رغم أن سوبر مان وميكي ماوس تم توظيفهما خلال الحرب العالمية الثانية من أجل رفع الروح المعنوية للشعب الأمريكي، وتجييش مشاعره الوطنية حيال المعركة، إلا أن السلاح الأول للأدب المصوّر الأمريكي في هذا الصدد لم يكن سوبر مان أو حتى ميكي ماوس، بل كان "كابتن أمريكا". فقد تم ابتكار الشخصية عبر مجلة تحمل الاسم ذاته في مارس 1941، بالتزامن مع دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية في خضم معارك الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وذلك على يد الكاتبين الأمريكيين جو سيمون وجاك كيربي الذي شارك في ابتكار الرجال أكس وهالك (الرجل الأخضر) وفانتاستك فور.
ويلاحظ هنا أن كابتن أمريكا من الشخصيات المحظوظة التي نالت مجلة خاصة باسمها فور صدورها، على عكس بعض الشخصيات الأخرى التي ولدت كجزء من مجلة شاملة قبل أن تستقبل بمجلة خاصة بها مثل باتمان.
وكابتن أمريكا شخصية مقنعة وفي يده درع يقيه من الرصاص، وهكذا انطلق كابتن أمريكا ليحارب النازية بشكل رسمي، ويعتبر من الشخصيات الأمريكية الخيالية القليلة التي تركز وجودها في أوروبا.
وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، تحيّر القائمون على كابتن أمريكا حول الهدف الجديد الذي يسعى الكابتن خلفه، وكان المسرح الدولي قد أفرز للأمريكان الخطر الشيوعي والحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، وهكذا انطلق الكابتن لحماية أمريكا من الشيوعية.
ومع ذلك، شعر القارئ والكاتب معاً أن حرارة المغامرات مع النازية لم تعد موجودة مع الشيوعية، مما هدد الكابتن وجعل القائمون على شخصيته يوقفون مجلة كابتن أمريكا لفترة.
ولم يستمر هذا الوضع طويلاً، فاعيدت مجلة كابتن أمريكا، وأصبح الأخير مسئولاً أمنياً في حلف الناتو ( حلف شمال الأطلنطي)، وهو الحلف العسكري الذي ضم الدول التي تسير في الركب الأمريكي، مقابل حلف وارسو الذي ضم الدول المؤيدة للاتحاد السوفيتي.
وفي نفس الفترة، أسست شركة مارفيل كوميكس التي تُصدر مجلة كابتن أمريكا فريقاً من الخوارق في مجلة جديدة، واختير كابتن أمريكا على رأس هذا الفريق الذي ضم سبايدر مان والرجل الحديدي ودارديفيل وسبايدر وومان وثور وغيرهم.
وهكذا وجد القائمون على الشخصية أفكاراً لاستمرارها، ومع ذلك، توقفت مجلة كابتن أمريكا أكثر من مرة، ولكن هذا لم يمنع صدور مجلات ودوريات أخرى تجمع الكابتن مع باقي أبطال الكوميكس الأمريكي.
وفي عام 2007، وفي خطوة فعلت مراراً في عالم الكوميكس، أعلن وفاة كابتن أمريكا في مغامرة مؤثرة، ولمعرفة مكانة الكابتن في نفوس الأمريكان، يكفي القول إن الصحف الأمريكية الكبرى نشرت الخبر، والصحفي الأمريكي جورج جين جوستنس كتب بجريدة نيويورك تايمز بتاريخ 8 مارس 2007 مقالاً بعنوان "وفاة البطل القومي"، موضحاً أن الكابتن هو بطل أمريكا الأول منذ عام 1941.
واستمراراً للتقاليد الكوميكسية الأمريكية، عاد الكابتن مرة أخرى في يوليو 2009، عبر دورية جديدة من ستة أعداد بعنوان "إعادة إحياء كابتن أمريكا" Captain America: Reborn ، تماماً كما جرى مع سوبر مان وباتمان وفلاش والمصباح الأخضر.
ومن الملاحظ أن كابتن أمريكا رغم قدمه إلا أنه لم يتغيّر، فظلّ ستيفن روجرز هو الكابتن، رغم أن هناك شخصيات أخرى ارتدت قناع ودرع الكابتن لفترات بسيطة إلا أن ستيفن روجرز ظلّ هو الأساس، ويلاحظ أن المبتكرين اختاروا أسماءً أمريكية شائعة للبطل.. ستيفن وروجرز.
وكان طبيعياً أن ينتقل كابتن أمريكا إلى شاشة السينما سريعاً، وشهد عام 1944 الفيلم الأول بعنوان كابتن أمريكا، أي بعد أقل من ثلاثة سنوات على ابتكار الشخصية، ثم جرى الفيلم الثاني بنفس الاسم عام 1979، والثالث بنفس الاسم أيضاً عام 1990، وسوف يخرج الفيلم الرابع للنور عام 2011 عبر سلسلة أفلام جديدة لكابتن أمريكا على أن يكون عنوان الفيلم الأول من السلسلة "كابتن أمريكا: المغامرة الأولى".
ويحتل كابتن أمريكا مكانة أخرى في تاريخ الكوميكس الأمريكي، فهو أول شخصية يحمل لقب "كابتن"، ولحقه عقب ظهوره الأول سلسلة من "الكباتن"، أبرزهم كابتن مارفيل وكابتن بريطانيا.