سألتها بالأمس: لماذا لم تتزوجي إلى الآن، لديك كل المواصفات الجميلة التي يتمنّاها أي شاب؟!! قالت بابتسامة شاحبة: لم أعثر على فارس أحلامي إلى الآن! كلامها جعلني أقارن بين أحلام الشابات من جيلي.. وبين شابات هذه الأيام. استرجعت شريط الذكريات حين كانت الفتيات في السبعينيات من القرن الماضي يتخيّلن فارس الأحلام في صورة الفتى المثالي الذي سوف يهبط من السماء بفعل مصادفة مذهلة، حيث يقوم كيوبيد بقذف سهامه فيربط بين قلبيهما إلى الأبد، ليعيشا باقي عمرهما في تبات ونبات وينجبا الصبيان والبنات. هذا النموذج من الحب والزواج المثالي الذي كان يجمع في أفلام السينما المصرية بين فاتن حمامة وعمر الشريف، وسعاد حسني ورشدي أباظة، ولبنى عبد العزيز وعبد الحليم حافظ كان السبب وراء انتهاء معظم زيجات جيل السبعينيات بالطلاق. ما زلت أذهب إلى أماكن عديدة في القاهرة، حيث أتقابل مصادفة مع إحدى زميلات فصلي المدرسي، فأسألها عن أحوالها، لتأتي الإجابة شبه واحدة: مطلّقة لثاني أو ثالث مرة!! عدت لأسأل شابتنا الجميلة: وما مواصفات فارس أحلامك؟! ردت بثقة: أن يحبّني ويقْبَلني على ما أنا عليه قلباً وقالباً.. من المهم أن يحترم أمنياتي وأحلامي.. ينصت لكلامي.. أن يكون مرحاً محباً للضحك.. بعيداً عن الأنانية وعشق الذات. وأخيراً أن يكون ذا شخصية مسئولة تتمتع بالصدق والأمانة، وأن يحتويني بحبه وحنانه أنا وأولادنا. كلامها جلب القشعريرة في بدني، حيث بدأت أشم رائحة العنوسة أو الطلاق بعد زواج قصير، نتيجة لهذه الأماني المتخيلة في فارس الأحلام. كلماتها كشفت لي عن تطابق أحلام البنات عبر الأجيال مهما تباعدت السنوات، وأنها لا تزال في عداد المستحيلات رغم تفاوت الثقافات بين جيل أمي وجيلي، ثم من هن في أعمار ابنتي. سألتها إن كانت معظم صديقاتها يشتركن معها في هذا التصور عن فارس الأحلام.. ردت بعد تنهيدة طويلة: لكن الغالبية يقبلن الارتباط عن يأس واستسلام؛ لتعذر وجود مثل هذا النموذج من الشبان. عندما سألتها عن السبب وراء ندرة هذا النموذج في رأيها، ردت بأسي: أمّه هي السبب! فهمت مقصدها من هذا الاتهام، الأم تربي ابناً اعتمادياً اتكالياً لا يغادر سنوات الطفولة مهما كبر، عندما يفكر في الزواج يبحث عن فتاة شبيهة بأمه في سلوكها وطباعها ومعاملتها له. صرخت أمامي من غيظها: لا أريد أن أتزوج طفلاً في جسد رجل.. أريد شخصية مستقلة ناضجة.. مستعدة لتحمل مسئوليات الارتباط الزوجي وتفهم الحب على أنه هرم ثلاثي الأضلاع يشتمل على أطراف أخرى غيره. شعرت بإحساسها بالوحدة والاغتراب، الذي تشاركها فيه الملايين من الشابات. زادت قناعتي بمسئولية وسائل الإعلام، والتعليم المدرسي في نشر ثقافة التربية والتعليم الأسري، بداية من الأب والأم.. إلى الأولاد والبنات. عن المصري اليوم 27 أبريل 2010