السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب عادي يطمح في الحب مثل أي شخص، ولكن الحياة والظروف تزداد في قسوتها عليه.. المهم أني عشت أبحث عن الحب في عيون كل من أراه ولم أجد ما يشفي قلبي الظمآن لهذه المشاعر الصادقة، وجدت في جارتي ملاذا لهذه المشاعر النبيلة ولكنني لم أستطع يوما أن أبوح بها إلا لأصدقائي ولأهلي في البيت، وظننت أنني في حال أفضل من غيري، ولكنني لم أحاول ولو مرة أن أقول لها مع أنني أقابلها بالصدفة ولكن لا أدري. أحببتها في قلبي ولكن لأنني أجد فيها ما أريده من الخارج في النساء من جمال رباني دون أي تحريف أو غيره، وكل هذا لم يجعلني أستطيع أن أعبّر لها عن حبي حين أراها أشعر وكأن الأرض تتزلزل أمامي وأنظر لها نظرات خاطفة حتى لا تلاحظها، ومرت الأعوام وأنا أحبها ولا أدري كيفية شعورها نحوي أتحبني أم لا؟ في ظل ما أسمعه عنها وغيره من بعض الاهتمام بي وأنا غير متأكد، وتركت هذا الحب للأيام. وتعرفت على إنسانة من على الإنترنت وهي إنسانة محترمة، وصارحتها باهتمامي بها وتبادلنا المشاعر دون أن أراها، ولكنها رأتني من على الكام وأنا رأيت صورة لها، وهذا لم يُشفِ احتياجي للحب ولا احتياجها، وبدأت أصطنع المشاكل بيننا على أتفه الموضوعات كي أتركها لأنني لا أحبها نعم لا أحبها أنا أحب من استطاعت أن تقهر حصون الهوى لدي.. إنني الآن في أصعب لحظات حياتي، وذلك بعد أن اتخذت قرارا من أصعب قرارتي، أنا المؤمن بالحب أنا لا حبّ في حياتي بعد الآن.. أشكر لكم هذه المساحة التي أوجدتموها لكل من لديهم مشكلات، وعذرا على الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. م صديقنا العزيز.. من الجميل أن يرغب الإنسان في الحصول على مشاعر صادقة، وأن يمنح أيضا مشاعر مماثلة، ومن المفيد أيضا ألا نتسرع في البوح بأي مشاعر إلا بعد التأكد منها، لكن من المضرّ والمحزن أيضا أن نأسر أنفسنا في نطاق التردد والخوف لفترة طويلة، دون أن نجد الجرأة والشجاعة لاتخاذ قرار نقتنع به ويريحنا ويجعلنا نستمر في الحياة، بدلا من أن نضيع أياما كان من الممكن أن تكون أفضل كثيرا. وهذه يا صديقي حالتك؛ فأنت من الباحثين عن الحب والذي حاولت أن تجده بطرق كثيرة لكن لم تحظَ بالتوفيق لأكثر من مرة، إلى أن وجدت من شعرت باستحقاقها لمشاعرك هذه لكن خشيت من أن يكون ما تشعر به مجرد انجذاب خارجي ففضّلت الابتعاد. وأنا لا أختلف معك في ابتعادك، ولا حتى في بحثك مرة أخرى عن الحب؛ لأن عدم عثورك عليه قد أفادك بلا شك، وجعلك تتأكد أكثر من مشاعرك تجاه من قهرت حصون الهوى لديك.. لكني أختلف معك في موقفك بالابتعاد عن أي حب نهائي بعد أن أدركت هذا. فما سرّ هذا القرار؟ ولماذا اتخذته؟ فأنت لم تفقد الأمل بعد في حبك لجارتك، بل زاد وتأكد لديك أنه ليس مجرد إعجاب بالشكل، وإلا كنت تعلقت بأي فتاة أخرى تماثلها أو تفوقها جمالا ممن عرفت وبالتأكيد ستعرف. ولا أيضا فقدت الأمل في مشاعرها تجاهك والتي قد تكون مماثلة؛ بسبب ما عرفته من اهتمامها بالسؤال عليك. قد أفهم هذا القرار إذا فقدت الأمل نهائيا بها سواء بخطبتها مثلا أو تحدثك معها، والتأكد من أن مشاعرها تجاهك سلبية لكنك لم تفعل هذا، وقررت الابتعاد. وهذا في رأيي ليس له أي تفسير إلا إذا كنت تخشى الاقتراب وتهابه. وقد يكون سبب خوفك من الاقتراب هو خشيتك من أن يقابل اهتمامك بالرفض -لا قدر الله- وساعتها من الممكن بالفعل أن تقرر أنه "لا حب بعد الآن"، ولكن حتى في هذه الحالة سيكون قرارك مبنيا على شيء واقعي سيساعدك على الأقل في البحث عن شريكة أخرى أو حب آخر دون التعلق الدائم بهذه الفتاة، وربما الندم على عدم فعلك شيئا للتأكد من مشاعر جارتك. صديقنا العزيز، لقد أخطأت بابتعادك دون اتخاذ قرار مؤكد يريحك؛ فأنت لن تستطيع الحياة سعيدا دون حب، وستكون دائما أسير تلك التجربة إذا لم تضع لها حدا يعينك على استكمال الحياة، سواء معها أو مع غيرها. فتوكّل على الله واتخذ خطوات فعلية للاقتراب منها، ولا تقل إنها لا تعرف شيئا عن مشاعرك فغالبا قد وصل لها شيء منها؛ لأن الحب لا يمكن إخفاؤه مهما حاولت. فدعّم مشاعرك ومشاعرها بالاقتراب، وإما أن تنمو وتتحول لحب حقيقي ودائم إن شاء الله، وإما أن يدرك كل منكما أن ما شعر به لا يتعدى الإعجاب، وأن أحدكما غير ملائم للآخر. وصدقني أيا كانت النتيجة فهي أفضل من الحياة في أسر الذكرى والتوقعات وهل إذا فعلت كذا كان سيحدث كذا، وهل أحببتها وهل أحبتك... وغيرها من أسئلة ستشغلك دون أي استفادة ودون تحقيق السعادة التي ترجوها، والتي يرجوها أي إنسان من الحب الذي تؤمن به، لكن ينقصك فقط الإيمان بأنه وسيلة لتحقيق السعادة، وعلينا أن نسعى لذلك بأنفسنا حتى لا نجني عليها بأيدينا.. فبالتوفيق.