عشرون شاباً وشابة جمعهم الإيمان بحقوق الإنسان وحرية التعبير والإبداع في ورشة عمل تدريبية فريدة من نوعها تحت عنوان "ورشة رسل الحرية- قراءة ثانية للمفاهيم"، والتي نظمتها المجموعة المتحدة -محامون مستشارون قانونيون- في إطار برنامج يحمل عنوان "شبكة رسل الحرية"؛ وذلك بفندق هلنان بالفيوم في الفترة من 12 : 16 نوفمبر 2009. وهذا البرنامج يتم تنفيذه في مصر والأردن ولبنان بالتعاون مع مركز حماية وحرية الصحفيين بالأردن وجمعية ميديا للتدريب الإعلامي بلبنان وبتمويل من كلية راضي للإدارة بجامعة كاليفورنيا بسان دييجو، الولاياتالمتحدةالأمريكية.
إن الكثير من الفرص للاشتراك بورش عمل أو مؤتمرات كهذه قد تتاح من خلال الإنترنت؛ ولكن البعض يتجاهلها لعدم الوثوق في جديتها، ورغم ذلك فمعظم المشاركين أكدوا أن إعلان الاشتراك بالورشة وصلهم عبر "الفيسبوك" وبعد ذلك قاموا بتعبئة استمارة مكونة من 7 صفحات مليئة بالأسئلة المتعلقة بقضايا الحرية والديمقراطية وإرسالها مرفقة بسيرتهم الذاتية عبر البريد الإلكتروني، وبعدها تم إجراء مقابلات شخصية لهم مع الأستاذة رانيا علاء مديرة البرنامج ومجموعة المدربين.
وقد تولى المقابلات وعملية الاختيار، ولاحقا التدريبات مجموعة من المتخصصين في حقوق الإنسان والصحافة وصناعة السينما، وهم المحامي والناشط الحقوقي أ/ إيهاب سلام، والصحفي اللامع أ/ سعيد شعيب، والمخرج المتميز/ أحمد رشوان، والناقد السينمائي / عصام زكريا. ومن الجدير بالذكر أن المجموعة المتحدة تحت إدارة الأستاذ نجاد البرعي، المحامي بالنقض والناشط الحقوقي المرموق بمصر.
ورشة تصنيع فرد حر ولكن الذي جعل من هذه الورشة تجربة إنسانية جميلة حقا هو حالة التناغم التي حدثت بين مجموعة المشاركين رغم قصر المدة؛ فبعد ساعات من بداية اللقاء بدا الجميع كفريق عمل متكامل، ويرجع هذا إلى حسن اختيار القائمين على البرنامج للمشاركين.
لم يكن التنوع في اختيار مشاركين من تيارات سياسية مختلفة سوى تحققا لمفهوم الليبرالية، والتي تستطيع استيعاب كل الأيديولوجيات وتمنح الفرصة لتقبل جميع الآراء. وبداخل الورشة، وعلى الرغم من اختلاف رؤى المشاركين السياسية؛ فمنهم اليساري والليبرالي والوطني والإخواني وغير المنتمي لأي حزب سياسي؛ إلا أن الإبداع والفن والإنسانية جمعتهم فأصبح الجميع إخوة وربما أكثر؛ أصبح الجميع رغم اختلاف الأديان والنوع ووجهات النظر كالبنيان المرصوص.
لدرجة جعلت أحد المدربين يعترف في نهاية اللقاء أنه كان مخطئا باعتراضه على أحد المشاركين لإشارته في سيرته الذاتية بأنه عضو بجماعة الإخوان المحظورة لأن هذا المشارك تحديدا كان إنجازه خلال الورشة يفوق كل التوقعات.
رانيا علاء: ستقوم المجموعة المتحدة بإقامة مؤتمر واحتفالية في نهاية المشروع الشعار وأدوات الإبداع
وكما يشير شعار "شبكة رسل الحرية" المكون من ثلاث حروف وكل حرف متصل بأداة من أدوات الإبداع؛ ألا وهي القلم تعبيرا عن الصحافة المكتوبة وشريط السينما تعبيرا عن صناعة الأفلام ومفتاح صول تعبيرا عن الموسيقي. كان الفن هو رسالة هؤلاء المبدعين الذين يمتلكون مواهب خاصة، وتتيح لهم طبيعة عملهم تعميم ونشر الأفكار والمفاهيم الديمقراطية من خلال مجالات متعددة كإنتاج الأفلام القصيرة والصحافة والكاريكاتير والموسيقى والتدوين والتصوير؛ مما يجعلهم رسلاً للحرية والإبداع بمعنى الكلمة.
وقد خضع المشاركون طيلة أيام الورشة إلى تدريبات خاصة لتعريفهم بمفاهيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وتعزيزها لديهم للخروج بخطة عمل تستمر 3 أشهر سيعملون خلالها على إنتاج عمل إبداعي مميز لتحقيق الهدف من الورشة، والآن جاري العمل على تأسيس شبكة بعنوان "شبكة رسل الحرية".
وفي جلسات التدريب استطاع المشاركون التوصل إلى رؤية واضحة لما يجب عليه أن يكون الفرد الحر والذي تقف حريته عند حدود حرية الآخرين والتزامه نحوهم؛ فعلى العكس من تلك الرؤى التي تروج على أن الليبرالية هي الحرية المطلقة وحرية الفجور، وأن حرية الاعتقاد تعني الإلحاد؛ مما يخيف البعض من مصطلح الليبرالية، أو من فكرة الحرية؛ ولكن من خلال المناقشات أكد الجميع على أن الحرية لا تعني حرية مطلقة بلا ضوابط وأن القوانين الملزمة هي الطريقة الوحيدة لحفظ حق الأفراد في الحرية، وهي أيضا التي تلزمهم بواجباتهم، وفي الوقت نفسه أجمع المشاركون من خلال مداخلاتهم وإنتاجهم الإبداعي خلال الورشة على حرية الفرد في اعتناق ما يريد من أفكار والتعبير عنها وأيضاً حريته في الإبداع مع التزامه باحترام المعتقدات والأديان الأخرى.
وقد نظم المدربون جلسات تدريب عملي على قضايا حقوق الإنسان ومفهوم الليبرالية وحرية التعبير والإبداع وأهمية التعليم كركيزة من ركائز البناء الديمقراطي كل مساء طيلة أيام الدورة.
وستقوم المجموعة المتحدة بإقامة مؤتمر واحتفالية خاصة ستدعو إليهما رسل الحرية من مصر والأردن ولبنان وسفراء وممثلي الدول التي تم بها المشروع وممثلو الثقافة والصحافة والإعلام وصناعة السينما بمصر والأردن ولبنان في نهاية البرنامج لتبادل الخبرات، وليتم عرض إنتاجهم الذي سينجزه المشاركون خلال ثلاثة شهور والذي يروج في مضمونه لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إن المراقب لهذه المجموعة قد يرى فيها مستقبل مصر إن سادت بها مفاهيم الديمقراطية والحرية الحقة والقدرة على تقبل الآخر رغم اختلافه، وقتها لن تصبح مصر مجرد دولة؛ ولكنها ستصبح وطناً من نوع خاص، يشعر كل من فيه بالانتماء الشديد إليه وكم نحن بحاجة إلى هذا الشعور. ورشة رسل الحرية * تنمية ذاتية اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: