بسم الله الرحمن الرحيم.. أولا: مبروك على جميع المصريين نجاح ثورة 25 يناير، ثورة المصريين جميعا ضد الفساد والظلم والقمع، وكل ما تعايشنا معه طوال سنين طويلة لا حصر لها. ثانيا: والله وحده هو الشاهد على كلامي؛ إن موقع "بص وطل" أعتبره من أفضل المواقع التي يمكن للأسرة جميعها تصفّحه والاطّلاع على كل أركانه وأبوابه؛ من أخبار مختلفة في كل شيء، وأتمنّى مزيدا من التألّق للموقع، وأن يكون دائما عند حُسن ظننا به. ثالثا: مشكلتي غريبة وكبيرة أوي في شرحها.. تبدأ من زمان لمّا كنت لسه طفل بريء، أحسن والدي تربيتي، وكنت أخضع أيضا لتربية إسلامية من خلال المسجد وجماعة الإخوان المسلمين تحديدا لسنوات طويلة، حتى بلوغ مرحلة الثانوية العامة؛ فقد تغيّرت أخلاقي وتعاملاتي مع أهلي والجماعة وتركتهم، ويوما بعد يوم أصبح قلبي أسود، ثم حجرا، ثم تحوّلت لجسد دون قلب لا يخشى الحرام ولا الأخطاء ولا عذاب الدنيا والقبر والآخرة.. لا أعرف ماذا حدث لي بعد أن كنت مثالا يُحتذى به في الأدب والتربية؟؟ فأصبحت العكس تماما!! ومع بلوغ مرحلة الجامعة أصبحت مُدمنا للحرام؛ كتصرّفات، وأفعال، وممارسة الرذيلة فعلا وقولا، وأصبحت بلا قلب بكل معاني الكلمة، لا أُفكّر في عذاب الله ولا الآخرة. فكنت لا أفكّر إلا في سُبل المتعة، وأن أُرضي نفسي وغروري؛ إلا أن حدث ما كان غائبا عن البال والحسبان.. تُوفّي أخي الأكبر مني في حادثة سيارة أثناء عمله، وكان صدمة للعائلة بالكامل، فقلت لعلها تكون إشارة لي؛ وأن أهتدي، وأكف عن طريق الحرام والخطأ، وأبتعد عنه، واهتديت لبعض من الوقت لشهور قليلة، ولكن كما نقول في المثل: "رِجعتْ ريما لعادتها القديمة". لا أعرف ماذا أفعل؛ فكلما انتابتني إحدى حالات الكآبة وكره الحياة والمعيشة وأفعالي، والنفور من المعاصي والابتعاد تماما عنها وعن البنات والحرام؛ ما ألبث أن أعود مرة أخرى بعد أن أرى أبوابا وسكك جديدة تتفتّح أمامي لطريق الندامة، فلا أقاوم وأعود أشعر بالكثير من الراحة في أسلوب حياتي، مع علمي أنه خطأ ومن الكبائر ما أفعله؛ ولكن قلبي مات، وأحاول كثيرا إحياء قلبي؛ ولكن لا حياة لمن تنادي. ماذا أفعل؟؟ ما الذي يمكن أن يُحيي قلبي ويعيده لطريق الصواب أكثر من فجعة وصدمة موت أخي؟؟! لا أعلم لماذا لا يتحرّك قلبي وضميري ويقولان لي عُدْ إلى طريق الهداية.. عُدْ إلى طريق الصلاح!! لا أعلم لماذا نسيت ذلك الطريق وابتعدت عنه؛ بعد أن كنت مثالا يحتذى به، وفخر لأهلي ولأصدقائي؟!! يا ويلي كلما سمعت مناديا يقول: "تُوفّي إلى رحمة الله تعالى فلان الفلاني"، وأحضر صلاة الجنازة بل ومراسم الدفن والعذاب، وأقول: "غدا سأكون مثله.. فماذا أعددت لآخرتي؟؟!"، فأُجاوب نفسي وأقول: "أعددت صفرا من الخيرات، وجبالا من السيئات"، كيف لي أن أحلم بمكان في الجنة، وأفعالي كلها تحجز لي مكانا كبيرا في جهنم وبئس المصير؟!! عقليتي وأسلوبي في منتهى الغرابة، وأعلم ما ينتظرني في الآخرة، وأعلم بمدى سوء ما أفعله؛ ولكنني لا أكفّ عنه. ما الحل؟؟ ماذا أفعل؟! أريد توبة نصوحة إلى الله وأن أحافظ عليها؛ ولكنني لا أفعل ذلك؟؟ أغيثوني بالله عليكم، ومهما كان ردّكم أرجو نشر مشاركتي كاملة؛ لعلها تكون تذكرة بعذاب النفس والضمير؛ وللمصير المنتظر لي ولأمثالي ممن يمشون في نفس الطريق. Night.wolf عزيزي.. مع الأسف فقد تعرّضت لما يسمّى ب"الصدمة الحضارية"؛ وهذه الصدمة تكون نتيجة الانغلاق أو الابتعاد عن المجتمع، وغالبا يتعرّض لها الشباب في الأُسر المحافظة أو المجتمعات المغلقة نوعا ما كالقرى وما شابه ذلك؛ وهذه الظاهرة تحدث كثيرا لهؤلاء الشباب المفعمين بالحيوية والتجديد وروح التمرّد؛ يحفز فيهم ذلك ما يلاقونه من مُغريات في عالم المدينة أو المجتمع الآخر. وهذا ما حدث معك بالضبط؛ ما حدث معك حين وصلت إلى مرحلة اعتمدت فيها على نفسك لتكتشف العالم المحيط من حولك؛ لتدخل في دوّامة من المقارنة بين ما كنت عليه، وما تظنّ أنه هو التحضّر أو التواصل الصحيح مع المجتمع. ولا أُنكر هنا على والديك ما قاما به من حُسن تربية، ولا أظن أنهما منعاك كثيرا من الأمور إلا لإحسان تربيتك؛ لكن تطلّعك لرؤية الجديد كان أسرع من متابعتهم لك، وإطلاعهم إياك على الجوانب الأخرى من الحياة. ومِن ثمّ أصبحت في بيئة تحبّها وتشعر بقيمتها، وفي نفس الوقت ترى أن هذه البيئة تجرّك إلى منزلق خطير يضرّ بتديّنك وعلاقتك بربك، وما دمت تفكّر بهذه الطريقة سيكون من الصعب عليك أن توازن الأمر. صديقي.. إن هناك الكثيرين يعيشون في مجتمعات شديدة الانفتاح، أو تكون فيها القيم والمبادئ العامة مختلفة عما يظنّونه الأفضل في حياتهم؛ لكنهم مع ذلك لا ينزلقون في ممرات الفساد، ولا ينخرطون فيما يبعدهم عن دينهم.. أَتَعْلَم لماذا؟؟ لأنهم استطاعوا أن يعرفوا الفرق بين التعايش والانغماس، وبين أن تصنع حياتك مستفيدا بما حولك، أو أن تصنعك حياتك. عزيزي.. تستطيع أن تعيش في حياتك هذه دون أن يكون لها دخل في تكوين قيمك، أنت تختلط بما تقبله على نفسك وسلوكيات وتتعايش مع ما لا تقبله، وتحافظ على نفسك من الانزلاق في هذه الممرات المجهولة والخاطئة عن طريق: - صحبة الخير التي أوصى بها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام؛ نعم إنك ستجد العديد من الشباب مثلك يتعايشون مع ما لا يقبلونه في مبادئهم؛ فالتحمْ معهم وكن عونا لهم، واجعلهم عونا لك. - اجعل لك وِرْدا يوميا من القرآن الكريم مهما كان قليلا ولو حتى بعضا من الآيات، وداوم عليها؛ ففيها تطهير قلبك باستمرار. - حافظ على السنن والفروض في المسجد؛ فإن فيها سحرا يُقوّيك، ويجعل بينك وبين الحرام حاجزا بعون الله تعالى. - داوم على الأذكار؛ خاصة أذكار الصباح والمساء وأذكار الصلاة، ودعاء: "اللهم أَعنّي على ذِكرك وشكرك وحُسن عبادتك"، في صلاتك وسجودك. وفّقك الله وحماك وهداك لما يحبّ ويرضى،،،