أثار الفيديو الذي أُذيع مؤخرا عَبْر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أمس (الثلاثاء) ويظهر فيه أشخاص في زي ضباط شرطة وجيش وهم يتناوبون ضرب شخصين على الوجه والقفا مع استخدام الصاعق الكهربائي؛ في محاولة لانتزاع اعتراف منهما، جدلا شديدا بين أوساط الشعب المصري؛ حيث انقسم بين مؤيّد لما حدث ومعارض له بدعوى حقوق الإنسان. وقد استضافت الإعلامية منى الشاذلي في برنامجها "العاشرة مساءً" الأستاذ محمد شمروخ الكاتب الصحفي بالأهرام، وأستاذ نجاد البرعي الناشط الحقوقي والمحامي المعروف كممثلين لقطبي النقاش؛ حيث تبنّى الأستاذ محمد شمروخ وجهة النظر المؤيّدة لما فعله ضباط الشرطة والجيش بضربهم للبلطجية؛ بهدف الحصول على معلومات منهما؛ لمعرفة كيفية حصولهما على الأسلحة والذخيرة التي ضُبطت بحوزتهما. مدعما رأيه بأنهما عملَا على ترويع الآمنين عن طريق السرقة بالإكراه في وضح النهار، والعمل على اغتصاب فتيات ونساء القرية، وارتكبا من الجرائم ما يستحق ما حدث لهما وأكثر، وأن أهالي المنطقة قد استقبلوا خبر القبض عليهما بالفرحة العارمة؛ لأنهم عانوا منهما كثيرا. وأكّد شمروخ أن ما حدث من ضرب وإهانة للبلطجية ونشر لهذا الفيديو هو يصبّ أكثر الضرر على البلطجية وليس على الضباط؛ معللا رأيه بأن البلطجية لا يهمهما الضرب أو السحل أو غيرهما... فهم يتناولان من العقاقير ما يجعلهما لا يشعران بأي شيء من هذا، ولكن كل ما يهمهما هو هيبتهما أمام مَن يعتدون عليهما، وقد ضاعت هذه الهيبة بإذلالهما ونشر هذا الفيديو علانية. أما الأستاذ نجاد البرعي فقد تبنّى وجهة النظر الخاصة بأن هؤلاء البلطجية بصرف النظر عما فعلا؛ فهما في النهاية بشر وإنسان له حقوق وكرامة لا بد أن تُحترَم؛ خاصة أنه تمّ القبض عليهما، وأصبحا في حماية الأمن وعلى الأمن أن يحترم هذا الدور، ويحترم القانون الذي يعمل على تطبيقه. وأكّد البرعي أن الضباط لهم الحق في استعمال كل الوسائل المتاحة أثناء محاولاتهم القبض على المجرمين، أما بعد ذلك فعليهم حمايتهم، وشبّه المجرمين بعد إلقاء القبض عليهم بأنهم مثل أسرى الحرب يجب التعامل معهم باحترام، وعدم إهانتهم؛ مستشهدا بالقانون الذي ينصّ على أن كل مَن عذّب مُتهما لحَمْله على الاعتراف؛ فهذه جريمة يجب أن يُحاسب عليها. واتهم البرعي المؤيّدين لما حدث بالفيديو بأنهم يتساهلون الآن فقط لوجود ضبّاط من الجيش بداخل الفيديو، مشدّدا على خطورة هذا الفيديو، والتي تكمن في توجيه غضب بعض الناس للجيش والشرطة معا، وأننا لا بد أن نكون صارمين لنحافظ على العلاقة والثقة المتواجدة بين الشعب والقوات المسلحة. وعلّق شمروخ على قول البرعي بأن البلطجية لا يكفيهم العقوبة الخاصة بالسجن فقط، ولكن لا بد من تشريع عقوبة بدنية رادعة؛ للحدّ من الجريمة، والعمل على تقنين العقوبات المدنية؛ كالجلد خمس جلدات مثلا... وغيرها من العقوبات التي كانت موجودة مسبقا، وهذه العقوبة لا تهدف إلى التعذيب بقدر ما تهدف إلى ذلّ البلطجية، وكسر شوكتهم أمام الناس. فأبدى نجاد غضبه الشديد قائلا: "لو مش عاجبنا القانون نغيّره مش ننتهكه!!"، وأضاف: "ما حدث في الفيديو هو سيادة مفرطة من رجال الشرطة والجيش؛ لأنهم قاموا باستخدام رجولتهم وقوتهم على شخصين مقيّدين"، وأتبع: "هذان البلطجيان معهما مِن السلاح والذخيرة ما يُدخلهما السجن طوال عمرهما؛ فلماذا العنف وانتهاك القانون؟!!". واتهم نجاد رجال الشرطة بأنهم تعمّدوا التباطؤ في النزول إلى الشارع لوضع الناس أمام اختيارين؛ وهما إمّا الحرية وإمّا الأمان. ووجّه نجاد كلامه لضبّاط الشرطة والجيش قائلا: "مَن لا يستطيع العمل تحت القانون؛ فليترك الوظيفة لغيره من الذين يحترمونه ويُطبّقونه"، وأكمل: "يا إمّا الشرطة تشتغل كويس.. يا إما تقعد في بيوتها أحسن". واستنكرت السيدة سامية صلاح جاهين (ابنه الراحل صلاح جاهين) في مداخلة هاتفية ما قاله نجاد تماما؛ قائلة: "استفزيت تماما من تناول الإعلام لهذا الأمر؛ حيث إن المواطن الآن أصبح بين خيارَيْن؛ إما أن يختار أمنه، وبالتالي يترك الشرطة تفعل ما تريد، ونعود للنظام السابق والإهانات، وإمّا أن يختاروا حريتهم، وفي هذه الحالة لا يشتكوا من البلطجية، وعدم قدرة الشرطة على النزول بشكل كافٍ؛ فأصبح المعنى العام يا إما أهينكم يا بلاش أمن أصلا!!". وأضافت: "المشكلة بين الشرطة والشعب لا بد أن تحلّ عن طريق مبادرات حقيقية لإصلاح الشرطة، وتعليمهم كيفية التعامل مع المواطنين". وتأرجحت الآراء بين موافق ومعارض لما حدث بين الذين يدعون إلى احترام الثورة التي طالبت بقيام دولة القانون، وبين الذين يدعون إلى حمايتهم الآن بأي شكل من كل أنواع البلطجة التي تمارَس عليهم، وبأن البلطجية يستحقون تماما ما يحدث معهم جرّاء ما اقترفته أيديهم. كما استقبلت الحلقة مداخلة هاتفية أخرى من الدكتور حسام موافي -الطبيب المشهور- والذي قال فيها: "الشرطة لها وظيفة معيّنة عليها ألا تتخطّاها، وهذا في الظروف الطبيعية، أما الآن فمصر في ظروف غير طبيعية". وأتبع: "أما عن حقوق الإنسان؛ فمن الأفضل تسميتها "حقوق المجرمين"؛ حيث إنها تعمل على الدفاع عن المجرمين، وليس عن المواطنين العاديين؛ لذلك يجب علينا أن نكون في منتهى القسوة مع هؤلاء المجرمين". وناشد موافي المشير طالبا منه عدم الاقتراب من هؤلاء الضبّاط، أو أن يمسّهم سوء؛ لأنهم أدّوا واجبهم على أكمل وجه، وهو ما اعترض عليه وبشدّة الأستاذ نجاد البرعي؛ قائلا: "إن أفضل قرار اتخذه المشير هو إحالة الموضوع برمّته إلى القضاء العسكري للتحقيق فيه"، وطالب البرعي المشير بأن يُتابع التحقيق بنفسه، وأن يقوم شخصيا بإعلان نتائجه.