أ ش أ احتفل الفنان الإيطالي كارمينيه كارتولانو بإصدار كتابه الجديد "مصريانو يوميات مصور إيطالي"، الذي صدر باللغة العربية عن "دار العين" للنشر في 143 صفحة من القطع المتوسط. ويحاول الكاتب من خلال سرده لليوميات أن ينقل الواقع بعين أخرى، وأن يبرز بلغة سهلة تفاصيل حياة المصريين، وقدرتهم المدهشة في القفز على المشكلات، ويغوص بعمق في حوارات قد تبدو هزلية، ولكنها مفعمة بفلسفة البسطاء وحيلهم الذكية، للتغلب على مشاكل قد تبدو من فرط بساطتها عادية. ويقول أشرف يوسف، المحرر العام لدار العين: "في هذه اليوميات المكتوبة بالعامية المصرية، لا ينظر كارمنيه كارتيلانو إلى مصر أم الدنيا من عدسة السائح أو المستعرب الباحث عن موضوع مرتبط بالفلكلور، بل بعين المحبّ الذي يهضم ناسها الطيبين ولغتهم المتجددة الضاحكة داخل خلاط هويتين في حالة تناقض". ومن دون مصطلحات أو تنظيرات معقّدة، يبني كاتب اليوميات قاهرته الرحبة والحاضنة في الوقت ذاته لكل أحلام هؤلاء البشر، بين دفتي كتاب يعري آلامهم ويفضح تعاستهم، ليختبئ وراء أحلامهم المجهضة مواطن العالم سواء كان إيطاليانو أو مصريانو أو إنجليزيانو؛ للبحث عن أبجدية شراكة إنسانية من أجل الحوار، وبعيدا عن رتابة ثنائية شرق-غرب، كأن مصريا يتحدث عن مصري بلسان أجنبي. ويحاول كارمنيه، من خلال الكتاب مشاركة القارئ في الإجابة عن عدة أسئلة هي: لو مصر أم الدنيا مين أبوها؟ ولو كان فيه أب هيرجع إمتى؟ ولو كان فيه أب مش هيرجع بقى؟ ولو مصر أم الدنيا يا ترى اتجوز عليها؟ بس اللي مهتم بيه أكتر هو لو كان فيه أب سابها ليه؟، وهو ما تستشعر معه روح ابن بلد مصري حقيقي يتكلم عن معرفة حقيقة بمصر. ويقول في أحد مقاطع الكتاب: "لو المصري ما يقدرش يساعدك هيقول لك ربنا معاك، وأنت هتردّ عليه ربنا يخليك، وبرغم كل ده المشكلة هتفضل موجودة". في "مصريانو" ثمة سلوكيات لا يجد الكاتب لها تفسيرا، وسلوكيات أخرى تثير انتباهه، وتصيبه بالدهشة، واللافت هنا هو تلك القدرة على إتقان العامية المصرية وفهمها، وتطويعها أيضا في خلق حالة من السرد الساخر. كارمنيه كارتيلانو مصور وكاتب ومترجم إيطالي، درس اللغة والأدب العربي في إيطاليا، وهو يعيش ويعمل بين القاهرة وروما منذ نهاية التسعينيات، وخاض تجربة في مجال التشكيل معتمدا على الصور الفوتوغرافية، وشارك في عدد من المعارض الجماعية بين القاهرة وروما، وأقام معرضه الفردي الأول بالقاهرة في عام 2011 تحت عنوان "لو". نشرت له رواية مترجمة عن العربية إلى الإيطالية، وهي رواية "أن تكون عباس العبد" لأحمد العايدي، وترجم إلى العربية مسرحية "القرية" للكاتب الإيطالي أدواردو سكاربيتا. ومن أبرز ترجماته إلى العربية أيضا دراسة عن الحركة الماركسية المصرية للكاتب الإيطالي جينارو جيروفاسيو، وهي من إصدارات المركز القومي للترجمة.