مستمرون معكم في حملة الانتخابات الرئاسية والدستور.. لتوضيح معالم الطريق الذي تسير عليه مصر بعد ثورة 25 يناير.. والحدث الأهم الآن على الساحة المصرية؛ هو العقد الذي سيوقّع عليه المصريون "الدستور"، والذي بموجبه سيتم تحديد شكل الدولة المصرية وهويتها ونظامها السياسي بعد الثورة..
والسؤال الذي يُطرح بقوة في الشارع الآن.. هل سيستمر مجلسا الشعب والشورى الحاليين بعد إقرار الدستور الجديد أم سيتم حلهما وإجراء انتخابات برلمانية جديدة؟
الإجابة ببساطة شديدة.. على حسب ما ينص الدستور الجديد..
يعني إيه الكلام ده؟؟ تعالوا ببساطة وبالتفصيل نعرف؛ متى يتم حلّ مجلسي الشعب والشورى إذا ما تم الاستفتاء على الدستور الجديد وإقراره من قبل الشعب.. وكيف يتم الإبقاء عليهما حتى بعد إقرار الدستور الجديد..
تنصّ المادة 32 من الإعلان الدستوري على ما يلي: "يُشكّل مجلس الشعب من عدد من الأعضاء يحدده القانون على ألا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السري العام.. ويبيّن القانون تعريف العامل والفلاح ويحدد الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة، ويجوز لرئيس الجمهورية أن يعيّن في مجلس الشعب عدداً من الأعضاء لا يزيد على عشرة".
وهذا هو النص الدستوري الذي على أساسه انتخب مجلس الشعب..
وبالتالي إذا ما تم تغيير هذا النص الدستوري.. يصبح مجلس الشعب الحالي مخالفا للدستور الجديد.. والقاعدة الدستورية المعمول بها في جميع دول العالم تقول: "كل ما يخالف نصًا دستوريًا فهو باطل"..
يعني إيه؟؟ يعني مثلا.. فيه جدل كبير أوي على مسألة إلزام انتخاب 50% من أعضاء مجلس الشعب من العمال والفلاحين، وإذا حسم الجدل في الدستور الجديد.. وتم إلغاء هذا النص.. يعني مايكونش فيه شرط إن نصف مجلس الشعب يبقى من العمال والفلاحين.. ويصبح بذلك مجلس الشعب الحالي مخالفا للدستور الجديد.. وبالتالي يجب حله وانتخاب مجلس آخر يتوافق مع مواد الدستور الجديد...
كما أن المادة 35 من الإعلان الدستوري تنصّ على: "يشكّل مجلس الشورى من عدد من الأعضاء يحدده القانون على ألا يقل عن مائة واثنين وثلاثين عضواً، وينتخب ثلثا أعضاء المجلس بالاقتراع المباشر السري العام على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، ويحدد القانون الدوائر الانتخابية الخاصة بمجلس الشورى".
والمطالب التي ينادي بها المواطنون والسياسيون على السواء هي إلغاء مجلس الشورى في الدستور الجديد، وبالتالي يصبح مجلس الشورى الحالي لا سند دستوريا له في مواد الدستور الجديد.. ومن ثم يجب حله نهائيًا بعد إقرار الدستور الجديد إذا لم ينصّ على وجود هذا المجلس أصلاً..
السؤال.. هل هذا سيحدث؟ أم هناك مخرج لإبقاء البرلمان الحالي؛ لعدم تحميل الدولة تكاليف انتخابات برلمانية جديدة؟ خاصة وأن ذلك سيتم بعد تحمّل الدولة تكاليف الاستفتاء على الدستور وتكاليف انتخابات الرئاسة وهي تقدّر بمليارات الجنيهات.. فالدولة -حسب آراء خبراء اقتصاديين- لن تتحمل كل هذه التكاليف..
فما الحل لإبقاء مجلسي الشعب والشورى حتى بعد إقرار الدستور الجديد؛ لعدم تحميل الدولة تكاليف انتخابات جديدة؟
أجمع الفقهاء القانونيون على أنه لا يوجد سوى مخرج واحد لهذه المشكلة... وهو أن عمر مجلسي الشعب والشورى يتوقف على التغيير الذي سيحدث في الدستور الجديد، فهناك اتجاهان في هذا الشأن، الاتجاه الأول: إذا تم إلغاء نسبة العمال والفلاحين سيصاب المجلس بحالة من عدم التوافق مع الدستور، لذا يجب حلّه فورا وإجراء انتخابات جديدة.. وهو ما تم شرحه سابقًا بالتفصيل..
أما الاتجاه الثاني، فهو أن البعض يرى أن مصر لن تحتمل إجراء انتخابات برلمانية، لذلك لا بد من وضع نصّ انتقالي في الدستور.. بأن يتضمن مثلاً: "يستمر مجلس الشعب الحالي (الذي عقد جلسته الأولى في يناير 2012) حتى نهاية مدته كاملاً، وليطبّق مواد الدستور الجديد على المجلس القادم".. ويتم نفس الأمر مع مجلس الشورى، وبالتالي يبقى المجلسان منعقدين حتى نهاية مدتهما عام 2016..
الخلاصة.. كما أجبنا باختصار في مقدمة هذا المقال.. الدستور الجديد ومواده هو ما سيحدد عمر البرلمان.. وما إذا كان سيستمر أم سيتم حله..
اللهم اجعل لمصر دستورًا ينقلها إلى التقدم والرقي والثراء والصلاح