في الوقت الذي تستعد فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة لتمرير التصويت الفلسطيني، تتعرض القيادة الفلسطينية لضغوط متزايدة للتخلي عن سعيها للحصول على عضوية كاملة في الأممالمتحدة أو تعديل هذا الطلب؛ فكل من كلينتون وبلير يحث على المفاوضات مع إسرائيل "المذعورة"، التي اعترف أحد دبلوماسييها البارزين بخسارتها في المعركة لمنع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحذّر من "العنف وسفك الدماء" في المستقبل. د.محمد اشتيه -العضو البارز في الفريق الفلسطيني الذي يتوجه إلى نيويورك الأسبوع المقبل- قال: هناك ضغط خطير جداً جداً علينا؛ ولكن في نهاية المطاف أبو مازن -رئيس السلطة الفلسطينية- ليس لديه خيار آخر، ولا يمكن لأحد أن يلومه؛ فعشرون عاماً من المفاوضات قد وصلت بنا إلى لا شيء. ووسط تكثيف الجهود الدبلوماسية لتجنب الأضرار المحتملة للصدام مع الولاياتالمتحدة، مجموعة من الوفود الدبلوماسية رفيعة المستوى زارت عباس خلال الأسبوع الماضي، كما اتصلت به هيلاري كلينتون -وزيرة الخارجية الأمريكية- لتناشده "تجنب سيناريو سلبي" عندما تفتح الجمعية العامة للأمم المتحدة جلساتها خلال أقل من أسبوعين. ديفيد هيل -مبعوث الرئيس أوباما لشئون الشرق الأوسط- ودينيس روس -كبير مستشاريه- سافرا إلى رام الله يوم الخميس، بعد يوم من زيارة توني بلير -مبعوث اللجنة الرباعية للشرق الأوسط- للرئيس عباس، الوفدان حثا على العودة إلى مفاوضات السلام مع إسرائيل، بدلاً من استراتيجية الأممالمتحدة. ومن جانبه علق اشتيه: القصد من ذلك هو منعنا من التوجه إلى الأممالمتحدة؛ مضيفاً أنه: ليس هناك شيء مكتوب أمامنا من اللجنة الرباعية أو الولاياتالمتحدة. اشتيه أصرّ على أن الفلسطينيين لن يتحولوا عن قرارهم ما لم يضمنوا أن المحادثات ستكون على أساس حدود ما قبل عام 1967؛ فضلاً عن تجميد الاستيطان الكلي، وتنازل إسرائيل عن الإصرار على قبولها كدولة يهودية. المسئول الفلسطيني أكد أن "القرار من جانبنا واضح جدا، ونحن نطلب الحصول على عضوية كاملة، وهذا الطلب كان بداية اللعبة وليس نهايتها؛ ولكن اعتراف الأممالمتحدة لا يستبعد معه العودة إلى طاولة المفاوضات، ونحن لا نرى أي تناقض في القيام بهما معاً". رون بروسور -سفير إسرائيل لدى الأممالمتحدة- قال إن بلاده "في معركة لوقف هذا المدّ"، وصرح لصحيفة معاريف الإسرائيلية: "هذا المسعى الدبلوماسي ضد كل الصعاب، وأنا أحاول حتى اللحظة الأخيرة لإقناع سفراء الدول الأعضاء في الأممالمتحدة أن ذلك المسار الأحادي من جانب الفلسطينيين لن يؤدي إلى السلام أو إلى إقامة دولة فلسطينية، ولكنه سيؤدي فقط إلى العنف وسفك الدماء". بروسور أضاف أنه "من الواضح لي أننا لا نستطيع الفوز في التصويت"؛ لأن الفلسطينيين حصلوا على أغلبية تلقائية في الجمعية العامة، وفي المقابل كانت إسرائيل تحاول بدلا من ذلك تعظيم "أقليتها الأخلاقية" في الهيئة العالمية. ويُعتقد أن الفلسطينيين سينجحون في الحصول على دعم نحو 140 دولة في الجمعية العامة، بما يتجاوز ثلثي الأغلبية المطلوبة لتمرير القرار؛ ومع ذلك يتطلب قبولها كدولة عضو لدى الأممالمتحدة موافقة مجلس الأمن، حيث أوضحت الولاياتالمتحدة أنها ستستخدم حق النقض (الفيتو). إدارة أوباما حريصة على تجنب استخدام الفيتو؛ خوفا من أن هذا التحرك سينفّر الدول العربية التي باتت علاقاتها معها هشة بالفعل في أعقاب الاضطرابات التي تجتاح الشرق الأوسط هذا العام؛ لكن أوباما أيضا حريص على إثبات موقفه الموالي لإسرائيل قبل التحضير للانتخابات الرئاسية العام المقبل. الشعب الفلسطيني أبدى "الدعم الكامل لهذه الاستراتيجية"؛ إلا أن استطلاعا للرأي صدر مؤخراً عن المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي في الضفة الغربية وقطاع غزة، أفاد بأن ما يقرب من 60% من المستطلَعين يفضّلون استئناف المفاوضات مع إسرائيل قبل التوجه إلى الأممالمتحدة. ومن جهة أخرى تستعد قوات الأمن الإسرائيلية لاحتجاجات عنيفة على نطاق واسع من قبل الفلسطينيين في وقت اجتماع الجمعية العامة، على الرغم من أن عباس قد حث على أن تكون المظاهرات سلمية، ويقر الجانبان بأن الاشتباكات قد تنجم عن الهجمات التي يشنّها المستوطنون اليمينيون.