عرض: محمد رفعت اليماني انطلق ماراثون الترشُّح للانتخابات البرلمانية، وتعالت أصوات المجتمع تنادي بتطبيق قانون الغدر أو العزل أو إفساد الحياة السياسية كما اتفق على تسميته أخيرا، أو إيقافه حتى لا ننشغل بتوافه الأمور، وبين التطبيق وعدمه دارت معركة أفكار على صفحات الجرائد. ففي جريدة الأخبار عبّر صبري غنيم اليوم (الثلاثاء) عن رأيه متسائلا: "هل قانون العزل السياسي لتصفية الحسابات؟"، معربا عن قلقه الشديد من دخول البلاد في حرب من الفوضى الجديدة بشغل المواطنين في تقديم البلاغات عن أعضاء الوطني القدامى الذين أفسدوا الحياة السياسية، وتنشغل النيابة العامة في التفرقة بين المعلومة الحقيقية والأخرى الانتقامية التي عادة ما تأخذ النصيب الأكبر، وهذا الانشغال لن يؤدّي إلا لتأخير العملية السياسية المرتقبة. وأكّد صبري أن صراع الأحزاب لتنحية الفلول "مضيعة للوقت"، داعيا إلى ترك الشعب الواعي للفظهم، مشيرا إلى أن أي شخص لن يمانع محاكمة المفسدين، ولكن يجب أن يتم ذلك بضوابط تمنع مضيعة الوقت، وحتى لا يستغل الفلول -الذين يشعرون أنهم مظلومون- حالة الانفلات الأمني؛ للقيام بثورة مضادة. وعلى ذات النهج بجريدة الأخبار أشارت إلهام أبو الفتح إلى أن الشعب المصري قادر على إبعاد من أفسد حياته السياسية، مؤكّدة على أن الشعب المصري لا يحتاج إلى الوصاية، ووجّهت حديثها إلى كل الأحزاب التي تطالب بقانون العزل قبل الانتخابات القادمة، رافضة استصدار أي قانون من فئة على حساب أخرى. أما ميرفت شعيب فقد تناولت العزل السياسي بوجهة نظر أخرى؛ إذ طالبت الأحزاب بوقف الانقسامات، وأن تجعل همها الأساسي هو أن تركّز على وصول الفلول إلى البرلمان، مشيرة إلى أن 1600 شخص من الحزب الوطني المنحل بأمر القضاء ترشّحوا بالفعل للمجلسين. ورأت ميرفت أن المجلس العسكري ما زالت أمامه الفرصة لإصدار قانون العزل، حتى يستطيع شباب الثورة أن يحوزوا مقاعد قد يستولي عليها فلول المنحل. ومن جريدة الأخبار إلى جريدة التحرير؛ حيث هاجم إبراهيم منصور في مقاله السيد البدوي -رئيس حزب الوفد- واصفا إياه بأنه كبير الفلول الذي تعامل وتحاور مع النظام السابق في كل قضية قبل ثورة 25 يناير وأثناء الثورة، ليعود بعد الإطاحة بنظام مبارك إلى أرض المعركة متلوّنا بحزبه. وأشار منصور إلى أن السيد البدوي كان قريبا من الحزب الوطني بكل رجاله، فكيف لا نصدّق الآن دخوله وخروجه من الائتلافات، ونهاية نراه -وبنقوده- يتحكم في سياسات الحزب العريق، حتى إنه ضم فلول الوطني إلى قوائمه. وفي التحرير أجرى الدكتور نبيل فاروق حساباته، مشيرا إلى أن الساحة البرلمانية الآن مليئة بالجبهات ما بين قليلي الخبرة ذوي الشعبية، وما بين محترفيها الذين فَقَدوا شعبيتهم مع إلصاق مصطلح "الفلول" بهم، وبعد تطبيق العزل السياسي سنرى أنه وبحسبة بسيطة ستحمل التيارات الإسلامية نسبة 30% فقط من أصوات الناخبين، بينما ستوزّع الأصوات الباقية على باقي المرشحين. وإلى الشروق حيث يواصل قطاع كبير من فلول الحزب الوطني المنحل مسيرة "النضال والعطاء لسرقة ثورة 25 يناير" -كما جاء بمقالة محمد عصمت بالجريدة- لدرجة أن بعضهم واتته الجرأة ليهدد بانفصال الصعيد إذا صدر قانون بعزلهم سياسيا، في "سابقة هي الأولى من نوعها منذ زمن مينا موحّد القطرين". وقد حذَّر عصمت من أن هناك فلولا يتحدّثون بلسان الثورة ويفكّرون بعقل مبارك، وهؤلاء لن يجدوا بديلا عن ركوب الثورة لإفشالها، مضيفا أنه لا بد من إقرار قانون العزل حتى نراهم خارج المنافسة، لكن هناك نوع آخر استفاد من نظام مبارك دون الانضمام للحزب الوطني المنحل، بل وكانوا ضمن قوائم أحزاب سياسية معارضة، هؤلاء لا يصلح معهم قانون عزل بل نحن في حاجة لثورة فكرية تعدّل الرؤية لدى المواطنين أنفسهم. وفي الشروق أيضا يشير وائل قنديل إلى أن التأخر في إصدار قانون العزل والنظر تجاه الانتخابات القادمة؛ باعتبارها سباقا نحو برلمان الثورة هو نوع من العبث وخداع الذات.
ويرى قنديل أن المرسوم بقانون العزل أو الإبعاد في حالة ولادة متعسّرة بفرض أن الجدية متوافرة لإصداره في التوقيت المطلوب؛ حيث إن الأهرام منذ أمس الأول نشرت عنوانا يتصدّر صفحتها الأولى يفيد بأن القانون سيصدر خلال ساعات، غير أن الساعات مرّت تلو الساعات، ولم نجد أثرا. ويرى أن مد فترة التقدّم للترشيح للانتخابات حتى يوم 22 أكتوبر الجارى، هي إشارة فهمها المتفائلون بأن القانون سيتم تفعيله قبل انتهاء هذه المهلة، لكنه أنهى مقاله متسائلا: هل يصدر فعلا تشريع يمنع ذهاب ثمار الثورة إلى أيدي خصومها؟