحيات، مشيرا إلى إنجاز خطوات الإصلاح ضمن الجدول الزمني رغم التشكيك. وأشار إلى أن إجراء انتخابات مجلس الشعب في موعدها كان الردّ على القتلة وأسيادهم ومموليهم. وأكد الأسد: "الظروف الدقيقة التي يمر بها بلدنا تقتضي منا المزيد من الجرأة والصلابة والشعور بالمسئولية"، مضيفا: "نقف إجلالا وإكبارا لأرواح كل الشهداء الأبرياء من مدنيين وعسكريين، ونقول دماؤهم لن تذهب هدرا". وقال الرئيس السوري: "قيامكم بمهامكم التشريعية والرقابية لا يمكن أن يتم على الشكل الأمثل من دون امتلاك رؤية تطويرية واضحة، واتضاح هذه الرؤية بحاجة لعاملين: الحوار البناء والتواصل مع المواطنين"، مؤكدا أن التركيز على الدور الرقابي للمجلس لا يجوز أن يغفل دوره التشاركي مع السلطة التنفيذية. وأردف: "بالإصلاحات نصد جزءا كبيرا من الهجمة على سوريا، ونبني سدا منيعا في وجه الأطماع الإقليمية والدولية، ومن حق هذا الشعب علينا وهو الذي أثبت قدراته باختبارات وطنية فائقة الصعوبة، ونجح فيها أن نرتقي بأدائنا إلى مستوى وعيه وصلابته". وأكد أن إجراء انتخابات مجلس الشعب في موعدها وجّه صفعة لهؤلاء الذين أرادوا لسوريا أن تنغلق على ذاتها وتغرق بدماء أبنائها، وتعود عقوداً إلى الوراء. وقال: "بعد سنة ونصف على بدء الأزمة تتضح الأمور وتنزع الأقنعة.. فالدور الدولي فيما يحصل معرّى أساسا منذ عقود والاستعمار يبقى استعمارا، وإنما تتغير الأساليب والوجوه، والدور الإقليمي فضح نفسه بنفسه، وبعد كل الدماء الزكية التي سفكت نحن بحاجة إلى الكثير من العقل وبحاجة لنتعلم من الشعب الذي ننتمي إليه والذي تمكّن من فكّ رموز المؤامرة منذ بدايتها". وقال الرئيس الأسد: "الآن نواجه حربا حقيقية، والتعامل مع الحرب أمر يختلف عن التعامل مع القضايا الداخلية وعندما نقاطع الانتخابات فنحن نقاطع الشعب". وأكد أن أي عملية سياسية لا ترتكز على الحالة الشعبية هي عملية ليس لها قيمة من الناحية الشعبية، و"منذ اليوم الأول كنا نعرف أن المسار السياسي لن يؤدي إلى حل لكن قمنا به؛ لأن الشعب السوري يحتاجه بغض النظر عن الأزمة". وأشار الأسد إلى أن الأمن الوطني خط أحمر لا يمكن التسامح مع من يمسّه، مضيفا أنه لا مبرر للإرهاب تحت أي ذريعة أو عنوان ولا تساهل ولا مهادنة معه ولا مع من يدعمه، ولا تسامح إلا مع من تخلى عنه، والاختلاف في الرأي يعني الغنى، والاختلاف حول الوطن يعني التدمير. واستطرد: "لا أتحدث عن عميل في الداخل أو متآمر في الخارج؛ فهذا هو موقعهم، بل أعاتب سورياً أحب بلده لكنه لم يعرف كيف يحميه، وساهم من حيث لا يدري في ضرب وطنه، والفوضى لا تجلب إلا الفوضى، والمجتمع لا يبنى إلا على الأخلاق الحميدة". وأشار الأسد إلى أن القضية ليست حول الإصلاح والديمقراطية بل ضرب دور سوريا المقاوم ودعمها للمقاومة وتمسكها بحقوقها، مشدداً: "يجب أن نفرق بين الرمادية السياسية والرمادية الوطنية؛ فالرمادية الوطنية غير مقبولة وعندما تكون القضية وطنية فأنا حتما مع وطني". واستطرد: "لم يكن من الممكن لمؤسسة أن تقدم ما قدّمته قواتنا المسلحة من تضحيات لولا وجود عقيدة توجّه أبناءها بالاتجاه الصحيح، ولقد تم استغلال الأخطاء التي تحصل من وقت لآخر من قبل بعض الأفراد؛ لتضخيمها وإظهارها كنهج تتبناه الدولة ومؤسساتها بشكل عام". وأكد الأسد: "قواتنا المسلحة بناء عريق شامخ بنى الوطن ودافع عنه وحمى استقلاله ولا يزال.. ولا يجوز المساس برمز يعبر عن وطنيتنا ووحدتنا وشرفنا". وشدد: "الأزمة ليست أزمة داخلية بل هي حرب خارجية بأدوات داخلية، وكل مواطن معنيّ بالدفاع عن وطنه، وإذا تشابكت أيدينا اليوم فأنا أؤكد أن انتهاء هذا الوضع قريب بغضّ النظر عن التآمر الخارجي". وتابع: "لن نسمح للقادمين من خارج التاريخ أن يكتبوا شيئا لم يكتبه التاريخ من قبل، وهو أن السوريين يوما دمروا وطنهم بأيديهم".