أعلن أوباما نجاح قمة "واشنطن النووية" (والتي حضرها قادة 46 دولة على رأسها الولاياتالمتحدة المضيفة، وروسيا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند) والتي عقدها في الأساس لحشد دول العالمَ بما فيها الست الكبرى لإصدار قرار موحد بشأن إيران؛ حيث تفاقم إحساس العالم بشأن خطورة برنامجها النووي رغم تأكيدها بأنه لأغراض سلمية. وعلى الرغم من عدم وضوح الأسباب التي دفعت أوباما إلى القول بأن قمته قد نجحت بدون حتى أن يُصرّح بالقرارات التي اتخذت، فإن المتابع للقمة منذ البداية وحتى الختام يستطيع أن يستشف بنفسه لماذا رآها أوباما ناجحة؟!! فتعالَ لنلقي نظرة على تصريحات الدول الكبار بعد القمة لتدرك مدى نجاح القمة بنفسك.
الصين تعد بالمشاركة في صياغة قانون ضد إيران الصين بعد أن ظلّت الصين تقف موقف المساند لموقف إيران، وتُعارِض أي قرار تصدره الولاياتالمتحدة لتوقيع عقوبات على الجمهورية الإسلامية، إلا أن الرئيس الصيني "هو جين تاو" وعد نظيره الأمريكي باراك أوباما، أثناء اجتماع على هامش القمة بتعاون الصين في صياغة مشروع قرار العقوبات بعد أن ألحّ عليه أوباما بضرورة التحرّك العاجل ضد البرنامج النووي الإيراني. وقال البيت الأبيض تعقيباً على اللقاء إن الرئيسَيْن اتفقا على أن يبدأ الدبلوماسيون بالعمل على العقوبات المحتملة ضد إيران؛ حتى يتضح لها مقدار الثمن الباهظ الذي ستدفعه مقابل مواصلة تحديها النووي، ومن جانبه قال مساعد الأمن القومي بالبيت الأبيض "جيف بادر" إن الرئيسَيْن سعَيَا لإيجاد أرضية مشتركة في اجتماعهما، وأضاف أن "الصينيين مستعدون للعمل معنا".. وهذا على أساس أن مجرد اجتماع أوباما مع هو "جين تاو" يُعدّ دليلاً على وحدة دولية ضد إيران.
روسيا تريد عقوبات لا تضر بالشعب الإيراني روسيا من جانبه جدد الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف في ختام القمة تأييده لمبدأ فرض عقوبات دولية جديدة على إيران، على أن يكون هدفها منع انتشار النووي وعدم إلحاق الضرر بالشعب الإيراني. وقال "ميدفيديف" أثناء جلسة حوار في "معهد بروكينجز" بواشنطن إن إيران تتجاهل تساؤلات المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي. وأكد أنه لا يُؤيّد حظراً خانقاً يُمكن أن يضرّ الشعب الإيراني، مضيفاً: "ولكن إذا لم يحدث شيء سيتعيّن علينا استخدام العقوبات". ورهن التحرّك في هذا الاتجاه بأن تكون عقوبات "ذكية" "ودولية" لتحقيق هدف واحد، وينبغي أن تناقش مع الدول الرئيسية التي ستشارك فيها.
ساركوزي لإيران: للصبر حدود فرنسا أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قال إن "للصبر حدوداً"، وأن العقوبات بحق القادة الإيرانيين "قضية (ستبت) خلال الأيام أو الأسابيع القريبة المقبلة". وأضاف: "نحاول مع باراك أوباما استصدار قرار في مجلس الأمن الدولي حول أشد عقوبات ممكنة، إذا تمكنا من ذلك، حسناً، وإلا فعلى الولاياتالمتحدة وأوروبا وأطراف آخرين أن يتحمّلوا مسئولياتهم". وتابع ساركوزي "أنا واقعي.. الحل الأفضل هو وحدة مجلس الأمن، ولكن ليس إلى درجة (صدور) قرار ضعيف جدًّا لا يؤدي إلى شيء". ولك أن تعرف أن هذه التصريحات القويمة من جانب الرئيس الفرنسي جاءت في نفس الوقت الذي أكد فيه أنه لن يتخلّى عن السلاح النووي الذي يضمن أمن فرنسا، قائلاً: "لن أتخلّى عن هذا السلاح النووي الذي يضمن أمن بلادي، في شكل أحادي الجانب في عالم ينطوي على هذا القدر من الخطورة كما هو اليوم". وأضاف: لا أستطيع أن أتخلّى يوماً عن هذا السلاح إلا إذا تأكدت أن العالم بات مستقراً وآمناً"، لافتاً إلى أن: "الولاياتالمتحدة مثل فرنسا؛ فهما دولتان ديمقراطيتان ولن نستخدم أبداً هذا السلاح لمهاجمة أي أحد".
ميركل أكتفت بحديث مقتضب ولقاء جانبي مع أوباما ألمانيا كلمة ألمانيا جاءت من خلال المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" التي صرّحت قائلة: "ينبغي اتخاذ قرار سريع بشأن فرض عقوبات جديدة على إيران؛ بسبب برنامجها النووي".. (كلمة مقتضبة)، ولكن الحديث المطوّل بشأن الأزمة كان جانبياً مع أوباما على هامش القمة.
أبو الغيط: إيران قوة فارسية لها أطماع مصر أشار وزير الخارجية أحمد أبو الغيط خلال القمة إلى أن "إيران قوة فارسية، وليست عربية، ولها أطماع ومصالح في الخليج العربي، وتحتل جزراً عربية، وتُؤثّر في دولة مثل العراق، وكان لها حربها مع العراق ولها امتداداتها، وكان لها علاقات مع إسرائيل من عام 1950 حتى ثورة الخميني.
وبالتالي القنبلة النووية والقدرة النووية الإسلامية ده شيء غير موجود، الموجود هو قدرة نووية باكستانية للحفاظ على مصالح باكستان تجاه الهند، وقدرة نووية تعني الدفاع عن وضع ما لهذا البلد في هذه اللحظة من الزمن".
نتنياهو لم يحضر وأرسل وزير الاستخبارات إسرائيل على الرغم من إحجام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن المشاركة في قمة "واشنطن النووية" التي جاءت في ذروة أزمة دبلوماسية بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل على خلفية قضية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ فإنه أوفد مكانه الوزير المكلّف بشئون الاستخبارات "دان ميريدور". وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو أبدى قلقه من مشاركة عدد من الدول الإسلامية في القمة؛ مثل: مصر، وتركيا التي سبق أن أعلنت أنها ستمارس ضغوطاً على إسرائيل لتفتح منشآتها النووية أمام التفتيش الدولي.
أوباما لم يتعرض لبرنامج إسرائيل النووي الولاياتالمتحدة صرّح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه استهدف من خلال عقد قمة "واشنطن النووية" والتي استمرت يومين أنه يضغط من أجل عقوبات شديدة تكون لها عواقب على إيران في توقيت مناسب، في دعوة للمجتمع الدولي إلى التحرّك "بشجاعة وسرعة"؛ لفرض عقوبات جديدة ضد طهران على خلفية برنامجها النووي المثير للجدل. وقال أوباما -خلال مؤتمر صحفي في ختام القمة: "آمل أن نتقدّم بشجاعة وسرعة"، موضحاً أن عدداً كبيراً من أعضاء مجلس الأمن يعتقدون أن فرض عقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي هو الصواب. كما أكد أن "الولاياتالمتحدة لا تُحرز تقدّماً بمفردها"، و"الرسالة" التي وُجهت إلى طهران عبر التلويح بعقوبات مفادها أن "أمام إيران نهجاً آخر لسلوكه"، وهو غير النهج القاضي بتحدي المجتمع الدولي ببرنامجها النووي. جاءت تلك التصريحات -التي حاول أوباما أن تأتي مثالية- بهدف إرساء السلام وقيم العدل، في نفس الوقت الذي عبّر فيه عن أمله بأن تنضم إسرائيل إلى معاهدة حظر الانتشار النووي، رافضاً التعليق على موضوع الترسانة النووية التي لم تقر الدولة العبرية يوماً بامتلاكها في شكل علني، الشيء الذي رحّبت إسرائيل به، وبان أوباما ملتزماً بموقف الولاياتالمتحدة بخصوص سياسة "الغموض" التي تتبعها الدولة العبرية حيال مسألة التسلح النووي.
نجاد سيكتب رسالة سلام لأوباما إيران في الوقت الذي احتشد فيه العالم ضد إيران بقيادة أوباما (الذي أراد أن يُقنِع نفسه أولاً ومنتقديه داخل الولاياتالمتحدة ثانياً بأنه قادر على أن يضع حدًّا للتهديد النووي الإيراني) صرّحت إيران على لسان رئيسها أحمدي نجاد أن الجمهورية الإسلامية ستردّ بإيجابية إذا غيّرت الولاياتالمتحدة سياستها نحو طهران.. في تصريحات يمكن أن تشير إلى تغيّر في الاتجاه قال أحمدي نجاد إنه يعكف على صياغة رسالة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وقال نجاد للتليفزيون الإيراني: "فيما يتعلّق بإيران نحن لا نسعى إلى أي مواجهة مع الولاياتالمتحدة". وأضاف قائلاً: "نحن مستعدون للحديث والتعاون مع الولاياتالمتحدة إذا تم احترام حقوقنا". يأتي هذا في نفس الوقت بعد يوم واحد من تقديم بلاده شكوى رسمية إلى الأممالمتحدة؛ بسبب ما أسمته تهديداً أمريكياً لمهاجمتها بأسلحة ذرية متهمة واشنطن بالابتزاز النووي في خرق لميثاق المنظمة الدولية. ولا تتصوّر أن إيران وهي تبعث برسالة سلام إلى أوباما وهو منتهٍ لتوّه من حشد العالم ضدها أنها تخلّت عن التهديد المضاد، فقد صرّحت على لسان قائد القوات البرية في الجيش الإيراني العميد "أحمد رضا بوردستان" أن إيران ستستهدف جميع مصالح العدو -الذي لم تُحدده- بالمنطقة في حال تعرّضها لهجوم، معرباً عن ثقته بقدرة الجيش الإيراني على مواجهة أي تهديد يستهدف البلاد، قائلاً: "إن هذا الأمر ليس شعاراً، بل هو حقيقة نظراً لقدرات إيران". التقِط أنفاسك الآن.. فالقمة انتهت، ومواقف الدول الكبرى والصغرى قد حُسِمت، وأصبحت الولاياتالمتحدة بقيادة أوباما تضمن الجميع معها في موقفها ضد الجمهورية الإسلامية حتى مَن كانوا بالأمس في صف إيران أصبحوا الآن ضدها بما فيها الدول العربية ممثلة في مصر، والأردن التي حضر عاهلها بنفسه لقمة واشنطن، ووقف بجوار أوباما في صورة تذكارية مبتسماً من ابتهاجه أنه شارك أوباما في صياغة قرارات خطيرة لم تُعلن بعد.. ولكني أعتقد أنك تعرف ما هي!! ولست محتاجاً إلى مؤتمر صحفي يعقده أوباما ليُعلن على الملأ كلمة العالم الأخيرة بشأن إيران!!