أعدّه: دعاء حسين الشبيني - محمد اليماني التقى كل من الإعلاميين منى الشاذلي وإبراهيم عيسى عضوَي المجلس الأعلى للقوات المسلحة اللواء محمد العصار واللواء محمود حجازي، للإجابة عن تساؤلات المواطنين، وتوضيح خطة الفترة القادمة لمصر في ظلّ الظروف العسيرة، وحالة الجدل والتشكيك بعد الأحداث الأخيرة في البلاد.. بدأ إبراهيم عيسى الحديث بسؤال وجّهه للعصار وحجازي: "هتقعدوا كتير؟!!"، وفي ظلّ ضحك الجميع من السؤال؛ أكّد عيسى أنه لا يسأل عن البرنامج، بل عن فترة الحكم. وتطرّق المحاورون لكل النقاط التي تشغل الرأي العام من موعد تسليم السلطة، بل وإذا كان المجلس ينوي تسليمها من الأساس، وكذلك الحالة الأمنية والاقتصادية، وما حدث في ماسبيرو، بجانب توجيه أسئلة المواطنين للضيوف للرد عليها. المجلس الأعلى لا يريد السلطة.. ولا نية لترشيح عسكري رئيسا أثار البرنامج نقطة شائكة للغاية؛ وهي شكوك البعض من نية المجلس العسكري بعدم تسليم السلطة لمدنيين، وتكرار ما حدث في ثورة يوليو عندما تولّى العسكريون الرئاسة عام 1954، وقد تساءل اللواء العصار: "هل يظنّ أحد أن المجلس العسكري يريد الاحتفاظ بالسّلطة"؛ وأجابه عيسى بشكل صريح: "أجل هناك كثيرون يروْن ذلك!!". وأوضح العصار أن المجلس الأعلى لا يريد السلطة؛ قائلاً بكلمات واضحة: "نحن لا نريد السّلطة، وسنسلّم السّلطة للمدنيين في النهاية، وأول الخطوات لتسليم السلطة هي الانتخابات البرلمانية". مضيفا بأن هناك شكا وتخوينا لدى المواطن من جهة الحكومة والمجلس، وأن المجلس يتفهّم ذلك نتيجة التراكمات السابقة من وعود الحكومة وعدم التنفيذ، ولكن المجلس يُؤكّد أن أحداث 1954 لن تتكرّر. وناشد الشعب أن يثق في الجيش ويتوقّف عن شكوكه الحالية، مؤكّدا أن المجلس يُدير البلاد على خطى الثورة، لا بتحرّكات شخصية منه، مؤكدا أنه لا نية للمجلس لطرح رئيس عسكري، وأنه سيُسلّم السلطة لحكومة مدنية. وقد أوضح اللواء حجازي أن الجيش جزء من الثورة؛ قائلا: "نحن جزء من الثورة، ومن يُنكر ذلك فهو ينكر ركنا رئيسيا في الثورة، واشتركنا في الثورة عن طريق الانحياز لرغبة الشعب في رحيل النظام السابق". وعندما تساءل عيسى ومنى الشاذلي كيف يكون الجيش جزء من الثورة وحمى المتظاهرين، والمشير محمد حسين طنطاوي قد صرّح بأنه لم يطلب من الجيش قتل المتظاهرين؛ أجاب حجازي أنهم حموا الثورة عندما أكّدوا على انحيازهم للشرعية في رسائلهم للشعب يوم 1 و 10 فبراير. وأضاف اللواء العصار: "نحن لا ننقلب على السلطة، وما حدث مع السلطة السابقة أننا لم نتركهم حتى فَقَدوا شرعيتهم، ورفضهم الشعب". فسّر اللواء حجازي موقف الجيش من الثورة مؤكّدا أنه يجب أن يفخر الشعب بجيشه؛ لأنه لا ينقلب على الشرعية، وإلا كلما استيقظ وزير دفاع لا يعجبه الرئيس انقلب عليه، موضّحا أنهم قد أسقطوا النظام السابق وانحازوا للشعب عندما تأكّدوا أن هذه رغبة الشعب، وأن الشرعية لدى الشعب وأنه يريد إسقاط النظام. انتخابات الرئاسة ستبدأ في يونيو 2013 أما عن الجدول الزمني لتسليم السلطة؛ فقد ذَكَر اللواء العصار أن أوّل اجتماع لمجلس الشعب سيكون في يناير 2012 والشورى في مارس، وأن الفترة اللازمة بعدها لاختيار اللجنة التأسيسية للدستور، ثم لوضع هذه اللجنة للدستور والاستفتاء عليه قد تمتد إلى 12 شهرا، ولكن هذا هو الحد الأقصى فيمكن أن تقلّ الفترة وتصل لشهرين. موضّحا أن فتح باب الترشح للرئاسة سيكون في اليوم التالي للاستفتاء على الدستور، وهو ما يعني أن الحد الأقصى لحدوث ذلك سيكون مارس 2013 على أن تبدأ الانتخابات الرئاسية بالفعل في يونيو 2013. وحول موضوع الانتخابات؛ أضاف اللواء حجازي أنه يرجو من المرشحين أن يتقوا الله، ولا يستخدموا رشاوى مالية ولا شعارات دينية، وأن نسمو فوق ذلك، وطالب الشعب أن ينتخب الأصلح أيا كان لون أو دين هذا الأصلح. مؤكدا أن القوات المسلحة ستعمل على أن تكون الانتخابات نزيهة، وأنه لن يحدث ذلك إلا إذا خرج كل الناس من شباب وكبار السن للانتخاب. موضّحا أن هناك تخطيطا متكاملا بين الشرطة والجيش من أجل الاستعداد للانتخابات. وأضاف اللواء العصار أن المجلس سيتحمّل مصاريف الترشيح لكل شاب أصغر من 40 سنة تشجيعا للشباب، كما أن المجلس سيُوفّر للشباب مطابع القوات المسلحة؛ لطبع دعايتهم الانتخابية بسعر التكلفة. وحول قانون العزل السياسي قال اللواء العصار إن السياسيين الفاسدين سيتمّ عزلهم بالقانون والمحكمة. مؤكّدا أن قانون إفساد الحياة السياسية يأخذ مجراه الطبيعي، وسيكون مثل قانون الغدر، وأنه حتى لو دخل أحد السياسيين الفاسدين البرلمان ثم انطبق عليه قانون الغدر فسيتمّ عزله. لن نسمح بتكرار أحداث ماسبيرو.. والأقباط لم يُنفّذوها وبدأ اللواء العصار حديثه عن أحداث ماسبيرو؛ مقدّما التعازي لأُسر الضحايا، ومؤكّدا أن منفّذ الحادث يبغي الشر لمصر، نافيا أن يكون الأقباط وراء الحادث. وحول مَشاهد دهس المواطنين بالمدرعات أجاب أن الجندي الذي دهس المتظاهرين أمام ماسبيرو لم يقصد ذلك، بل شعر بالفزع عندما رأى المدرعات وبها زملاؤه يتمّ حرقها، موضّحا أن الجندي لو أراد دهس المتظاهرين عَمْدا لمات الآلاف. وأوضح العصار أن التحقيق لو أثبت خطأ المجلس الأعلى؛ فالمجلس سيعترف بخطئه، مع التشديد على أن المجلس لن يسمح بتكرار ما حدث، محذّرا من أن التجمّعات تُؤدّي إلى اندساس البعض بين المتظاهرين. المجلس لن يُكرّر خطأ النظام السابق بتجاهل المعارضين وردا على تساؤل عيسى حول السبب الذي أدّى إلى وجود فجوة وخلاف بين المواطنين والجيش بعد أن كان المواطن يهتف "الجيش والشعب إيد واحدة"؛ أكّد العصار أن القوات المسلحة مدينة للشعب المصري، وأنهم سيظلّون العمر بأكمله يحملون دين الشعب في رقابهم، موضّحا أن الجيش مِلك الشعب مسلمه ومسيحيّه وحتى مَن لا دين له، وأكّد العصار أن مَن استشهدوا في حرب الاستنزاف من المدنيين أكبر ممن استشهدوا من العسكريين. موضّحا أن سبب فتور العلاقة المزعومة بين الشعب والجيش هو أيادٍ تُحاول إيقاف محاولات مصر للوصول لدولة ديمقراطية حقيقية. وأكّد العصار أن أغلب الشعب يُؤيّد الجيش، وأن القوات المسلحة تعرف ذلك عن طريق استطلاعات الرأي، وأضاف العصار أن المجلس حضر لهذا البرنامج؛ لكي يُرضي المعترضين عليه ويُناقشهم؛ لأن وظيفته إرضاء الجميع. واستطرد اللواء محمد العصار أن المجلس لن يُكرّر أخطاء النظام السابق ويتجاهل المعارضين؛ حيث إنه قد اختار أن يظهر مع منى الشاذلي وإبراهيم عيسى؛ لأنهما أكثر المنتقدين للمجلس، ولم يُقرر أن يتحدّث للشعب من نافذة المؤيّدين له، إلا أن اللواء العصار أوضح أن مَن يُطالبون بإسقاط المجلس يطالبون بإسقاط الدولة؛ لأن المجلس هو الخيار الأخير للوطن الآن. المطالب الفئوية أكبر من قدرة الدولة وفي مناقشة لأزمة التظاهرات الفئوية وأداء حكومة الدكتور عصام شرف -رئيس الوزراء- أوضح اللواء العصار أن الانتقاد سهل جدا، وأنه يمكن لكل مَن يجلس في مكانه أن ينتقد كما يريد، ولكن الواقع صعب. موضّحا أن مصر الآن في حالة استثنائية، وأن الحكومة مظلومة؛ فهي تُواجِه أمرا كبيرا وغير اعتيادي، وأن التحديات الحالية تتمثّل في التحدّي الاقتصادي والأمني، ويجب أن توضع العوائق التي تواجه هذين التحديين في مكانها الطبيعي، وألا يكتفي المواطن فقط بالأماني لتحقيق الأهداف، ولكن يجب أن نحدّد الهدف في إطار الواقع الذي نعيشه. وعندما تساءل عيسى ومنى الشاذلي عن سبب إبقاء المجلس على هذه الحكومة التي يعتبرها الكثيرون حكومة ضعيفة؛ أجاب العصار بأن المطالب الفئوية أكبر من طاقة الدولة ومن القائمين على الدولة، موضّحا أنه يجب أن يوجد مَن يُفهّم الشعب طاقة الدولة، وأنه يجب مناشدة وعي الشعب ليقف عن التظاهر. وأضاف أن المجلس العسكري لن يستطيع أن يحلّ كل المشكلات، مع التأكيد على أن مطالبات الشعب حق، ولكن ليس في الإمكان حلّها بأكملها الآن. في حين أوضح اللواء حجازي أن مصر بعد الثورة -التي وصفها بالعظيمة- خرجت منهكة ماديا، موضّحا أن ذلك طبيعي، مضيفا أن الضغط المادي بعد الثورة كان أقلّ من ثورات أخرى كثيرة، ولكن يجب أن يتوجّه الشعب للإنتاج، وعدم توجيه الأمور للمطالب السياسية فقط. موقف الشرطة الآن أسوأ من موقف الجيش في النكسة وقد أجاب اللواء حجازي حول مسألة افتقاد الأمن بأنه يجب أن نقسِّم الأمن إلى شرطة ومواطنين وبيئة العمل، وبدون تكامل هذه العناصر فلن يوجد الأمن، وأن هناك 20 ألف بلطجي هارب من السجن، والشرطة تعرّضت لصدمة، ويجب أن تعاد هيكلة الشرطة التي صُدمت واهتزت بكل أجهزتها. مضيفا أنه لن تعود الثقة للشرطة بضغطة زر، وأن هناك عملا دؤوبا لإرجاع الأمن، ولكن المواطن نظرته للشرطة يجب أن تعود لنظرة احترام متبادل بين الأمن والمواطن، ويجب أن يتعاون الجميع، مناشدا الشعب بأن البلطجي الذي يحيا بيننا يجب أن يكون للمواطن وعي وإرادة ويبلغ عنه، مُقرا أن لدينا أزمة إرادة وإدارة. واستطرد حجازي: "الجيش استطاع القيام مرة أخرى في نكسة 67؛ لأن العدو كان معروفا أمام الجيش، في الوقت الذي وقف الشعب فيه خلفه يدفعه". مؤكّدا أن المشكلة الآن أكبر تعقيدا من 67؛ لأن الشعب لا يقف وراء الشرطة، بل إن كثيرين يؤججون الشعب ضدها ومنهم الإعلام، وناشد حجازي الشعب المصري بعودة منظومة التحرير أيام الثورة بالتعاون مع الجيش، لتعاد الثقة للشرطة، وأن يكون الشعب واعيا بما يحدث. رسالة من المجلس لرجال القوات المسلحة واختتم اللواء محمود حجازي حواره قائلا: "ما يحدث الآن عصر نهضة جديد يستحقّ أن نضحّي بكل شيء من أجل وصولنا للديمقراطية، وبمجرّد أن يقتنع الشعب بأن مجلس الشعب هو مَن اختاره بديمقراطية سيكون التأكيد على عصر النهضة الجديد". أما اللواء محمد العصار فقد اختتم الحوار موضّحا أنهم قد جاءوا لشرح كل الأمور المستغلقة، مؤكّدا أنه سيشهد العالم للقوات المسلحة المصرية بأنها قامت بالتنمية السياسية لشعبها، وهو الأمر الذي لم تفعله أي قوات مسلحة في العالم. ووجّه رسالة إلى ضبّاط القوات المسلحة قائلا فيها: "هذه رسالة لرجال وشباب القوات المسلحة أُهنّئهم ب6 أكتوبر، ونشكركم على تعبكم لتأمين البلاد والمنشآت والمصانع؛ وهي أمور لم تكن مهمتكم لكنكم مؤمنون بدوركم، ولتعلموا أن مشهد ماسبيرو لن نقبل بتكراره، ونرفض أي دعاوى بالاعتداء على المنشآت، وسنقابل الاعتداءات على المؤسسات والأفراد من القوات المسلحة بحزم".