"المحفظة.. المحفظة.. المحفظة".. هكذا كنت أصرخ في أتوبيس 611 الذى استخدمه فى طريقى إلى عملى، فمنذ ان ركب معى شخص تبدو عليه ملامح "اللزاجة والسماجة" بنظارته السوداء المنقرضة منذ سبعينات القرن الماضى، وجريدة.. هى مال العملية بقت مملة كده ليه؟ خلاص شكلى هقضيها عامية. بصوا يا رجالة انا كنت راكب 611 ورايح الشغل والدنيا بايظة ومتأخر كالعادة والاقيلك واحد كده لزج بنظارة سوداء وماسكلى جرنال بيحاول يقرب منى بصراحة انا افتكرته "لمؤاخذة" قولت مش مهم ويا راجل كبر مخك هى مصر كلها بقت "لمؤاخذة"، يعنى لو فكرت بدماغه هقول إن الأتوبيس مفيهوش ستات والإنسان "دعيف". المهم حد قام لقيت ده بيجرى واصلا الدنيا شبه زحمة وراح خابط فرجلى وفضل لازق "هى الفخدة عجبتك يا ابن الهبلة".. واحدة ست قعدت فلا أنا قعدت ولا هو قعد.. بعدين مكان خلى قدامه وفضل واقف زى اللطخ، فأنا مش فى دماغى. ثانية ولقيتلك شلاليت كتيرة وبسرعة اوى فى قصبة رجلى اليمين، فزعقت اييييييييييه ولقيت الواد ماسك ركبته ومستمر وبيقولى "معلش شد عضلى شد عضلى"، وسط ما انا بزقه بعيد عنى لقيت الشنطة اللى بين رجلى اتزاحت لقدام وحسيت ان حد بيشدنى بحضن كده "يا سلام على حنان الأم". وابص الاقى الواد بقى واقف قصاد الكمسرى وعامل نفسه بيتألم "على أساس أن فى شد عضلى بيجي فى الركبة"، فبحسس على جيبي بدل ما لسة هحط ايدي جواه، وهووووووب المحفظة راحت فين يا ولاد ال%*@^. لقيتلك الواد اللزج ابو نظارة مدي ظهره وعامل فيها عبدو العبيط وبيبعد عنى نطيت على قفاه وايدي بتقلب في كل حاجة ومش شايف ودماغى قافلة والدنيا بتلف بيا ومش بردد غير كلمة واحدة "المحفظةةةةةةة المحفظةةةةةةة المحفظةةةةةة" لقيت واحد كان واقف بيننا بيقولى اهى المحفظة على الارض اهى.. يا ولاد الحرامية.. سيبت الواد واسترجعت المحفظة بفضل الله، وأتلم تنتون على تنتن ونزلوا من الأتوبيس. أنا متضايقتش من سلبية الناس بأن محدش تدخل ولا هزها وقام من مكانه أو من عم العبقرى اللى بيقولى أبقى حط الفلوس فى حتة والبطاقة فى حتة "على أساس انى عملت كده علشان البطاقة اللى مجددتهاش من ايام ثانوي" أو اللى يقولك تلاقيه عمل كده علشان لسة قابض "هى السرقة حلال فى نصف الشهر؟"، اتغاظت من حاجة واحدة بس: أن الحرامية دول بيركبوا كل يوم مع نفس الكمسرى وبيعملوا نفس الحركة مع ناس مختلفة ومفيش أى رد فعل.. مفيش حتى "احترس من النشالين من النشالين احترس"، السواق والكمسرى لوحدهم يقدروا يمنعوهم بس ميخافوش على العهدة ولا على نفسهم، يعرفوا أن أصلا عصر الخوف انتهى.. وجه الوقت اللى ننقله للحرامية. أنا هركب تانى 611 لأنى لازم اروح الشغل.. بس مش مضطر أنى أتسرق.. ومش هسمح لحد يتسرق بالطريقة دى خلاص عرفتها والحمدلله.. مش هستنى لحد أما الدولة توفرلى اللى يحمينى.. عمرها ما هتوفر ولا عمرها كانت بتوفر.. ممكن مكونش سوبرمان أو الأفضل فى العالم.. لكن أنا بطل نفسى.. وهتقمص شخصيتى لفترة طويلة.