إذا كنت من محبّي أفلام الأبطال الخارقين فسيعجبك هذا الفيلم بالتأكيد؛ فهو فيلم يجمع بين عدد من الأبطال الخارقين في مهمة واحدة هدفها بكل بساطة إنقاذ الأرض من الدمار. لعل أكثر ما يُميّز أي فيلم من أفلام الأبطال الخارقين هو أننا نعجب دوما بقدرة هذا البطل الخارقة، ومدى قدرته على تحقيق المستحيل في مواجهة عدو أو مجموعة من الأعداء غير الطبيعيين، والذين يكون هدفهم دوما السيطرة على العالم أو محوه وما إلى ذلك. العدو في هذه المرة هو لوكي الأخ غير الشقيق لثور إله الرعد، والذي يمتلك قدرات غير طبيعية، ويسيطر على طاقة كامنة تعتبر أقوى طاقة معروفة، والتي بإمكانها بكل بساطة تدمير الأرض ومَن عليها في لمح البصر. إن لوكي يعود إلى الأرض عن طريق هذه الطاقة التي تفتح منفذا بين عالم البشر الضعفاء وعالم الآلهة، بعد أن تمّ تدمير الجسر الرابط بين العالمين في الفيلم الذي حكى قصة ثور وحده، والذي عُرِض منذ عدة سنوات. ومنذ البداية وتمهد شركة "مارفل" صاحبة الحقوق في هذه الشخصيات بالتمهيد لجمعهم سويا في فيلم واحد؛ فنشاهد تلك الشخصية المسمّاة نيك فيوري، والتي يجسّدها الممثل القدير صامويل إل جاكسون، وهو يظهر في مشهد واحد في عدة أفلام؛ منها: The Hulk وIron Man وThor وCaptain America، وهي الشخصيات التي تجسّد العظم الرئيسي في قوام فريق Avengers. إن لوكي هدفه بسيط للغاية.. أنا سوف أقوم بتدمير الأرض ذلك المكان الذي يحبّه شقيقي؛ لأني أكرهه، وسوف أساعد قومي على احتلال هذا الكوكب وتدميره. أما مجموعة الخارقين فلديهم عدة أسباب أخرى.. ثور يريد التوحّد مع شقيقه وإعادته لحظيرة الخير مرة أخرى، أما الرجل الحديدي فيريد إثبات أنه العالم الخطير ورجل الأعمال الناجح الذي لا يشق له غبار، بينما هالك لا يريد سوى أن يتركه الجميع؛ لأنه لا يريد أن يغضب فيدمّر الأرض ومَن عليها، كابتن أمريكا القادم من القرن الماضي يريد أن يثبت أنه قادر على قيادة الجميع، جميعهم مرضى ومشوّهون نفسيا ولوكي يدرك هذا الأمر تماما ويستغلّه. كيف يمكن لنيك فيوري الأرضي البسيط أن يسيطر على هؤلاء الأبطال المشوّهين نفسيا، وتوجيههم للقضاء على لوكي وإنقاذ الأرض.. هذا بالضبط ما سوف تشاهده خلال أحداث الفيلم الممتعة للغاية. يعتمد الفيلم في المقام الأول على مقومات الخداع البصري وتقنيات الصورة والصوت التي كانت متطوّرة وحديثة للغاية؛ حتى إنني أكاد أجزم أنه منذ اختراع تقنية البعد الثالث منذ سبعينيات القرن الماضي؛ فإن هذا هو أول فيلم يستطيع استخدام هذه التقنية بالشكل الأمثل لتتناسب مع أحداث وتطوّرات الفيلم، حتى إنك تكاد تجزم في عدة لحظات أن التفجير والتدمير الذي يحدث، يحدث من حولك حقا وليس على الشاشة. وقد برع المخرج للغاية في إظهار الصراع النفسي داخل الأبطال المتمثّل في كل شخصية من شخصيات الفيلم على حدة، ودون أن تُؤثّر على أحداث الفيلم. وكان السيناريو مكتوبا بحرفية عالية ليبرز هذا الصراع ويبرزه متزامنا مع أحداث الفيلم دون إحداث إخلال أو ملل في الأحداث، كما استطاع السيناريو أيضا أن يكسر حدة أحداث الفيلم بالعديد من الإفيهات الكوميدية بين الأبطال وبعضهم البعض. وقد استحقّ الفيلم بالتأكيد تلك المدة الطويلة للغاية لتحضيره وتصويره، والتي استغرقت عامين كاملين، إلا أنك حينما تشاهد المعركة الأخيرة، والتي استغرقت ساعة إلا ثلث ولا تشعر بالوقت وأنت تشاهدها؛ فتدرك على الفور أن هذا الفيلم يستحق المشاهدة. الفيلم يعلّمك بكل بساطة أن مشاهد الأكشن المصنوعة بحرفية عالية لا تزال قادرة على جذب الانتباه، وتجعل المشاهدين يتفاعلون معها، كما يحقّق الفيلم حلما طفوليا لدى العديدين من محبّي الأبطال الخارقين عن ماذا لو تصارع هالك وثور مَن منهما سينتصر؟ وما الذي سيفعله كابتن أمريكا للسيطرة على هؤلاء الأبطال ليقودهم، وكل هذه الأسئلة التي جالت بخاطرنا حينما كنّا صغارا. لعل أكثر ما يُميّز مجموعة الأبطال الخارقين الخاصين بمارفل أنهم شخصيات طبيعية تعاني من مشاعر إنسانية مختلطة؛ بعكس قرنائهم في شركة دي سي كوميكس "فريق العدالة" المتمثّلين في شخصيات: سوبر مان وبات مان والمرأة الخارقة وفلاش وجرين لانتورن... وغيرها حيث إن جميع شخصيات دي سي كوميكس -باستثناء بات مان- هي شخصيات مثالية للغاية لا تقارف الأخطاء ولا تعاقر الخمور ومهذّبة جدا؛ أي إنها شخصيات خيالية خارقة لا تحمل أي مشاعر إنسانية، بينما خارقو مارفل شخصيات إنسانية للغاية. وكل متابع لعالم الكوميكس يدرك ذلك الصراع الكبير بين الشركتين؛ خاصة أن هناك فيلما قريبا يتم التجهيز له يجمع بين شخصيات فريق العدالة في مهمة خاصة لإنقاذ الأرض هم الآخرون، وأعتقد أنهم بعدما شاهدوا هذا الفيلم سيعيدون النظر كثيرا فيما سوف يُقدّمونه ليكون المستفيد في النهاية هو المشاهد الذي سوف يستمتع في النهاية. بينما يعلم القائمون على شركة دي سي كوميكس أن شركة مارفل تعضّ أناملها احتراقا على شخصيتي بات مان وسوبر مان أشهر شخصيتي أبطال خارقين حتى الآن، ومهما فعلوا فتظل الشخصيتان هما أكثر شخصيات محبوبة في عالم الكوميكس. الفيلم ما زال حتى الآن متربّعا على عرش الإيرادات في السينما الأمريكية؛ حيث استطاع أن يجمع ما يقارب من 457 مليون دولار في ثلاثة أسابيع عرض فقط، ويتوقّع بعض النقاد أن يستطيع الفيلم كسر تيمة الحظ للمخرج جيمس كاميرون بفيلمَيْه Titanic وAvatar اللذين استحوذا على قمة الإيرادات في التاريخ. الفيلم سيناريو وإخراج جوس ويدون، ومن تأليف زاك بين، ومن بطولة: روبرت دوني جونيور وكريس إيفانس ومارك رافلو وكريس هيمسورس وسكارليت جوهانسون وجيرمي رينر وتوم هيدلستون وصامويل إل جاكسون.