السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ألف شكر يا دكتورة على اهتمامك في وقت نخجل فيه من مصارحة أقرب الناس إلينا بمشاكلنا، أنا مشكلتي بدأت منذ صغري حيث كنت ضحية لأكثر من عملية تحرش على يد أكثر من شخص، وللأسف الأمور ازدادت سوءاً حين كنت في الصف الخامس الابتدائي وجاءتني الدورة الشهرية وكبر جسمي ونما فزادت التحرشات بي؛ حتى ابتعدت عن الجميع، ولكن ظهرت لي مشكلة جديدة، هي الزيادة الشديدة في الإثارة لدي، والتي لا أعرف كيف أطفئها، حتى تعلمت العادة السرية، وظللت أمارسها لمدة سنوات وسنوات حتى أحببت شخصاً ما وتمت خطبتي له؛ ولكننا أصبحنا نعاشر بعضنا البعض معاشرة الأزواج، ولكن ليس بطريقة كاملة فأنا مازلت عذراء... ولكنني لأول مره في حياتي أحب الجنس. خطيبي حاول مع أهلي كثيراً حتى نتزوج، ولكنهم لا يريدون الآن ويقولون: "لسه بدري" لأنهم يرون أنني لازلت صغيرة رغم أن عمري 22 سنة... لا أعرف ماذا أفعل؟! أخيراً أحسست أنني سأعيش حياة طبيعية مع من أحب بعد الألم والجراح التي سببها لي أشخاص كثيرون لم يهتموا بصغر سني، واستغلوا جسدي أما الآن فأنا لا أستطيع أن أخبر أمي أن رغبتي الجنسية عالية، وكل ما أريده ألا أغضب الله مرة أخرى. أرجوك أخبريني بحل ولا تهملي رسالتي، فأنا في أشد الحاجة لشخص يرشدني. عادة ما تستوقفني بعض النقاط في بعض الرسائل أحاول كثيراً وأجاهد نفسي مرات ومرات أن أجد لها تفسيراً أو حتى مبرراً ولكن دون جدوى... فهذه الفتاة تتحدث بلهجة المجني عليه، المغلوب على أمره، تطلب الغوث والعون كالملهوف، ولكن مع الاستطراد في حكايتها فقدت جزءاً من تعاطفي معها، ثم جزءاً آخر ثم جزءاً ثالثاً، ثم تلاشى تعاطفي معها نهائياً. ولنفند الرسالة كما تعودنا أن نفعل سوياً في رسائل أصدقائنا دائماً أو لنقل قرائنا، حتى يكون التعبير أشمل وأعم، لأن ليس كل من يرسل لنا صديقاً والله أعلم بالنوايا والسرائر. أولاً: في صدر رسالتها، استوقفني تعبير على لسان مرسلتها: "كنت ضحية لأكثر من عملية تحرش على يد أكثر من شخص" يا للعجب!!! إن التحرش في حد ذاته هو حدث جلل في حياة الإنسان وإذا حدث عرضاً يكون له ما له من أثره في النفس نتيجة الشعور بالقهر والتعدي، وأهم ما في الموضوع أنه يولد رد فعل تجاه أي "اقتراب" من أية "محاولات" لاحقة للتحرش، وأحياناً ما يشكو المتحرش به أن ردود أفعاله مبالغ فيها حتى تجاه من يكون اقترابهم منه بريئاً؛ لأنه حينذاك يكون لديه الخلفية التي تمكنه من الاحتياط ضد شيء كهذا مستقبلاً، أما أن يكون الشخص ذاته عرضة لأكثر من محاولة للتحرش فهذا ضد منطق الأمور. ثانياً: تأتي بعد ذلك صدمة أكبر، فقد قالت مرسلة الرسالة في جملة تالية" ازدادت الأمور سوءاً حين كنت في الصف الخامس الابتدائي كبر جسمي فزادت التحرشات بي".. يا إلهي!!! أكان كل ذلك قبل سن ال 10 سنوات؟!!! فهل يعقل أن تكون صبية طفلة فريسة لعدة تحرشات متتالية في طفولتها المبكرة؟ إن ذلك يمكن أن يصدق فقط في حالة أن تكون الطفلة متخلفة عقلياً أو غائبة عن الوعي أو قاصرة الإدراك. وهذه هي النقاط التي يتم فحصها في المجني عليها في حالات التحرش الجنسي، وهذا الحديث هو من العلم البحت في العلوم الطبية الشرعية الذي هو تخصصي الأول والذي أشرف بأن أكون أستاذة له في كلية الطب، وقد كانت رسالة الدكتوراة الخاصة بي في موضوع التحرش الجنسي بالأطفال إلى سن 18سنة، ولذلك فقد جاءت تلك الرسالة في صميم ما أعلم وما أجيد لسوء حظ المرسلة. ولنقل إنها كانت طفلة لا تفقه -وهذا ليس مقبولاً عقلياً كما أسلفت- فما الحال بعد بلوغها وإدراكها وكبر جسمها على حد تعبيرها؛ فقد جاء على لسانها أن "التحرشات" -لاحظ صيغة الجمع أيضاً- ازدادت بها بعد ذلك.. ولذلك هناك سؤال يلح عليّ ألا وهو: أين كانت هي حين حدث لها كل ذلك؟ أين رد فعلها؟ أين صراخها واستنكارها؟ أين استغاثتها بذويها؟ أين احتياطها ضد ذلك فيما بعد وأين رفضها له؟ ثالثاً: ابتعدت عن الجميع بعد كل هذه السنوات من النشاط الجنسي، وقد أوردت ذلك بصيغة الضحية، وكأنها انزوت فور تعرضها لمحاولة آثمة غضبت هي لها.. وقد أفرز ذلك بطبيعة الحال رغبة جنسية عالية اختارت هي لإخمادها طريق العادة السرية.. أيضاً بصيغة المغلوب على أمره.. وهو بالطبع طريق اختياري للفتيات ولا يفرض نفسه مثل بعض الحالات الذكرية (الخاصة بالذكور).. وظلت الدنيا بين خطأ وخطأ أكبر حتى جاءت الطامة الكبرى.. رابعاً: خطبت الفتاة.. لقد خطبت فقط، لا كتب كتاب ولا زواج.. ولكن برغبتها الحرة بدأت تعاشر خطيبها معاشرة الأزواج.. ولكن مهلاً.. هي لاتزال عذراء... وأنتهز هذه الفرصة لأعرض هذه الحقيقة عارية لمن يتبنون نظرية أن البكارة مختزلة في وجود غشاء البكارة.. فها هي فتاة "بكر" من وجهة نظرهم؛ ولكن هل يُشرَّف أي شاب أن يتزوج منها على أساس أنها بكر؟! وقد فسخت خطوبتها؟ وهي تستنكر ذلك ليس لأنها تتعجل حلال الله، ولكن لأنها حرمت من هذا النشاط الجنسي الذي هي مستمرة فيه منذ نعومة أظفارها دون أي ظبط للنفس، وحرمت أيضاً من تلك الشهوة المشتعلة جذوتها والتي ساقتها إلى الحرام المتاح؛ فقد بدأ الأمر بالاستجابة لرغبات الآخرين فيها وتحرشهم بها؛ بل واستساغتها والركون للمسكن الضميري الذي ارتاحت إلى أخذه؛ ذلك هو أنها ضحية وأن الجميع جناة(!!!) وحين تراجع ذلك استمرت في إشعال رغباتها وشهواتها بالمداومة على العادة السرية؛ حتى أصبحت تقوم بها من كائن من لحم ودم وهو "خطيبها".. ومما أثار حفيظتي أكثر وأكثر أنها لم تتوقف عند هذه الممارسات المحرمة مع خطيبها، ولم تبد أي ندم أو تحفظ بشأنها؛ ولكن أوردتها كأنها شيء طبيعي.. لا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.. وأزعم أنها إذا قاومت الحرام وانتظرت الحلال الطيب لرزقها الله به؛ بل وأسعدها وأقر عينها به.. ولكن هيهات.. أيتها الفتاة الغافلة.. إنك تثيرين غضبي وشفقتي في نفس الوقت؟ غضبي لأنك لا تجاهدين نفسك أبداً، وشفقتي لأن من يستحل الحرام يحرم الله عليه حلاله ويؤجله له، ولا يقر به عينه طالما لم يتب ويرجع ويستغفر ويتوقف عن المعصية لوجهه تعالى، وليس لانقطاع سبل المعصية كفسخ الخطبة.. أترك رسالتك أيتها الفتاة بين يدي القراء وأترك الحقيقة -وإن كانت قاسية- بين يديك؛ لعلها تكون منقذا لك ورادعاً عما يجرك فيه الشيطان من طرق وعرة..