ليس غريبا أن يحمل شعار الحملة الرسمية لدعم خيرت الشاطر للرئاسة عنوان "مهندس النهضة".. فالرجل تاريخه يشهد بأنه مهندس جماعة الإخوان المسلمين من الداخل والخارج.. وهو رئيس لجنة التطوير داخل الجماعة وصاحب مشروع نهضة الأمة.. وُلد خيرت الشاطر بالدقهلية في 4 مايو (وهو نفس اليوم الذي وُلِد فيه مبارك بالمصادفة) عام 1950، وتخرج في كلية الهندسة بالإسكندرية عام 1974 وحصل على الماجستير ثم ليسانس الآداب ثم عدد من الدبلومات في الدراسات الإسلامية والمجتمع المدني وإدارة الأعمال، ثم عمل معيدا فمدرسا مساعدا بكلية الهندسة، لكنه أُبعد من الجامعة بقرار من السادات قبيل اغتياله عام 1981 ليشتغل بعد ذلك بالتجارة وإدارة الأعمال وإدارة الشركات والبنوك..
تاريخه مع السجون اعتقل الشاطر خمس مرات خلال حياته -حتى الآن على الأقل!- الأولى: عندما كان عمره 18 عاما في عهد عبد الناصر؛ لاشتراكه في تظاهرات الطلاب في نوفمبر 1968 لمدة أربعة أشهر، وفُصِل من الجامعة، وجُنِّد في القوات المسلحة في فترة حرب الاستنزاف قبل موعد خدمته العسكرية المقرر، والثانية في عام 1992 ولمدة عام، فيما سمّي بقضية سلسبيل، وتم فيها مصادرة أملاكه، والمرة الثالثة بعد خروجه من السجن بعامين؛ حيث حُكم عليه مجددا بخمس سنوات في قضايا الإخوان أمام المحكمة العسكرية، وبعد خروجه بعام أعيد إلى السجن في 2001 ولمدة عام.
وفي 2006 تم توقيف الشاطر ومجموعة من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، حيث تم عرضهم في البداية على القضاء المدني الذي برّأهم وأمر بإطلاق سراحهم ثلاث مرات، فتمت إحالتهم بأمر من مبارك إلى محاكمة عسكرية استثنائية وسرية مُنعت عنها وسائل الإعلام، وبعد ما يزيد على سبعين جلسة صدرت أحكام مشددة بالسجن ومصادرة الأموال كان نصيب الشاطر منها سبع سنوات، وهي أقصى عقوبة شهدتها المحاكمات العسكرية للإخوان في عهد مبارك، حتى جاءت ثورة يناير المباركة فتم إخراج الشاطر بعد خلع مبارك.
كيف فتح الشاطر خطا بين الإخوان والغرب؟ خيرت الشاطر عضو مكتب إرشاد الجماعة منذ عام 1995 ونائب المرشد حتى أول أمس.. قام بمهارة بهندسة علاقة الإخوان المسلمين بالغرب، ومهّد جذور تواصل بدأها بتأسيسه موقع إخوان ويب، وهو الموقع الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين باللغة الإنجليزية، وقام من خلال الموقع بإجراء حوارات مع المراكز البحثية الغربية أحدثت صدى واسعاً، كما قام بتقديم رؤىً جديدة ومعاصرة عن جماعة الإخوان المسلمين للعقل الغربي.
كما أسس خيرت الشاطر من خلال مقالة نُشرت له في صحيفة الجارديان البريطانية بعنوان "لا تخافوا منا" علاقة جديدة مع الغرب، نادى فيها برغبة جماعة الإخوان المسلمين الرسمية في التواصل مع الغرب بمراكزه البحثية ومثقفيه والمهتمين بشئون الحركة الإسلامية، وقد جاء هذا المقال في أعقاب الفوز الكبير لمرشحي الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية عام 2005 حيث وصل عدد نوابهم وقتها إلى 88 عضوا لأول مرة منذ عام 1987، وبناء على هذا الظهور المفاجئ للإخوان -وقتها- برزت مخاوف غربية نُشرت في كتابات عدة حول الصعود "المقلق" لما يسمى بتيار الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، ولهذا جاءت حساسية خطوة الشاطر بتأسيس موقع إخوان ويب قبيل ذلك، ودعوته لإقامة حوار مع الغرب من قبل جماعة الإخوان المسلمين.
الشاطر ومشروع النهضة بعد فوز حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب كلّفت الجماعة خيرت الشاطر بإعداد مشروع أطلقت عليه "مشروع النهضة".. فتحرّك الشاطر إلى الخارج؛ للبحث عن آفاق لمشروعه، فزار تركيا؛ لحثها على زيادة الاستثمارات التركية بمصر، واتصل بقيادات بالمجلس الانتقالي الليبي ليوجد مشاركة للعمالة المصرية في إعادة إعمار ليبيا، كما أجرى اتصالات مع السودان والمغرب وتونس لإيجاد فرص للشركات الاستثمارية فيها؛ بمعنى أن الشاطر أصبح بعد الثورة يتحرك كرجل دولة ممثل لأكبر فصيل سياسي في مصر.
أمام مشروع "النهضة الشاملة" الذي يعدّه الشاطر للجماعة تحدّ كبير يتلخّص في أن يستطيع أن يتوغل في قلب القضايا الشائكة شديدة المساس بالمواطن والوطن، كما توغّلت تجارب الأحزاب "الإسلامية" التي فازت في هذه البلدان التي اتصل بها الشاطر كتركيا وتونس والمغرب... فهل يُتوقع لمشروع الشاطر أن يحقق نفس النجاح الذي حققه حزب العدالة والتنمية التركي أو نظيره المغربي أو حزب النهضة التونسي؟ هل يستطيع الشاطر أن يحقق نجاحا مماثلا في مصر؟
شاهد خيرت الشاطر يتحدث عن استراتيجية الإخوان بعد الثورة إضغط لمشاهدة الفيديو: الشاطر بين مؤيديه ومعارضيه المؤيدون يتفاءلون بقوة في أن الشاطر كمهندس نابغة سيؤسس لمصر جديدة، وسيخلق نهضة شاملة كالتي يعدُ بها ويعدّ لها، ولذا يلقبونه بمهندس النهضة..
بينما المتبرمون من ترشيح خيرت الشاطر تتركز مخاوفهم في نقاط: منها أن يكون الرجل ألعوبة في يد الجماعة، وليس معبرا عن برنامج شخصي أو مؤسسي، وهو ما يردّ عليه أنصاره بأنه هو الذي يحرّك الجماعة لا الجماعة هي التي تحرّكه، وبالتالي فقوة الجماعة من قوته والعكس، وكله يصب في خدمة مؤسسات وطنية قوية.
وعلى هذا يردّ المخالفون بالسؤال عن ولاء الشاطر: هل للوطن أم للجماعة، وهو ما يثير أسئلة صعبة حول مدى ولاء جماعة الإخوان المسلمين الوطني؛ الأنصار يقولون إن الإخوان على مرّ تاريخهم كانوا جزءا من الوطن؛ هتفوا ضد الاستعمار:
حب الأوطان من الإيمان ودين الله ينادينا إن لم يجمعنا الاستقلال فعند الله تلاقينا ووقفوا مع ثورة يوليو ومن بعدها ثورة يناير، وبينهما ضحّوا من أجل بلادهم بالغالي والنفيس، وقدّم خيرت الشاطر سنين من عمره تشهد لولائه..
وبينما لا يقتنع قطاع كبير من المعارضين بسبب ألغاز الإخوان بعد الثورة وسلوكياتهم المضطربة التي لا تستبعد مؤامرة هنا أو صفقة هناك..
المخالفون كذلك يخافون من احتكار الإخوان لمعظم السلطات، من برلمان إلى حكومة إلى دستور إلى رئيس.. وهو تخوّف في محله، وإن أبدى المؤيدون أنها مغرم لا مغنم وأن هذه السلطات ليس فيها مطمع لأنها سلطات مدينة لا رابحة.. ولكن المعارضين يتشممون دلائل (مثل الجمعية التأسيسية للدستور) بدأت تبرهن على رغبة الامتلاك لدى جماعة كثيرا ما زعمت أنها تزهد في المناصب، وتريد أن تُحكم بالحق لا أن تَحكم به..
ترشيح الشاطر قوبل برفض الكثيرين من النخب والقوى السياسية والثورية، وحتى العوام، وأدى تراجع الجماعة عن قرارها الذي قطعته على نفسها يوم 10 فبراير 2011 بأنها لن تنافس على منصب الرئاسة.. إلى نمو بذور شكّ أخذت في التزايد في الفترة الأخيرة، لكن الكل أجمع على أنه شكّ في نية الجماعة المنغلقة لا من جهة الشاطر كشخص، فلم يختلف اثنان على جدارة خيرت الشاطر منفردا بالمنصب، لكن بوضعه في السياق تزداد المخاوف وتنمو الشكوك..
قصة الشاطر لم تنتهِ، ومفاجأته لم يذهب صداها، وما زال كثير من الألسنة معقودة أمام تحدّ وضعت الجماعة نفسها فيه بكامل إرادتها، تقول من أجل الثورة ويقول خصومها من أجل الاستحواذ.. تعزوه إلى تضحية للشعب، ويعزوه خصومها إلى غرور القوة..
هل يهندس الشاطر مصر الجديدة ويحقق مشروع نهضته، أم يخسر فتخسر الجماعة كلها معه؟؟ سؤال ستولد إجابته من رحم الأيام القليلة القادمة..
** كل المعلومات الواردة بالمقال مستقاة من موقع خيرت الشاطر الشخصي..
*************** ولمعرفة أخبار الحملة عبر الإنترنت: * الموقع الشخصي لخيرت الشاطر * الصفحة الرسمية لحملته الانتخابية على موقع فيسبوك * وهنا تجد صفحته الشخصية على تويتر ***************