رئيسة القومي للطفولة تبحث مع صندوق الأمم المتحدة للسكان سبل التعاون    بعد تشكيل الحكومة الجديدة.. رئيس الوزراء يعقد اجتماعا لحل مشكلة الكهرباء    شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا    أيمن سالم: نقابة الأطباء كانت عبارة عن مجموعة من عصابة شيطانية أثناء حكم الإخوان    «الإسكان الاجتماعي»: حملات متواصلة لضبط الوحدات المخالفة بأكتوبر والنوبارية    متأثرة ببيانات اقتصادية أمريكية.. ارتفاع أسعار الذهب والفضة عالميا    التموين تواصل صرف الخبز المدعم اليوم حتى الساعة ال 5 مساءً    4 يوليو 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    تداول 7 آلاف طن بضائع عامة بموانئ البحر الأحمر    عاجل| بدء أول اجتماع لرئيس الوزراء بعد التشكيل الحكومي.. لمناقشة هذا الملف    بدء التصويت في الانتخابات التشريعية ببريطانيا    متظاهرون إسرائيليون يغلقون طرق رئيسية في تل أبيب للضغط على حكومة نتنياهو    شرطة الاحتلال تفض مظاهرة لمستوطنين أغلقوا ممر طريق أيالون في تل أبيب    ارتفاع حصيلة ضحايا التدافع بولاية براديش الهندية ل123 قتيلا    بيراميدز يكشف موقفه من السماح للاعبيه بالانضمام للمنتخب الأولمبي    مفاجأة.. كولر يرفض اعتذار كهربا    مدرب الأرجنتين يكشف موقف ميسي من مواجهة الإكوادور    «كاف» يجري قرعة تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2025    لمواجهة الحر.. كيف يمكن تحسين تهوية المنازل ؟    بدء امتحان «التوحيد» لطلاب الثانوية الأزهرية 2024    كثافات في شوارع القاهرة والجيزة.. تفاصيل الحركة المرورية اليوم    تركت بيت أهلها.. تفاصيل مقتل فتاة على يد والدتها وشقيقها في كرداسة    عدد أسئلة امتحان الجغرافيا للثانوية العامة 2024.. اعرف المواصفات    «أهلاوي مجنون وزملكاوي مأصل».. خلاف يجمع بين كريم عبد العزيز وعمرو أديب    "اليوم السابع" يلتقى وزير الثقافة أحمد هنو فى مكتبه بالعاصمة الإدارية    رأس السنة الهجرية 1446: معانيها وأفضل الأدعية للاحتفال    نصائح للأمهات للتعامل مع الارتفاع المفاجئ بدرجة حرارة الأطفال    زيلينسكي يشكر الولايات المتحدة على حزمة المساعدات العسكرية الجديدة    انطلاق عمليات الاقتراع في الانتخابات التشريعية البريطانية    البابا تواضروس يرأس قداس رسامة 5 كهنة جدد للخدمة الروحية ب«كاتدرائية الإسكندرية»    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    خبير عسكري: الاحتلال الإسرائيلي يمارس الحرب النفسية على اللبنانيين    حزن في كفر الشيخ لوفاة طفلين شقيقين غرقًا بإحدى المزارع السمكية    وزير التعليم يعتمد نتيجة الدبلومات الفنية 2024 بعد تجميع النتيجة    ضغوط العملاء تجبر فولفو على التراجع عن وقف إنتاج طرازين من سياراتها    هيئة الدواء تحذر من عبوات مجهولة المصدر لعقار جليفيك 400 MG لعلاج أورام المعدة    توفيق عبد الحميد يكشف عن حقيقة تدهور حالته الصحية    متى وقت أذكار الصباح والمساء؟.. «الإفتاء» تكشف التفاصيل    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: كريم عبد العزيز ل عمرو أديب أنا أهلاوي مجنون بحضور تركي آل الشيخ .. مفاجأة من وزير التموين للمواطنين بشأن الدعم على البطاقات التموينية    ناقد رياضي: متفائل بالتشكيل الوزاري وأدعم استمرارية أشرف صبحي في وزارة الرياضة    «بي إن سبورتس»: الجيش الملكي يقترب من تعيين عموتة    فرنسا تسحب نوع "كوكاكولا" بسبب مخاطر صحية: لا تشربوه    6 نصائح للعناية بالأسنان والحفاظ عليها من التسوس    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    إصابة طفل وانهيار جزئي لعقار مجاور.. تفاصيل سقوط عقار بالحي القبلي في شبين الكوم    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    ميدو: المنتخب الأولمبي «بيشحت» لاعبيه من الأندية    «المصري اليوم» ترصد مطالب المواطنين من المحافظين الجدد    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    "مين كبر ناو".. شيكو يحتفل بعيد ميلاده    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    الكويت تعلن اعتقال مواطنين بتهمة الانضمام لتنظيم محظور    حدث ليلًا| موعد إجازة رأس السنة الهجرية وحالة طقس الخميس    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة الاستقصائية ... متى نعترف بها؟
نشر في بص وطل يوم 01 - 01 - 2014

يقول "ديفيد راندال": "هناك مذهب صحفى يستهزئ ويستخفّ بما يدعى (التقرير الاستقصائي) ولا يُقبَل حتى بوجوده، حيث يقدّم الحجة على أن العبارة خالية من المعنى، نظراً لأن التقارير الصحفية جميعها تحقيقات استقصائية، نتمنى لو كان ذلك صحيحاً، لكن بعض التقارير استقصائية فقط فى المعنى الأساسى للكلمة".
هذا الموقف بنسحب علي الوضع في مصر؛ فأثناء التطبيق الميداني لدراستي للحصول على درجة الدكتوراه حول الصحافة الاستقصائية واقعها وإشكالياتها في العالم العربي بالتطبيق على الصحافة المصرية، لاحظت تشدداً من جانب بعض النخب الإعلامية علي المستويين المهني والأكاديمي بأنه لا يوجد ما يسمّي بالصحافة الاستقصائية، فالعمل الصحفي هو عمل استقصائي بالأساس، ولكن الكتابات الغربية سواء الدراسات العلمية أو المؤلفات تعكس الاهتمام الغربي والاعتراف الأكاديمي والمهني بالصحافة الاستقصائية كلون متخصص يختصّ بالتنقيب عن الفساد والتجاوزات، من أجل ذلك خصّصت صحف وقنوات وحدات استقصائية متخصصة، وظهرت مؤسسات أهلية تدعم هذا اللون الجديد علي العمل الصحفي وخصّصت له الجوائز الدورية.
حتي علي المستوي العربي، بدأ مصطلح الصحافة الاستقصائية في الشيوع والانتشار، وظهرت مؤسسات عربية داعمة لهذا اللون من العمل الصحفي مثل شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية "أريج"، ورابطة الإعلاميين الاستقصائيين السودانية "سودانير"، وشبكة إعلاميون عراقيون للصحافة الاستقصائية "آيريج"، وخصّصت له جوائز دورية تُمنح سنوياً، بالإضافة إلي اتجاه العديد من الصحف والقنوات الفضائية في مصر وبعض الدول العربية نحو تأسيس وحدات متخصصة في الصحافة الاستقصائية، ومؤخراً انضم اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري إلي القائمة من خلال التنسيق مع شبكة "أريج" لتأهيل بعض العاملين في الإذاعات والقنوات التابعة للاتحاد علي أسلوب العمل الاستقصائي، كما أن معهد الصحافة وعلوم الأخبار بتونس شرع فى تدريس الماجستير المهني في صحافة الاستقصاء بداية من العام الجامعي 2013-2014 بالتعاون مع جامعات أجنبية.
هذا علي المستوي المؤسسي، أما علي المستوي الميداني، فنلاحظ اعترافاً بوجود الصحافة الاستقصائية، ولعلّ هذا ما دعا مدير عام وكالة الأنباء الأردنية (بترا) في محاضرة بإحدي الجامعات الأردنية إلي التأكيد علي ضرورة رفع سقف الحرية ولجوء الصحافة العربية إلي الصحافة الاستقصائية لكسب رضا القراء، ومسئول آخر في مصر في تعليق علي أحد التحقيقات الاستقصائية ردّد عبارة "يجب التعاون بين الإعلام والأجهزة الرقابية للكشف عن المخالفين"، فضلاً عن تعرّض العديد من الصحفيين الاستقصائيين للتهديد من جانب أصحاب المصالح والنفوذ، وفي مصر يثير أحد التحقيقات الاستقصائية لإحدي الصحف اهتمام مؤسسة الرئاسة وتكليف رئاسة الوزراء بالمتابعة، وفي الأردن أسفر تحقيق استقصائي حول دور رعاية الأطفال عن قيام ملك الأدرن بنفسه بزيارة هذه الدور وأمر رئيس الوزراء بالمتابعة ومحاسبة المذنبين، إلي غير ذلك من دعوات ومواقف نعتبرها مؤشراً علي الاعتراف بأهمية الصحافة الاستقصائية كلون متخصص في العمل الإعلامي، ومن ثمّ ينبغي التسليم به وإخضاعه للدراسة الأكاديمية للكشف عن معاييره وأصوله.
وإن كان بعض "المتشائمين" يرون أن وجود صحافة استقصائية في العالم العربي هي المستحيل الرابع إلي جانب المستحيلات الثلاثة "الغول والعنقاء والخل الوفي"، ويبرّرون ذلك بأن الصحافة في الوطن العربي صحافة عرجاء مُهيمَن عليها من قبَل الأنظمة العربية وتخضع للاحتواء الناعم، ولكن الواقع والدراسة الراهنة أثبتت توافر بدايات مبشّرة للصحافة الاستقصائية، وإن كانت هناك أخطاء من البعض، إلاّ أنها أخطاء البدايات التي يمكن تقويمها من خلال مزيد من الاهتمام بالتدريب والتأهيل، ويقع في ذلك جانباً من المسئولية -حسب تعبير يسري فوده- على أقسام الإعلام في الجامعات، وعلى المؤسسات الصحفية من خلال ما يمكن أن توفّره من إعداد علمي ومعنوي ومادي متوافق مع بيئة العمل الاستقصائي.
وهنا لا يمكن أن نُنكر أن مستقبل الصحافة الاستقصائية في مصر لا يزال مرتبطاً بمدي تفهّم قيادات الصحف أنفسهم واقتناعهم بجدوي التحقيقات الاستقصائية في ظل المنافسة في تحقيق السبق الصحفي وتقديم تغطية إخبارية مستمرة من ناحية، وما تتطلّبه هذه التحقيقات من تمويل مادي ودعم قانوني وتفرّغ المحرر من ناحية أخري، كما أن هذا المستقبل أيضاً مرتبط بالتشريعات الصحفية الملائمة لممارسة العمل الاستقصائي علي رأسها إقرار قانون الحصول علي المعلومات وتأمين حق الصحفي في الحصول علي المعلومات من الجهات والمؤسسات بما يخدم التحقيقات الاستقصائية التي ينفذّونها والتي تهدف في مجملها إلي الكشف عن التجاوزات والمخالفات وصولاً إلي الإصلاح والتغيير نحو الأفضل فى مختلف قطاعات المجتمع.
جانب آخر من المشكلة يكمن في أنه حتي لو أُتيحت للصحافة كل الوسائل من حرية الرأي والتعبير إلى غير ذلك، فإن بعض الصحف نتيجة سيطرة رأس المال وتغليب المصلحة الخاصة لبعض القيادات علي أخلاقيات المهنة تتعامل مع الأحداث والقضايا بانتقائية، وأحياناً يصل بها الأمر إلى الابتزاز، ما دامت تنقّب وتفضح وتكشف المستور، فلكي تنجح الصحافة الاستقصائية يجب أن تُصلح نفسها أولاً، فالقراءة الهادئة والمنطقية خارج العباءات الإيديولوجية والمذهبية تكشف عن غلبة طابع الشخصنة والانحياز الأيديولوجي على كثير من الصحف المصرية، إذ تحوّل بعضها إلى أبواق تعبّر عن مصالح وتوجّهات أفراد وجماعات من دون مراعاة للحد الأدنى الذي يقتضيه العمل الصحفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.